الخبر وما وراء الخبر

هكذا يحسِمُ القرآنُ الكريمُ الخلافَ بين المسلمين

292

يحاولُ اليهودُ أن يرسخوا في أذهاننا.. أن واقع الأمَّة الـمُهين.. سببهُ الدين!!

ألقى الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- من 28/5 إلى 3/6/2003م سبع محاضرات ــ ملازم ــ رائعات جداً -حُقَّ لها أن تُكتبَ بماء الذهب-يشرح فيها كتاب (مديح القُـرْآن) للإمام القاسم بن إبراهيم عليه السلام، قال عنه الشَّهِيْدُ القَائِدُ: [كتاب هو من إمام كبير من أئمة أهل البيت، الزيدية متفقون عليه، هو مشهور عندهم جميعاً، وكتابته بالطريقة التي تكشف كيف رؤية أهل البيت، وتوجه أهل البيت الأصلي، قبل تجي أشياء أخرى]هذه المحاضرات كلها تحكي عن القُـرْآن، وكيفية الاهتداء بالقُـرْآن، وكيفية طرح القُـرْآن للقضايا، ومنهجية القُـرْآن في كُلّ شيء.. وتقرير هذا العدد من الدرس الخامس منها..

من المفاهيم المغلوطة:ـ

الاعتقاد بأن التحدّي بالقُـرْآن يشمل الجانب (البلاغي) فقط:ــ

تطرق الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- في الدرس الخامس من دروس (مديح القُـرْآن) لمفهوم مغلوط عند الناس وهو التركيز على إعجاز القُـرْآن في الجانب البلاغي الفني، وتركهم لإعجازه في بقية الأشياء، حيث قال: [فعندما يقول: {بمثله} دائماً كلمة بمثله, بمثله هي تحمل على ماذا؟ على الجانب البلاغي, الجانب الفني, أليس هكذا؟ قل له: خلاص, لا أنت, ولا أنا, ما زلنا عرباً, لكن نحن وأنت ربما لدينا قدرة في موضوع نظام للحياة أكثر مما كان لدى العربي الأول, وأنتم أصحاب حضارة, وأنتم كذا.. طيب هات منهجاً للحياة مثل هذا, ولو انجليزي, خلي عنك أن أقول لك: عربي فصيح, هات منهج للحياة مثل هذا القُـرْآن, في واقعيته, في سعته, في صدقه, في حقائقه. لا تستطيع أبداً, لا تستطيع أبداً, لو لم يكن نصاً عربياً, لو لم يكن نصاً عربياً! اكتبه انجليزي, انجليزي.. ما هي البلاغة عندنا؟ لا يوجد إلا بلاغة تعجز, يعني عندك كفاءات بلاغية ستعجز. طيب أنت عندك قدرات تنظيرية ستعجز, أنت عندك مثلاً قدرات تربوية, رؤى تربوية ستعجز. والميدان لتجليات العجز هي الحياة هذه, تجليات العجز هي في هذه الحياة, في الأخير ينكبه الواقع, ينكبه الزمن, ينكبه كذا.. ولهذا نقول: لا يأتي مثلاً عندنا مجلس النواب بعد أربع سنين, ست سنين, ويدخلون ويستعملون القوانين مما قد مشت ويعدلونها من جديد! وهكذا, وهكذا. مع أنهم يخرجون من المجلس ما قد استكملوا تعديلات القوانين الأولة!].

