وعد ’ترامب’!
بقلم / إيهاب شوقي*/ العهد الاخباري
على غرار وعد بلفور الذي اعطى به من لا يملك من لا يستحق، يبدو ان ترامب قد وعد هو الاخر بوعد جديد اطلق عليه اعلاميا “صفقة القرن”.
ارثر جيمس بلفور لم يكن صهيونيا بل يقول التاريخ انه عندما تولى رئاسة الوزراء كان معاديا لليهود ولكنه بعد تركه رئاسة الوزراء وتوليه الخارجية في حكومة ديفيد لويد جورج اصدر وعده لقناعته بالدور الوظيفي الذي ستلعبه الدولة الوليدة لصالح الاستعمار وتحديدا بريطانيا.
ترامب كذلك ليس من المحبين لليهود وفقا لتقارير معتبرة تفيد بأن اليمين المسيحي الاميركي المتشدد يتمركز في مجموعات التفوق العرقي البيضاء، ويتوزع اليمين المتشدد على مجموعات مثل “النازيين الجدد” و”كو كلوكس كلان” وغيرهما.
وان مجموعات التفوق العرقي للبيض المسيحيين هي الأقرب لترامب، وهذه تكره كل الشعوب من غير البيض، مسيحيين ام لا، وفي صدارة لائحة الكراهية لدى البيض العنصريين الاميركيين، تأتي المجموعات المسماة سامية، أي العرب (مسيحيين ومسلمين) واليهود.
ولكن ترامب ايضا وجد في اللوبي الصهيوني وفي الكيان دورا وظيفيا لخدمة الاستعمار وتحديدا الأمريكي.
ويبدو ان وعد ترامب الجديد هو “اسرائيل الكبرى” وتنفيذ كافة المخططات التي تؤمن ذلك والتي حققت اجزاء كبيرة من اهدافها ولم تحقق اجزاء اخرى هامة عرقلت المشروع بفضل محور المقاومة.
خطط كالطوق النظيف تحقق منها الكثير باستنزاف جيوش الطوق العراقي والسوري والمصري، والأهم من ذلك مشروع التقسيم الذي هندسه برنارد لويس والذي يتراوح بين التقدم والتقهقر الا أن التحركات الجيوسياسية تفيد بأنه قائم وهناك سعي لإتمامه!
في عام 2008 نشرت مجلة The Atlantic خرائط نشرتها ايضا مجلة القوات المسلحة للجيش الأمريكي عام 2006 تعد قريبة جدًا من خريطة عوديد إينون.
وعوديد اينون هو باحث صهيوني كتب مقالاً بالعبرية عام 1982 وعنوانه: “إستراتيجية إسرائيل في الثمانينيات” أو الخطة “A”
وأفادت المجلة أن القادم سيكون تفتيت تركيا ولبنان ومصر وليبيا والسودان ثم الانتقال إلى شمال افريقيا، وباكستان، لتكون إسرائيل قوة احتلال إقليمية بعد تشظية الدول العربية والإسلامية.
اما الخطة “B” فقد تحدث عنها الباحث تشوسودوفسكي، وتقضي هذه الخطة بإنشاء دويلات وكيلة proxy states بإدارة إسرائيلية مركزية عن بعد.
اي ان “اسرائيل الكبرى” والتي حدودها من النيل للفرات تتحقق بإحدى وسيلتين، الاولى بتفتيت ما حولها والثانية بالسيطرة على حكومات ما حولها، وفي كلتا الحالتين تكون “إسرائيل الكبرى” قد تحققت، وما نراه في الواقع مزيجا بين الحالتين وسيرا متوازيا بمشروع التقسيم وكذلك بزرع عملاء في حكومات الجوار.
الحاصل ان هناك اخبارا غير سعيدة لمن يضعون ايديهم في يد ترامب ويهرولون للتطبيع والسلام الدافئ، ومفادها ان اوطانهم مستهدفة بالخطة، فسيناء على “لوحة التنشين” وفلسطين مطلوب ابتلاعها بالكامل وتشريدها بين الاردن الذي يخطط لتصفيتها وبين سيناء والسودان يجري تقسيمها على قدم وساق وليبيا وضعها مثالي للتقسيم.
ومصر ليست سيناء المستهدفة فقط وانما يراد لها ان توجد فيها دولة قبطية ودولة نوبية اضافة لدولة مسلمة.
وتركيا كذلك يراد لها التقسيم وانتزاع دولة كردية منها تضم لكردستان العراق.
والعراق يخطط لفتنة به جديدة بعد تحرير الموصل بموجبها ينقسم لدولة سنية واخرى شيعية اضافة الى الكردية.
واليمن يراد الغاؤه وضمه لدولة جديدة تشكل خبرا سيئا للسعودية.
اما الخليج فحدث ولا حرج، فالمراد تصفيته تماما وتصفية حدوده ورسم جديد لجغرافيته، فالمراد الغاء دول مجلس التعاون الخليجي كاملة.
نعم وعلى القارئ استعادة خطط برنارد لويس والتي من نصوصها: إلغاء السعودية والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة العربية ثلاث دول فقط:
1: دولة الإحساء وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين والجزء الشرقي للمملكة السعودية
2: دولة نجد
3: دولة الحجاز والتي سيلحق بها اليمن.
ان نظرة متأملة على الازمة الخليجية ربما لا تستبعد الفخ الذي وقعت به الدول، ونظرة لممارسات الارهاب وانتقاء تمركزاته وممارساته العرقية والمذهبية ونتائجها كفيل بأن يعطي وجاهة للمؤامرة.
ان “اسرائيل” التي يتم تطهير تاريخها عبر إبطال حجج مصر والعرب في الحروب معها، مثل ابطال مشروعية اغلاق خليج العقبة باعتباره تعديا من مصر التي اغلقت خليجا دوليا لان “تيران وصنافير” ليستا جزيرتين مصريتين، وهو ما يعطي “اسرائيل” مشروعية الدفاع عن نفسها ورد العدوان وتأديب مصر لانها عملت عملا مخلا بالقانون الدولي!
كذلك ما تسرب من ان الحكومة المصرية قالت للبرلمان ان سيناء لم تكن تابعة لمصر وهو ما يعطي “اسرائيل” مظلومية في حرب السادس من اكتوبر 1973 باعتبار مصر اعتدت عليها لاسترداد ارض لم تكن لها!
وهذه الهرولة للتطبيع التي سيتم اختراع اسانيد دينية وهابية لتسويغها ومباركتها ستمهد الارض والشعوب لتقبل “اسرائيل الكبرى”، ناهيك عن عملاء “اسرائيل في الحكومات.
فقط هي المقاومة التي عرقلت وستعرقل هذا القيام ولذلك تقام الاحلاف ضدها من ترامب والصهاينة والحكومات الوكيلة في مشروع “اسرائيل الكبرى” التي تمثل وعد “ترامب”!
* كاتب عربي من مصر