الخبر وما وراء الخبر

إعلامُ تصيُّــد الزلات

186

بقلم / أيمن محمد قائد

إنني على قناعة أن إعلامَنا قد نَزَع مفردة الاحترام من قاموسه.. فهل سنتحلى نحن بقليل من هذا الاحترام لهذا الضيف الكريم.. وهل سنقاطع كُلّ ما من شأنه بَثّ سموم الكراهية والعنصرية بما يعزّزُ احترامَنا لشهر رَمْضَـانَ الفضيل؟!

في الوضع الراهن نحنُ بحاجة إلى برامج توعية تؤلّف بين قلوب الناس من بعد أن زاغت قلوبُهم وتفرّقت بفعل الحرب، والمشاكل الاقْتصَادية والسياسية‘ لكن البعضَ يأبى إلا أن يفاقم التفرقة بإنتاج برامجَ ساخرة تزيدُ من حالة الاحتقان!

أَصْبَـحَ الشغل الشاغل لمنتجي المسلسلات والبرامج الدرامية هو تصيد زلات الآخر لتكون مدخلات لمادة درامية ناقدة لشن حملات السخرية والاستهزاء؛ لخلق حالة من النصر على اعتبار الطرف الآخر عدواً مبيناً.

متى سترتقي الدراما اليمنية، بشكل تلمس فيه بمضمونها، ما يعزز احترامنا لشهر رَمْضَـانَ الكريم؟!

فلو أنهم استغلوا مجهودَ إعداد البرامج وميزانيتها المالية الباهظة في إنتاج برامج هادفة لِلَمّ الشمل بسيناريوهات توعوية وبرامجَ هادفة لمعالجة التمزق الاجْتمَاعي المتفاقم من جراء مخلفات آلة الحرب لَكان خيراً لهم.

لكن البعضَ تجاوز معايير النقد الساخر بمبالغة مفرطة إلى حد يمُسُّ بالمحاور السيادية والدينية بشكل مهين يعكس صورةً سلبيةً للمشاهد عكس الواقع المعاش للقضية محور النقاش، بعيداً كُلّ البُعد عن الأُسْلُوْب النقدي البناء ذي الطابع الساخر الذي يسلّطُ الضوءَ على النقاط المراد معالجتها بأُسْلُوْب فكاهي يظهر فيه أوجه القصور وأسبابه، ويتبنى من خلالها معالجات بشكل يتقبله الجمهور المشاهد من جميع فئاته الاجْتمَاعية.

مشكلة ذلك ليست في المُخرِجين أَوْ الفنانين، إنما في مبدأ مَن يموّلهم ويسعى لبثّ سمومه عبر أجندات خفيّة لتشكيل إسْلَام يناسِبُ أعداءَنا بما يتوافق مع مدخلات صناعة الشرق الأوسط الجديد.

غابت الرسالةُ الهادفة ذات الفائدة الملموسة على الوطن والمواطن لمعالجة القضايا الاجْتمَاعية الشائكة، وتسليط الضوء على شريحة الشباب الذي تمثّل أَهَـمّ موارد الإنتاج والبناء خُصُـوْصاً في ظل الظروف التي يمر بها وطننا الجريح!

نحن اليوم بأمسّ الحاجة للدراما التوعوية التي من شأنها أن تساعِدَ القيادة السياسية على معالجة الشرخ الاجْتمَاعي الذي خلّفته آلةُ الحرب المعتدية، فشعبُنا كان ولا زال شعباً واحداً يسودُه الحبُّ والوئامُ، غير معتبرين للتباينات المذهبية أَوْ المناطقية، بل إن التنوعَ المجتمعي ظاهرةٌ صحية من ظواهر رقي المجتمعات العصرية.

لا أدري متى أرى ذلك اليوم الذي تتوحّدُ فيه رسالةُ الإعلام لمواجهة داء الجهل والتخلف وكل ما هو قبيحٌ مما يُعانيه مجتمعُنا بشكل يقودُنا إلى الرقي بمجتمعنا بشكل تُعالَجُ فيه مشاكلنا وتُنتقد بصورة بنّاءة تعكسُ رُقِيَّ الرسالة التي يحملُها الإعلام والقائمون عليه بشكل دائم وليس فقط خلال شهر رَمْضَـانَ المبارك.