التحدي بأن يأتوا (بمثله).. هو تحدٍّ لكل زمان ومكان:ـ

وفي ذات السياق أكد -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- على أن التحدّي للبشر بأن يأتوا بمثل القُـرْآن الكريم لم يكن مقصوراً على كفار قريش والعرب في ذلك الزمان فقط!! وإنما هو تحدٍّ للبشر في كُلّ زمان ومكان، حيث قال: [عندما نقول: الذين كانوا فصحاء وبلغاء عجزوا ذاك اليوم, وقد ظهر لنا أنهم قد عجزوا إذاً فقد هي حجة عليكم أنتم الذين في هذا الزمن. هذه ليست مقنعة, لا يقتنع بها الإنسان, بهذه نهائياً, ولا هو منطق هذا, ما هو منطق. لو يأتي يقل لي هو بمنطق على هذا النحو ما أنا مصدق له هو, يكون عنده عجزوا الناس ذاك اليوم, ما استطاعوا يعملوا مثله, ونحن نقول لكم أنهم عجزوا؛ لأننا الذين ننقل لهم الخبر, أنهم عجزوا, أليس هكذا؟.. ونقول لهم: لو كانوا جاءوا بمثله لكان ينقل.. نقول لهم: أنتم تواطأتم جميعاً, ما تركتموه يمشي, أليس بالإمكان أن نقول هكذا؟ ناس جاءوا بمثله, ما رضيتم تتركوه يمشي؛ ولهذا لما كانت هذه ثغرة رجعوا قالوا أصحابنا لو كان.. لنقل لكثرة الدواعي إلى نقله, بل ربما نقل أكثر من القُـرْآن, بل كذا.. الخ.. أليست حَنْبَة! وقعوا في حَنْبَة؟ يا أخي {مثله} في أي زمان, ومكان, وتفهم ماذا يعني مثله, بكل ما في رأسك, وبكل ما لديك من مؤهلات, بمثله. لكونه نظام للحياة, نظام للحياة, ومنهج لبناء الإنسان, وبناء الحياة على أرقى مستوى.. ما يستطيعوا أن يأتوا بمثله على الإطلاق؛ لهذا فهي نقطة ضعف لدينا, أن يكون واحد فاهم فقط يعني في الجانب البلاغي, ثم في الأخير تلجم فيما بعد].

يجب أن نفهمَ القُـرْآن.. لكي نقدِّمَهُ قوياً:ــ

ولفت -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى نقطة في غاية الأهمية وهي: ضرورة أن يُلِمَّ الإنسان بالثقافة القُـرْآنية ومنهجية القُـرْآن بشكل كبير، وأن يفهم واقعه، وواقع أعداءه، لكي يستطيع أن يرد على أي مذاهب أو نظريات، ويُفَنِّدها بقوة واقتدار، حيث قال: [إفهم القُـرْآن أنت, يتفهم الناس القُـرْآن هم, ويتفهمون كيف كان واقع الحياة بالنسبة للآخرين, هذه القضية هامة, يتفهمون واقع الحياة التي نحن عليها, والتي عليها الآخرون, أصحاب نظريات كثيرة, وفلسفات كثيرة, وثقافات كثيرة, كيف أصبح واقع حياتهم.. هذه قضية تعطي ثقة قوية جداً بالقُـرْآن, وتجعلك فاهم إذا ما قلت للآخرين: هات لي انجليزي, أو فارسي, وليس بالنص العربي, منهج للحياة مثل هذا المنهج الذي قدمه القُـرْآن الكريم, وتعال أنا وأنت نستعرض واقع ما لديك. تستطيع تفند واقع ما لديه قبل أن تدخلوا في موضوع القُـرْآن, تفند ما لديه من خلال تجليات آثاره في الحياة.. قضية هامة جداً].

