الخبر وما وراء الخبر

محدّداتُ التوجّه الصحيح عند الشهيد القائد: مَن لم يقاتل في صَفِّ الحق سيقاتل في صَفّ الباطل

250

ذمار نيوز -صدى المسيرة – ضرار الطيب 23 إبريل، 2017

لم تتميز الثورة التنويريةُ التي قادها الشَّهِيْدُ القَائِدُ حسين بدر الدين الحوثي رضوانُ الله عليه، بأنها جاءت ملبّيةً لحاجة الواقع في تلك الأيام التي كان يعيشُها هو فحسب، بل إنها اختصرت الكثيرَ من المراحل الزمنية نحو المستقبل لتعيشَ مع الأجيال القادمة التي لم يعاصرها الشهيد، وحللت مشاكلها وحددت الخطوط العريضة للحلول اللازمة، وها نحن بعد أكثر من 13 عاماً من استشهاده وَالعدوان الذي تعيشُه بلادنا الآن هو أكبر معرض للحقائق والشواهد والدلائل التي تحدث عنها الشَّهِيْدُ القَائِدُ أيامَ حياته.

كانت أكثرُ الجزئيات التي اهتم رضوانُ الله عليه بإيضاحها فيما يخُصُّ علاقة الفرد بكل الأحداث من حوله، هي “صوابية الموقف”، وضرورة الحصول عليها، من منطلق بديهي يقتضي بأن الإنسانَ أمامَ خيارين: إما الصواب وإما الخطأ، ولا مفر من اختيار أحدهما، ولا مجال لفئة المحايدين، فيقول: “لا تتصور أنه بإمكانك ان تتنصل من مسؤوليات الحق وتجلس هناك سليماً.. عندما تتهرب من الحق ستُساق على الباطل”..

إن الواقعَ الحالي يؤكد ذلك بمَن كانوا يدّعون الحياد في بداية العدوان على اليمن، ولم يتطلب منهم الأمر سوى القليل من الوقت ليبدأوا بالتغاضي عن جرائم العدوان، وتبريرها، ثم صار عليهم أن يبذلوا جُهداً أكبرَ للمراوغة وإيهام الناس بأنهم يقفون على مسافة واحدة، ليتضحَ أن فئةَ المحايدين ستتحرك للقتال تحت صف الباطل، تحت قيادة العدوان الأَمريكي السعودي على شعبنا اليمني.

وفي ذات السياق فإن قاعدة (من لم يقاتل في صف الحق سيقاتل في صف الباطل) والتي قدمها الشَّهِيْدُ القَائِدُ من هدي القرآن الكريم لم تقتصرْ على فئة في واقعك الداخلي وإنما هي قاعدة عالمية لكل أبناء الأمة الإسلامية بأن يتسلحوا بالوعي القرآني الصحيح، ويأخذوا من التأريخ دروساً وعِبَراً.

وقدّم الشَّهِيْدُ القَائِدُ حسين بدرالدين الحوثي الدروسَ والعبرَ من خلال قراءته وتأمله في تأريخ الاستعمار القديم، وكيف استخدم أبناءَ الأمة العربية والإسلامية لخدمة مشاريعه، فقال: “إذا لم تتحَـرّك، في الأخير يجنّدونك لتضرب مسلمين آخرين خدمةً لأَمريكا وإسرائيل، مثلما جنّدوا في السابق عشرات الآلاف من المسلمين من أجل تحقيق مطامعهم ومن أجل الدفاع عن مصالحهم أيام الاستعمار الأول”.

على ضوء هذه الحقيقة نرى الشواهد والدلائل والبراهين اليوم، عندما ظلت الدول العربية تتهرَّبُ من مواجَهة النشاط الاستعماري الأَمريكي والإسرائيلي في المنطقة، واحتلال فلسطين وقتل أبنائها، واحتلال المسجد الأقصى واكتفت بالحياد، لكنها وجدت نفسَها مأمورةً بإرسال الآلاف من جنودها لقتال الروس تحت الراية الأَمريكي وخدمةً لأَمريكا، وبعد سنوات وجدت الفئة (المحايدة) أنها تقومُ بتجنيد أبنائها للقتال تحت الراية والمصلحة الأَمريكية والإسرائيلية بتدمير سوريا.

ومن أبرز الشواهد التي نراها اليوم أن الجيشَ السوداني عندما لم يتحَـرّك في سبيل الله، ودفاعاً عن تقسيم بلده وتمزيقه، واتخذ موقفَ العاجز والمحايد، ها هو يجنّد الآلاف من أبناء الشعب السوداني العربي المسلم ليقاتلَ في السواحل اليمنية خدمةً للمصالح والأطماع الأَمريكية.

