الخبر وما وراء الخبر

اليمن.. لهذه الأسباب سوف يستمر العدوان

133

بقلم / طالب الحسني

من لا يزالون يعتبرون اليمن ضمن أي مربع في هذا العالم فهم مخطئون، أعني اليمن الآن وليس قبل عامين، فما يحصل الآن يؤكد أن هذه الدولة في أقصى جنوب شبه الجزيرة العربية ويعيش شعبها فقيرًا رغم نفطها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي المهم وإشرافها على أهم الممرات الدولية المائية ( مضيق باب المندب).
تواجه المربع الأمريكي الخليجي الأوروبي الذي خرجت عن طاعته منذ عامين دون أن تجد أدنى مساندة من المحور الآخر، فمواقف الروس والصين وإيران وبعض حلفائهم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصنف على أنها حليفة أو تطمح أن يكون لها موضع اشتباك في هذه الدولة، رغم التلميحات والإشارات بل وحتى الدعوات التي قدمت من (التحالف الحوثي الصالحي ) الذي صمد عسكريًا وسياسيًا في وجه هذه الحرب الشرسة والعنيفة والعدوانية والانتقامية وقل ماشئت فقد قتلت حتى الآن أكثر من 30 ألف إنسان ودمرت البنية التحتية التي كونها اليمنيون بجهدهم طوال الخمسة العقود الماضية.
السعودية كونت تحالفًا عربيًا وأفريقيًا وحصلت على دعم أمريكي وبريطاني طوال العامين الماضيين وحاصر هذا التحالف اليمن برًا وبحرًا وجوًا ولا يزال، ولم تتطور المواقف الدولية تجاه هذا المسار غير القانوني وغير الأخلاقي وغير الإنساني إلى أكثر من التعبير عن القلق والدعوة إلى الحوار ودعم جهود المبعوث الدولي لليمن رغم الثقة أن المطلوب سعوديًا وأمريكيًا هو إخضاع اليمن مجددًا وإعادتها إلى بيت الطاعة وليس الحل السياسي الذي يفضي إلى قيام دولة نصف معارضة للهيمنة الأمريكية والخليجية على قرارها ومصيرها في المنطقة السعودية التي تعودت منذ عقود أن يكون لها النفوذ الكامل وأن لا يحدث أي تغيير في هذا النفوذ والامتيازات ومنعت لفترات طويلة أيضًا دول خليجية أخرى أن تنافسها في هذا النفوذ الذي عانى منه اليمنيون، ومن غير السهل أن تتخلى سريعًا عن ذلك، عدا عن النزعة الاستعلائية والكراهية الطائفية التي تتعامل بها وخصوصًا هذه الإدارة الجديدة للمملكة، تلتقي هذه الأخيرة مع الرغبة الأمريكية في أن تبقى اليمن ضمن مربعها وأن لا تسمح بانتقال هذه الدولة إلى محور الممانعة أو بالأصح إلى الاستقلال على الأقل.
العدوان مستمر وسوف يتصاعد والتحالف الذي تكونه إدارة ترامب سيخوض حربه الأولى بهذه التشكيلة الجديدة في الحلقة التي يعتبرها الأضعف ويصدرها للإعلام وللرأي العالمي على أنها حرب ضد إيران، ومعركة السواحل الغربية التي فشلت السعودية والإمارات في حسمها منذ ثلاثة أشهر على انطلاقها تحت مسمى الرمح الذهبي رغم حجم الأعداد والإنفاق، سوف تتسع، وحسابات التحالف الحوثي الصالحي في صنعاء أدركت هذا الأمر وتجهز له ولعل خطاب السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الأخير الذي دعا خلاله إلى التحشيد للدفاع عن السواحل الغربية جاء مواكبا لهذا التصعيد. وليس ثمة حليف دولي يمكن أن يكون حاضرًا مع اليمن وهذا هو الحال طوال العامين الماضيين ومن يقول ذلك فعليه أن يراجع تعاطي القوى الدولية مع اليمن منذ وضعه تحت الفصل السابع وصولًا إلى القرار الدولي 2216 الذي شكل غطاء للعدوان والحرب على اليمن وليس انتهاء ببرودة التعاطي مع مجازر السعودية حتى تلك التي اعترفت بها.