القُـرْآن.. بريءٌ من تخلفنا.. براءة الذئب من دم يوسف:ــ

ونبَّه -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى ما حاكهُ ويحيكه اليهود من تشويه للدين، وتقديمه بأنه دين (متخلف)، لا يصلح منهجا للحياة، ومحاولاتهم الجادة والكبيرة لترسيخ هذا المفهوم في أوساط الأمة، حتى ظهر فعلا من أبناء هذه الأمة (فصل الدين عن الدولة)!! حيث قال: [يجب أن لا يترسخ في الذهنية ـ لا عندهم ولا عندنا ـ أن ما نحن عليه من سوء هو واقع دين، لأن هذه ضربة رهيبة, هذا واقع باطل حُسِبَ على الدين وليس من الدين في شيء نهائياً, بل حرب للدين. فهو شاهد على أن الدين صحيح, ابتعدنا عنه فكنا على هذا النحو. أما إذا الناس [متساهين] مثلما يعمل الكثير [متساهين] هكذا, وهم هناك مدبلجين الموضوع, هم مركزين على النقطة هذه: شهادة الواقع على بطلان النظرية.. هي قضية أساسية. يقولون: لاحظوا كيف أنتم كذا, وأنتم, وأنتم, وأنتم, دينكم هذا ليس بشيء!. يا أخي هذا ليس هو الدين, هذا الذي صنعه أصحابكم زمان, يوم دخلوا مع بني أمية ينظِّرون لهم.. هذا الذي عمله أشباه اليهود من زمان, قدموا لنا باطلاً, جعلوه بهذا الشكل. الدين شيء ثاني هو: القُـرْآن. وواقع حياتنا الذي نحن عليه هو ما صنعته ثقافتكم أنتم يوم دخل كعب الأحبار وأمثاله. فنحن فيما نحن عليه من سوء شاهد على سوء ما لديكم, أي سوءكم أنتم؛ لأن الإسْلَام ما اشتغل ولا مرة, ما قد اشتغل إلا مرة واحدة في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله), جانب محدود منه, وفي فترة قصيرة, أيام الإمام علي (عليه السلام) ما أتاحوا له, كم أربع سنين وستة أشهر تقريباً؟ فترات محدودة هكذا, ما ترك القُـرْآن يشتغل, لكن أنت تشتغل الآن تتفهم واقع ما لديهم, وواقعك هذا نفسه السيئ تحسبه عليهم, ويكون عندك قدرة أن تبرهن على أن تحسبه عليهم].

القرآنُ الكريمُ يحسِمُ تماماً الخلافَ بين الناس ومتى ما أطروا الدين بأطر وَثقافة معينة وَمفاهيم مغلوطة في تناول الدين يصبح الكتاب بالشكل الذي لم يعد يحسم الموضوع فيما بينهم؛ لأن كُلّ واحد قد صار لا يتناوله على أساس ليحسم موضوع الخلاف

المتمسكون بالثقافات المغلوطة.. يقدمون شاهداً قوياً للأعداء على خطأ هذا الدين!!

وتحدث -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- بقلب يملؤه الألم عن الخطأ الفادح الذي يقع فيه أبناء الأمة، وكيف أنهم يسيئون إلى القُـرْآن ــ من حيث يعلمون أو لا يعلمون ــ ويُقدمون الشواهد للأعداء على أن الإسْلَام لا يصلح أن يكون منهجاً للحياة، وصنفهم -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- إلى نوعين:ــ

النوع الأول:ــ دين الأهواء

يريد أن يكون الدين على مزاجه وكيفه!! فقال -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- عن هذه النوعية: [يأتي شخص من الناس يكون مهتم هو بنفسه أنه يكون الدين على هوايته, ومزاجه هو, أو يجعل من الدين مبررات لضعفه, وقعوده, وإعراضه.. أليس هكذا يستخدم؟. ويكون مرتاح!. طيب لا ترتاح, هل تدري ماذا تعمل؟ أنت تقدم شاهداً رهيباً على خطأ هذا الدين, إذا كان هذا هو الدين؛ لأن الآخر سيرى مثلك وأمثالك, ويرى مثلك وأمثالك ويقول ماذا؟ لاحظوا الدين ماذا يعمل؟! الذي عنده الروحية هذه, أليس هو سيقول الدين فعلاً؟ فيكون هو شاهد للكفر, شاهد للباطل, شاهد للكافر على دعواه في بطلان دينه؛ لأنه في الأخير يستطيع أن يبرهن له بأنه فاشل.. فالذي عنده الروحية هذه, مثلاً شخص [منخِّط, نخيط عنده] ويريد يكون الإسْلَام موافق لرؤاه, وكل شيء يسير على رأيه, يبرر له شرعية أن يتحرك وفق رؤاه, أليس هكذا؟ وكأن ما في الدنيا إلا هو, وكأن الدين ما نزل إلا له هو.. طيب من أول ما تفهم أن هذه حالة التي تفترضها لك وتفترضها للآخرين, أليست تؤدي إلى رؤى متباينة؟ وتؤدي إلى تفرق الناس, حتى لا تبتني أمة. إذاً فأنت تشهد على أن الدين هذا إذا كان هو الدين دين لا يبني أمة, ولا يصنع نظام الحياة, يقدم رؤى متباينة, وأن الديمقراطية أفضل منه تطلع! أليس هكذا؟ على أساس الطبيعة هذه]..

