قيامةُ النصرِ من أرضِ المفاجآت
بقلم / هنادي الصعيتري
وَمِنْ على مِنَصةِ شبكاتِ التواصل الاجتماعي تصدع عبارة: “ترقبوا المفاجآت الكبيرة”؛ حتى خُيّلَ للقارئ – نتيجةً لفهمهِ السطحي وقصور الوعي لديه بالسنن الإلهية في الحربِ والصراع القائم بين أنصار الحق وأهله ورموز الباطل وطُغاته – بأنَّ النصرَ يَعْبُر مِنْ درجاتِ الحظ قفزًا ويُصنع في ليلةٍ وضحاها ولا يحتاجُ الناسُ فيه إلّا لإشعالِ الفتيل حتى ينفجر في ساحِ العدو ويُخلّف وراءهُ العشرات من القتلى والجرحى، حتى أنَّ المجاهدين ليسوا بحاجةٍ للحاقِ بمن فرَّ منهم وولى الدُّبر لأنهُ تلقائيًا سيهرع لتسليم نفسهِ أسيرًا لهم!!ويتحقّقُ النصر بلمحِ بصرٍ يحسب المقاتل فيه أنه نائمٌ ووصله على طبقٍ من ذهب ليقدّم إليه دونما أيَّ كرٍّ وفر، وصولٍ وجول..!!
لمن يتوهمون كُلّ هذا أقول: (لتعلموا يا كِرام أن جسر الوصول إلى النصر والذي لا بديل عنهُ فتتجه إلى مفترقِ طرقٍ غيره هو “الصَّبر”، الصبرُ بكلِ أنواعهِ ويُعرّف بِأنَّهُ حالة إيمانية من التَّحمّل والتجلّد التي لا بد وأن يترافق معها العمل والسعي لتحقيق الهدف المَرْجيّ بلوغه.
إنَّ الاكتساحاتِ والاقتحاماتِ وعملياتِ صد الزحوفات، وتصنيع الأسلحة والمنظومات، وتطهير مختلف المواقع والساحات، وتدمير الأبراج والبارجات، كلَّ هذا وأَكْثَر مما يحدث في ميادين الوغى من الفتوحات التي تدلل وبلا أدنى درجةٍ من الريب على أنَّ المعية الإلهية كانت العامل الأول في موازنة معادلة الوجود الحتمي وعلى أن هناك أيادٍ ضاربة وعيونٍ ساهرة وأقدامٍ ثابتة وأرواحٍ مستبصرة ومستنيرة بنورِ الله عملت آناء الليل والنهار لا ترقُبْ ناظريها إلّا الشمس والقمر تتعاقبان فوق سماء أفئدتها إعلانًا منهما بانقضاءِ يومٍ وبزوغ فجر يومٍ جديد لترى فيه تلك النفوس الطاهرة ثمرة أتعابها وحصاد جُهد جِهادها وتشاهد عظيم منجزاتها التي لُمست واقعًا بالتقدّم النوعي في شتى المجالات والجبهات من خلال النقلات الاستراتيجية على الميدان.. واعلموا يا هؤلاء أن من وراء كُلّ نصر عمل دؤوب أجهد العدو وعدوانه، ودمّر ترسانته وآلياته..وخِتامًا بقول الشاعر الصدوق: “وسام النصر ما يأتي لجالس” والعاقبةُ للمتقين.