وأبرز الشَّهِيْدُ القَائِدُ تحذيراتٍ وتنبيهاتٍ لأبناء الأمة العربية والإسلامية، حيث يقول (لا تتصور أن بإمكانك أن تتنصلَ من مسؤوليات الحق وتجلس هناك سليماً، عندما تتهرب من الحق ستساق إلى الباطل، أعداء الله سيسوقونك إلى الباطل، وتبذل أكثر مما كان يطلب منك في سبيل الحق، ستبذل نفسك وتقتل في سبيل الباطل)، ولن يحصل السودان من قتاله في السواحل اليمنية شيء يذكر في مقابل ما يجنيه المستفيد الأول والشيطان الأكبر أَمريكا.

لقد استقرأ الشَّهِيْدُ القَائِدُ تفاصيلَ الحالة الشعبية والرسمية في البلدان العربية والإسلامية تجاهَ الهجمة الأَمريكية الإسرائيلية على أي بلد عربي ومسلم، وهي حالة اللامبالاة، نتيجة غياب الوعي الإيماني الصحيح لدى الشعوب وتحمّلها لمسؤوليتها الدينية في مواجهة كُلّ الأخطار، معتبراً ذلك الواقع عاملاً مساعداً للعدو الأَمريكي والإسرائيلي في تنفيذ مشروعه الاستعمار وإقدامه على احتلال هذا البلد تلو الآخر.

وبعث الشَّهِيْدُ القَائِدُ رسائلَ تحذيريةً للشعوب والأنظمة العربية والإسلامية فقال: (ما تراه من مواقف للعرب مع الأفغان أو مع فلسطين أو مع العراق، اعتبره سيكون موقف معك.. ما تراه في البلدان الأخرى، ستراه في بلادك على أيدي الأَمريكيين”.

فالقضية منطقية وواضحة، تتوازى فيها الأسبابُ والنتائج، فالعرب الذين سكتوا عن أَمريكا، ووصل بهم سكوتُهم إلى مساعدتها في غزو أفغانستان والعراق وفلسطين، كان من الطبيعي في ظل قيام الموقف الخاطئ أن يأتيَ اليوم الذي يسكتون فيه عن غزو اليمن ويساعدوا أَمريكا فيه، وبالمقابل: الجرائم التي ارتكبتها أَمريكا في تلك الدول، كان من الطبيعي أن ترتكبَها مجدداً في اليمن لنفس السبب أيضاً.

وَبالنسبة للمرتزقة والمنافقين الآن أيضاً، فإن الموضوعَ يشملُهم أيضاً، إن لم تكن يعنيهم بالمقام الأول، وقد تحدث عنها الشَّهِيْدُ القَائِدُ في نفس السياق كثيراً:

“نحن إذا لم ننطلق في مواجهة الباطل في هذا الزمن، فإننا من سنرى أنفسنا نساقُ جنوداً لأَمريكا”.

وقد كانت نتيجة السكوت عن فساد وظلم الأنظمة في اليمن، واختيار الحياد، هو ما نراه اليوم من تحشيد ليمنيين إلى صفوف المعارك ليقاتلوا تحت غطاء الطيران الأَمريكي ويتحَـرّكوا وفق الخطط الأَمريكية العسكرية ضد إخوانهم اليمنيين، مع أن أكثرَهم ربما لم يكن يتوقع أن يكونَ هذا مصيره قبل سنوات؛ لأنه كان مغتراً بحالة الحياد واللامبالاة.

إن اختيارَ الموقف الصائب والواضح، في نظر الشَّهِيْدِ القَائِدِ، هو ضرورة ملحة لتجنب الوصول إلى حالة الارتهان والعمالة سواء باختيار الضد، أو بالتهرب من مسؤولية الاختيار والوصول إلى الخيار الخاطئ، والضامن الوحيد لصوابية الاختيار والموقف هو الوعي، وهذا ما وضحه الشَّهِيْدُ القَائِدُ بنفس الأهمية، ولقد حسم الشهيد تلك المسألة بأنه لن يكون هناك مصدراً للوعي الصحيح أفضل من دليل المصلحة الإنسانية الكامل، وهو القرآن الكريم الذي انطلق هو على أساسه في كُلّ تحَـرّكاته، وتحليلاته للواقع، وقد لخص الشَّهِيْدُ القَائِدُ رضوان الله عليه ذلك في نصيحة للشباب باعتبارهم الفئة الأكثر قوة وإنتاجاً وكذلك الأكثر عرضة للخداع، والتضليل

يقولُ رضوانُ الله عليه: “الشباب بالذات أمام مرحلة: إما أن يكون الإنسان قد رسم لنفسه أن تكون حياته وموته لله، وإلا فستكون حياته وموته من أجل أَمريكا”.

لقد وضع الشَّهِيْدُ القَائِدُ من خلال ذلك حجَرَ الأساسَ للتصرف الصحيح في جميع التحدّيات التي امتدت منذ حياته وحتى الآن، باستقراء دقيقٍ للشواهد، وتقديم منطقي للأحداث التي لم تخرج عن إطار ما قاله، وهو ما يؤكّدُ صحةَ الموقف الذي اتخذه هو أولاً، وقدّم من أجله تضحيتَه العظيمة، ليكونَ نموذجاً مهما لجميع المراحل القادمة.