النوع الثاني:ــ القاعِد والمتخاذل

من يؤثر السلامة والقعود والتخاذل على الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وقد تحدث -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- عن هذا النوع فقال: [شخص آخر يريد لا يلزمه شيء ما يريد يتحرك [و ما له دخل وما يلزمني] الخ. أليس هكذا أيضاً؟ دينك هذا أيضاً لا يعمل شيء للناس في حياتهم, ولا يحل إشكاليات, ولا يوجههم لما يدفع عنهم إشكالية معينة, لا إشكالية لا داخلية, ولا خارجية, لا إشكالية في واقع حياتهم: اقتصادية, ثقافية, وغيرها, ولا تأهيلهم لمواجهة مشكلة كبيرة متجهة إليهم! ما دينك هذا باطل؟!. في الأخير يكون هذا النوعية الذي يغرق في ذاتيته, ولا يريد يتحرك, يطلع الدين مبرراً له!!]

وأضاف أيضاً: [والنوعية الأخرى الذي هو ملان [نخيط] يطلِّع الدين عبارة عن ماذا؟ وسيلة تمزق, ووسيلة لأن لا يكون له رأي واحد في شيء, ماله رؤية واحدة في شيء, فيكون هذا النوع يقدمون للعدو شهادة على بطلان دينهم؛ ولأنهم هم سيقولون دين, هذا هو الدين].

مثال:ــ يوضح الآثار السيئة المترتبة على ما فعله النوعان السابقان:ــ

خداعُ الغرب لنا بــ(الحرية، والديمقراطية، والتعددية]!!

وضرب -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- مثالا يوضح به أن المسلمين عندما (شرعنوا) تعدد الرؤى والاختلاف، أقبلوا على مذاهب ونظريات عرضها (الغرب) على الأمة، وتمسكوا بهذه المذاهب، حيث قال: [الآن لاحظ: أليس بعض الناس يقول وفق المنطق الغربي السائد الآن: الحرية, وحرية الرأي, والتعددية؟ هي هذه, هي ليست إلا مؤقت, في الأخير هم يقلبوا عليها, وأنت كنت تسير على أساسها, وأنها هي ما يتطلبه العصر, ومسايرة العصر, والعصر هذا هو عصر الحضارة والتقدم!.. هي خدعة هذه بكلها أساساً, هي خدعة. في الأخير يقلبوا, عندما يقلبوا هم يقول لك: الرؤى المتعددة المتباينة, أي نظام يسمح بتعددية وتباين, وحرية صحافة, وأشياء من هذه هي كلها غلط, سيقول لك: غلط, وحصل منها كذا وكذا؟.. سيقول: نعم, صحيح, صحيح أليست هذه هي باطلاً؟ يستطيع يقول لك في يوم واحد, يوم واحد يستطيع يقدمها لك كلها باطلاً.. وفي الأخير يقدم ما كنت تفتخر به, وعندك أنه هو الطريقة, أن [ما بِلاّ هو خلاّك تقول هكذا وتسير عليها, وهو مجهز نفسه] وفي الأخير تقدم له شواهد على بطلان مسيرتك كلها, وفي الأخير لا تعد ترى إلا هو, لا تعد ترى إلا هو في الأخير, ويدخل [اليهودة] بقناعة, وتقبُّل حكم يهودي عالمي بقناعة, أليس هكذا؟].

