تحالف عربي أمريكي إسرائيلي لمواجهة إيران في اليمن !!
بقلم: بندر الهتار
يطالعنا كتاب البلاط العربي ومنظروهم عن الأمل في إعادة إحياء ” محور الاعتدال العربي” وهو المحور الذي نشط في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش وضم سابقا مصر والسعودية والامارات والاردن، وكانت مهمته الوحيدة هو العمل على تشكيل جبهة مقابلة ضد محور الممانعة والمقاومة الذي ازداد قوة في العقد الماضي وحقق انتصارات كبيرة ضد كيان العدو الإسرائيلي من لبنان إلى فلسطين، كما ساهم في إلحاق هزيمة مدوية بجيش الغزو الأمريكي في العراق.
لا يبدو الأمر مقتصرا في الوقت الراهن على إعادة الاعتدال العربي فحسب، بل إن مشروع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب يهدف إلى تكوين حلف يضم دولا عربية وإسلامية “سنية” لمواجهة إيران بما يضفي على الصراع بعدا طائفيا، ويؤسس لمزيد من التشرذم تحت هذا العنوان، والأغرب من ذلك أن “إسرائيل” ستمثل الركن الثالث في هذا التحالف.
مؤخرا تصالح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الملك السعودي سلمان في قمة البحر الميت، وسيزور السيسي الرياض بعد عودته من واشنطن لزيارة ترامب الذي سيستقبل الملك الأردني هذا الأسبوع، وسيقترحان على ترامب أولا عدم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة لأن ذلك سيشكل حرجا كبيرا على محور الاعتدال الذي يعاد تشكليه، وسيجعلون من هذه الخطوة فرصة للتسويق للمحور بما يوفر تأييدا مناسبا في الوسط العربي، أما الأهم في اللقائين بعيدا عن مزاعم محاربة “الارهاب” هو أن ترامب سيستمع من كليهما عن رؤية العرب حول السبل لمواجهة إيران باعتبارها العنوان العلني لهذا التحالف.!
رغم إعلان ذلك، فهم جبناء عن خوض مواجهة مباشرة مع إيران بسبب الإرتدادات الكبيرة التي ستضرب الخليج والقواعد الأمريكية هناكـ، ما يجعلها معركة مؤجلة وقد لا تحدث، ولذلك فإن الساحة التي سيقاتلون فيها إيران ستكون في اليمن، ليس لأن صنعاء باتت العاصمة الرابعة التي تحكمها طهران كما يزعمون، وإنما لأن اليمن – بحكم موقعه وقواه الحية التي أعادته إلى مصاف الدول الرافضة للوجود الإسرائيلي فضلا عن التطبيع معه – بات يمثل عائقا بارزا أمام مشروع الهيمنة على المنطقة، ما يجعل من ضربه أولوية تفوق ما سواها وعلى اعتبار أنه الحلقة الأضعف.
في الأيام الأخيرة برزت تصريحات لافتة لمسؤولين أمريكيين على مستوى رفيع أبرزهم وزير الحرب جيمس ماتيس، وهو يتحدث عن كيفية زيادة الدور الأمريكي في الحرب على اليمن ودعم معركة السواحل الغربية على وجه التحديد، وهذه النقطة هي الأولوية التي سيشتغل عليها هذا التحالف على أمل أن تشكل خطوة متقدمة نحو إسقاط العاصمة صنعاء.
لعل أبرز الشعارات التي سيتسخدمها تحالف العدوان هي حماية الملاحة الدولية وهذا ما سيعطي مصر مبررا شكليلا للتورط بقوات بحرية على الأقل، علاوة على استخدام مبرر الأمن القومي العربي من جديد، وما يعتقده السيسي أن هذه الخدمات ستحافظ على حد متوازن في اقتصاد مصر، لكنه يتجاهل تماما أن السيطرة على السواحل الغربية لليمن سيضيف ورقة رابحة بيد كيان العدو الإسرائيلي وبما ينعكس سلبا على مصر التي ستُرغم على تقديم مزيد من التنازلات.
أما روسيا والصين اللتان تدركان حجم الخسارة التي ستلحق بهما وهما ينظران إلى أمريكا – الخصم الأول – وهي تبني قواعد عسكرية على مشارف مضيق باب المندب من أهم ممرات العالم وفي جزر بذات الأهمية في ساحل البحر الأحمر والبحر العربي، وهما يدركان أن استفراد الحلف الأمريكي باليمن سيأتي على حساب قوتهما ونفوذهما، لكن يبدو أنهما ومن واقع العجز سيلتزمان الصمت عدا بعض الحبر والورق للإدانة.
في هذا السرد لسنا بصدد الحديث عن استعداد الجيش واللجان الشعبية لخوض معركة مستمرة لسنوات طويلة وليس فقط في الساحل، وأن خسارة العدو محسومة في هذه المعركة مهما حقق من نتائج، لكن ما يلفتنا هو أن العدو قد تناسى أنه راهن منذ أكثر من عامين في أن اليمن كان يمثل الحلقة الأضعف بين كل المحاور التي يستهدفها وقد اتضح أن ذلك رهان خاسر، والخسارة هذه المرة ستكون أكبر مع إعادة الرهان على ذلك، هذا أولا، أما ثانيا فإعطاء التحالف الثلاثي الأولوية لليمن يؤكد أنهم قد أعادوا التفكير جيدا في أمر هذا البلد ووجدوا أن فشل العدوان سيسبب ارتدادات كبيرة على النظام السعودي والمنطقة ككل، ما دفعهم إلى خيار الاعتماد على ما تبقى من وسائل وأساليب أملا في إحكام قبضتهم ومنع أي نتائج عكسية، وما نعتقده أن الأوان قد فات، فالارتدادات قادمة لا محالة والمنطقة ستتغير بفضل صمود اليمن، ولسنا على عجلة من أمرنا.