الخبر وما وراء الخبر

كيد الترجمة مع الإعلام الغربي

141

بقلم / عبدالله علي صبري

تطالعنا الكثير من الصحف والقنوات والمواقع الالكترونية بترجمات لمقالات وتقارير منشورة في الصحافة الغربية وبالذات البريطانية والأمريكية تنم في مجملها عن معارضة لاستمرار الحرب في اليمن ولجرائم تحالف العدوان السعودي الأمريكي بحق المدنيين، وبل وتذهب هذه المواد المترجمة للخوض في تفاصيل توحي بإدراك لمغبة التورط السعودي الأمريكي في حرب خاسرة لا يتوفر لها فرص الحسم العسكري ، بل يتعين دعم الحل السياسي للخروج من مأزقها !

وتطرح مثل هذه الترجمات تساؤلاً رئيساً يتعلق بواقع الصحافة الغربية وتأثيرها على المجتمعات والحكومات، إضافة إلى تأثيرات بيوت الخبرة ،ومراكز الدراسات على صنع القرار في الدول الأكثر نفوذاً بالعالم ..

حتى الآن وعلى عكس ما هو مألوف ، تبدو العلاقة بين الصحافة والسياسة عكسية تماماً ،فكلما ازدادت نقمة الصحافة الغربية تجاه استمرار الحرب في اليمن، كلما شهدنا تصعيداً عسكرياً للتحالف وتورطاً غربياً يدعم هذه الحرب من خلال الغطاء السياسي وصفقات الأسلحة والتخاذل تجاه الأزمة الانسانية المتفاقمة!

اللافت أيضاً أن الشارع الغربي الذي طالما خطف الإعجاب من خلال التحركات والتظاهرات الانسانية ، نجده اليوم عازفاً عن القضايا الساخنة في العالم العربي ، بعد أن ساءت مفاهيم من قبيل أن الشرق الأوسط هو معقل الإرهاب ( الإسلامي ) وأن الدول العربية تعد الحاضن والمصدر الرئيس للإرهاب في العالم ، وهذا يعني أن الحروب التي تشهدها هذه البلدان هي نتاج التطرف والإرهاب والصراع على السلطة والنفوذ، وفي المجمل فإن درجة التعاطف الغربي شعبياً مع المآسي التي يعيشها العالم العربي، لم تعد تتأثر بالإعلام وتناولات الصحف.
غير أن ثمة رأيا آخر يتجه إلى دحض هذه المزاعم، فالإعلام لا يزال محور صناعة الرأي في الدول الديمقراطية بشكل عام، ولا شك أن كمية كبيرة من تناولات الإعلام الغربي تصب في خانة الكراهية للمسلمين، وهذا ما يفسر صعود اليمين المتطرف في الغرب وتعاظم فوبيا الاسلام في عواصم هذه الدول، والنتيجة المرتبطة بهذا الرأي، أن الحرب على اليمن تحضر في الإعلام الغربي في إطار هامشي، وأن الترجمات التي نعتبرها إيجابية إلى حد ما، لا تقاس بحجم المواد الإعلامية الضاجة بلغة الكراهية والسخرية من دول وشعوب المنطقة، ومن ديانتهم وفكرهم وحروبهم !

ومن يلحظ كمية الترجمات التي تحتفي بها صحافتنا المحلية في الفترة الأخيرة ، سيجد نفسه أمام علامات التعجب آنفة الذكر، فإذا كانت الصحافة الأمريكية ضد دعم واشنطن للحرب على اليمن، فلما ذا تبدو إدارة ” ترامب ” اكثر انغماساً في هذه الحرب، وهل أصبح ” المال” هو المحدد الرئيس لمواقف واشنطن؟

مع ذلك يتبقى سؤال يخامرني منذ أمد طويل في ما يتعلق بالترجمة عن الصحافة الغربية.. هل يعمد المترجمون إلى تسليط الضوء على المواد التي تدعم موقفنا وحجتنا وقضيتنا العربية أو اليمنيه، ويهملون ما عدا ذلك؟

هذا وارد بلا شك، لكن ماذا عن الترجمات الأصلية التي لا يتدخل فيها الوسيط العربي، أو اليمني.. هل تتعمد كبريات الصحف الغربية ومراكز القرار والدراسات ترجمة المواد التي تدغدغ مشاعر العرب واليمنيين، وتغض الطرف عن المواد الأخرى، هذا وارد أيضاً، ولعله يشير إلى ازدواجية الخطاب ، كما هي ازدواجية الترجمة ، وبالمحصلة فإن التعامل مع الترجمات الرائجة اليوم عن الصحافة الغربية قد ينطوي على مخاطر “نفسية”، حيث نتوهم تغير مواقف الدول، ثم نصطدم بواقع أكثر قسوة ومرارة .. ومن تجربتي الشخصية أقول: الحذر من هذه الترجمات حتى يثبت العكس!