إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ
بقلم / حميد رزق
مؤتمرُ الرياض الذي راهنت عليه السعوديّة لكي يكون دليلاً على حضورها الدولي والإقليمي تلاشى سريعاً، وظهرت إلى السطح الخلافات التي تعصفُ بما يسمّى مجلس التعاون الخليجي وكانت قمة الإثارة في التصريحات المنسوبة لأمير قطر التي صرفت الأنظار تماماً عن الهَالَة الإعلامية السعوديّة خلال استقبال ترامب وترتيب ما يسمى بالقمة الأمريكية الإسلامية.
حالةُ الانقسام التي تعتري تحالُفَ العدوان لم تعد خافيةً، ولا يمكن إخفاؤها، فما يجري في المحافظات الجنوبية دليل آخر على حالة الانقسام بين دول العدوان، غير أن المؤسف أن من يدفع ثمنَ تلك الخلافات والاجندات هو المواطن اليمني في المناطق التي يزعمون أنها محررة.
المفارقاتُ التي أثارتها زيارةُ ترامب إلى السعوديّة كثيرةٌ جداً، ليس أبرزها حجم الأموال التي حصل عليها الأمريكيون من ثروات العرب والمسلمين، فقيام ترامب بإلقاء محاضرة حول المفاهيم الحقيقية للإسلام تعد فضحية كبيرة وانكشافاً للسقوط والعمالة السعوديّة التي تريد أن ترهن الأمة ودينها وقيمها للوبي الصهيوني الأمريكي، وكانت قمة الإثارة والانكشاف في الحديث عن حزب الله وتجريم المقاومة الإسلامية حماس، والحديث عن إسرائيل من نافذة السلام والتعايش، فيما سادت لغة التحريض والنفخ في الصراعات المذهبية والطائفية بين المسلمين أنفسهم.
نتائجُ قمّة آل سعود ترامب تُرجمت في الهجوم الآثم من قبَل النظام البحريني على الشيخ والمرجع عيسى قائم واستهداف المئات من المعتصمين السلميين حول منزله في منطقة الدراز بالبحرين، في تصعيدٍ لم يكن ليحصُلَ لولا أن حاكمَ المنامة ينفّذ أجندةً سعوديّة أمريكية واضحة، وفي السعوديّة يواصل آل سعود شن حربهم العدوانية على المواطنين في المناطق الشرقية، خاصة منطقة العوامية؛ ليكتمل مشهد الهستيريا والقلق الحقيقي الذي تعيشه السعوديّة، وهو القلق والخوف العميق الذي حاولوا اخفاءه والتغطيَة عليه باستقبال ترامب بتلك الطريقة التي تحوّلت إلى فضيحة وليس مكسباً أو انجازاً..
وصولُ ترامب إلى فلسطين المحتلة وذهابُه لأداء طقوس اليهودة عند حائط البراق وحديثُه عن المشاعر الطيبة التي قال إن الملك سلمان عبّر عنها تجاه إسرائيل تكشف أيضاً المزيد من الأقنعة التي يتخفى وراءها آل سعود، وآخر فضائح هذا النظام إصرار بابا الفاتيكان المسيحي على عدم استقبال زوجة ترامب إن لم تكن مرتديةً غطاءً للرأس، وفي حالة من الحشمة بعكس ما كانت عليه في السعوديّة ولدى مَن يطلقون على أنفسهم حُماة الحرمين الشرفين..
ما جرى في السعوديّة ورهاناتهم على تحصيل مكاسبَ سياسيةٍ ومعنوية من وراء زيارة ترامب يصدُقُ عليها قولُ الله تعالى: “وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا”..
وقوله تعالى “إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ”.
صدق الله العظيم.