{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} ما هو الاختلاف هنا؟؟

وأجاب -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- على هذا السؤال الذي قدَّمه للحاضرين فقال: [هنا الاختلاف ليس متعلقاً بالنص.. إنما في ما يؤدي إليه؛ لأنه هل القُـرْآن مثلاً عبارة عن كلمات واحدة مكررة؟ الحمد لله, الحمد لله, الحمد لله.. إلى آخرها. فيقول: لو كان من عند غير الله لطلع بينه [سبحان الله] أو [أعوذ بالله] لا, ليست بالشكل هذا.. هنا أنت تراه كلاماً, أليس كلاماً؟. لو أتصور اختلافاً فيما يؤدي إليه.. أليس فيما يؤدي إليه, فيما يهدي إليه, فيما يقدمه, فيما يرشد إليه.. فالتناقض هنا والاختلاف هنا مرتبط بالمعنى, يعني مرتبط بما يهدي إليه, وليس بنفس النص, بما يهدي إليه, بما يرشد إليه, يعني من يرشد هنا إلى شيء, وأرشد هناك إلى شيء, ويكون هذا وهذا متضادين أو متضاربين].

مثال توضيحي:ــ

مبدأ: [العَرْض على القُـرْآن]:ــ

وضرب -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- مثالاً توضيحياً لما سبق فقال: [لاحظ مثلاً في حديث العرض.. حديث العرض ما يشتغل حديث العرض نفسه إلا بحركة القُـرْآن, مع حركة القُـرْآن, وإلا فقد تأتي أشياء مثلاً قد أجد حديثاً ما أرى أنه معارض للقرآن لأني ما رأيت الجانب الذي يمكن أن يطلع فيه معارض له, لكن في حركة الحياة, يعني هذا جانب واسع؛ لأنه عندما يقول في الحديث: (فاعرضوه على كتاب الله) هل معناه تعرض النص على النص تجده متعارض؟ هذه قد تكون حالة نادرة هذه, لكن فيما يؤدي إليه هذا, ويكون مختلف مع ما يؤدي إليه القُـرْآن أو آية من القُـرْآن, أليس هكذا؟.. أحياناً, أحياناً مثلاً ما يظهر أن هذا الحديث هو مباين لمقصد قرآني, لمنهج قرآني إلا من خلال حركة الحياة, يعني حركة الناس على أساس القُـرْآن في الحياة فيتجلى, إذا أنت تجلس فلن تستطيع تعرض إلا الواضحات, الواضحات مثلاً, مثل: [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي] وأشياء من هذا القبيل, أما أشياء كثيرة, مثل هذا الحديث في كتب الترغيب والترهيب, بأن من أمتلك أكثر من قوت يومه نقص من أجره مثل ذلك يوم يلقى الله!.هذا بيرووه في [كنز الرشاد] وغيره.. طيب مثل هذا عندما ترجع إلى القُـرْآن الكريم تجده يحث على الإنفاق في سبيل الله, تجده يقدم للإنسان التزامات مالية أكثر من موضوع معدته. قدموا في كتب الترغيب أن المشكلة هي المعدة! أنت لا تنشغل بالمعدة فحاول أن تحصل على قوت يومك فقط!. طيب في الإسْلَام ما المشكلة هي المعدة؟ ما قدم المعدة, هناك التزامات مالية أخرى كثيرة, التزامات مالية أخرى غير المعدة: الإنفاق في سبيل الله, في أعمال البر, مجالات واسعة, قدمها.. إذاً فكيف يمكن أن تجد القُـرْآن الكريم في منهجيته يربط جوانب كثيرة بالجانب المالي, الجهاد مثلاً مرتبط بالجانب المالي, النصر لله, بناء أمة, كلها مرتبطة بجوانب مالية. فكيف يأتي هناك يشجع المؤمنين على أن لا يهتم أبداً, ولا يحاول يحصل من الدنيا على شيء أبداً إلا إذا قد معه لقمة ويكفي, وهو المؤمن المخلص!؟.. طيب المؤمن هذا ما باستطاعته يقدم شيئاً في الواقع, ولا يعمل شيئاً. أليست هذه منهجية متعاكسة؟ هذا سيرسخ شيئاً يختلف عما يريد القُـرْآن منا].

المصدر : صدى المسيرة