قراءة في مقابلة “الشريان” مع محمد بن سلمان
في الطريق الى العرش السعودي لا بأس ان يستمع الرأي العام المحلي والخارجي الى محمد بن سلمان وان يسعى الأعلام السعودي الى التمهيد للملك المستقبلي وان كانت هذه المقابلة التي نقلت في كل وسائل الأعلام الرسمية السعودية والوسائل الرديفة والحليفة لها سابقة في تاريخ آل سعود.
وسط هذا الترويج الكبير تكمن المشكلة الأكبر ظهرت الكثير من التناقضات وكشفت عن جهل محمد بن سلمان بالحقائق التاريخية فظهرت دون مستوى مايجري من التمهيد له على الصعيدين الداخلي والخارجي الأقليمي والدولي.
وعلى الرغم من استغراق المقابلة لأكثر من نصف وقتها في تفاصيل رؤية 20 او 30 والوضع الأقتصادي المتردي والمشاكل الحالية في السعودية والمتعلقة بالعجز المالي واجرائات التقشف وصولاً الى القرارات الملكية التي اختارت مجال تعيين شخصيات مقربت من بن سلمان الا ان نقاش التفاصيل ومحاولة الذهاب الى الطمئنة لم يزح الستار عن طبقات كثيفة من المخاوف وخصوصاً في ظل استمرار المملكة تصاعد العجز وانتهاك التقشف وابعد من ذلك ان الخبراء الأقتصاديون يرون في رؤية عشرين ثلاثين سنة مجازفة ليس بمستقبل الأقتصاد السعودي فحسب بل والسياسي والوجودي معاً.
ومع ان السعودية وحلفائها يخوضون عدواناً صعباً على اليمن منذ أكثر من عامين بدا محمد بن سلمان بعيداً عن استشراف نتائج ومصير وتفاصيل ونهاية هذه الحرب التي كلفة السعودية مليارات الدولارات في جمع الأحلاف وتجنيد المرتزقة وتمويل شركات التسليح الأمريكية والبريطانية وشراء الولايات سعياً وراء تحيق اي انجاز يحقق للسعودية بعض اهداف الحرب، فتقييم محمد بن سلمان وقرائته تكرار لتقييم موظفه “عسيري” إذ انه لا جديد بإستثناء الأعتراف ان ما بحوزة السعودية هو القدره على تثبيت الحصار غير ان هذا الأخير صدق وان قالت السعودية عكسه تماماً بأدعاها المتكرر بوصول اسلحة يتم تهريبها الى اليمن.
اللافت ايضاً ان بن سلمان كشف بشكل او بآخر عن وصول قوى العدوان الى مرحلة انعدام الخيرات حينما زعم ان بمقدور القوات البرية السعودية اجتياح اليمن لولا التكلفة خشية من ان يضم العزاء مدن وبيوت المملكة.
اما ادعائه الحرص على المدنيين في اليمن فلم تكن الطائرات السعودية في مهمة توزيع الورود على اليمنيين خلال اكثر من عامين، فيما كان الشق الأضعف في فهم بن سلمان هو محاولته ابداء صورة مغايرة للواقع ان ينكر الخلاف الكبير مع الأمارات بشأن النموذج المشوه بتدخلهم وادارة اجندتهم في المحافظات الجنوبية التي دخلت مرحلة جديدة من التصعيد والصدام .
ان حديث بن سلمان اثار موجة من السخط في الأوساط المصرية بإدعائاته سعودية جزيرتي تيران وصنافير لدى البلدين وهو ما لم يبت فيه القضاء المصري حتى الساعة فضلاً عن كون ذلك يتجاهل الصراع المصري الأسرائيلي حول الجزيرتين في ستينات القرن الماضي.
ومن غير المفاجئ ان يرسم بن سلمان طريقاً مسدوداً مع ايران لأعتبارات مذهبية وفكرية وجدلية لا علاقة لها بالواقع ولا بالسياسة ولا بالدبلوماسية لكنه كشف هنا الوجه الآخر للصراع السعودي الطويل المفتعل مع ايران وحلفائها بإعتبار ذلك جزأ من دفاع السعودية لنفسها.
*تقرير طالب الحسني