ما لا يريد العالم أن يفهمه !
بقلم / إبراهيم سنجاب
قبل أن تدخل الحرب على اليمن عامها الثالث يقال إن اليمنيين أعدوا عدتهم وأهلوا أنفسهم للقتال حتى لو استمرت ألف سنة، فلماذا إذاً لا تسعى قوة عربية أو مسلمة عاقلة و معتدلة لجمع الفرقاء على حل يوقف نزيف الدماء ، خاصة بعد إلحاح الرئيس السابق على عبد الله صالح أكثر من مرة على ضرورة الحوار مع السعودية مباشرة وجها لوجه و تأكيد السيد عبد الملك الحوثى على الرغبة فى وقف القتال.
لماذا لا يريد العالم أن يفهم أن هذين الرجلين يمثلان ملايين اليمنيين الراغبين فى حسن الجوار مع السعودية ؟ ولماذا لا يريد العالم أن يستوعب أن شعب اليمن لا يهزم حتى لو ارتزق من تربى على الارتزاق أو خان من ترعرع على الخيانة.
الذين لا يعرفون اليمن عليهم أن يفهموا أنهم أناس يحتفلون بالذكرى الثانية لقصف كل شبر فيه فى أكبر ميادين عاصمتهم بينما القصف ما زال مستمرا وأكثر من ٢٠ جبهة مفتوحة ولا أمل فى إغلاقها قريبا.
الذين لا يعرفون اليمن يجب أن يستوعبوا مشاهد خروج نسائهم وبناتهم إلى الميادين حاملين السلاح وهن اللواتى لا يخرجن إلى الأسواق إلا بمحرم. إنهن نساء يستقبلن أجساد أبنائهن بالأهازيج ورجالهم يدفنون أشلاء ضحايا الجبهات باطلاق الرصاص.
يا أيهاالناس:
يا من تعرفون اليمن ويا من لا تعرفونه هؤلاء نوع من البشر تتساوى لديهم إرادة الموت مع إرادة الحياة والفقر مع الغنى إلا أن إرادتهم فى النصر لا تعترف بالهزيمة مطلقا.
يا أيها الناس:
الذين يعرفون اليمن ومن لا يعرفونه قد لا يفهمون أنهم عدة أمم فى أمة واحدة وعدة قبائل فى قبيلة ولا نبالغ إن قلنا إنهم مجموعة من الأنظمة فى دولة، والغريب أنهم بهكذا وضعية كانوا دائما قادرين على الحياة فى أمن وسلام.
يا أيها الناس:
اليمن حالة خاصة ونموذج غير متكرر أخلاقيا وتراثيا وسياسيا ومذهبيا واجتماعيا، لا شبيه له لا فى الشعوب ولا فى الدول ولن يكون له شبيه مطلقا، هذا النموذج غير متوفر الآن!
يا أيها الناس:
يولد اليمنى أيا كان مستواه الاجتماعى فتتفتح عيناه على خنجر يزين جنبه وبندقية على جدار حجرة الطعام، هؤلاء نوع من البشر خلقوا ليقاتلوا ولا يعترفون بالهزيمة مطلقا حتى لو تحولوا إلى أشلاء ولم يجدوا ما يطعموه.
تخيلت كثيرا أن العرب والمسلمين سيردون جميل هذا الشعب الذى تكفل مع أشقائه فى الحجاز بحمل رسالة العروبة والاسلام إلى العراق والشام ومصر ثم إلى عموم آسيا وأفريقيا، وتصورت أن العرب والمسلمين يعرفون أن اليمنيين هم أهل المدد وأنهم يدركون ويوقنون أن اليمن ستكون قبلتهم عندما تقوم الفتنه، ولكن هيهات هيهات، فعروبتنا أصبحت مذلة وإسلامنا تحول إلى مشروع.
يا لروعة اليمن ويالسماحة أبنائه ويالعقوق أحفادهم فى شتى بقاع الدنيا، تركوه يذبح ويموت ويختنق ويجوع ويتعرى وزادوا فقصفوه وروعوه وغرسوا فيه غراس الفتنة وبذور الشقاق بلا رحمة لشيخ كبيرولا طفل صغير، يا لقسوة القلوب وعمى البصائر!
الرجل الذى يقال إنه مخلوع ها هو اليوم يمشي على قدميه بين مئات الآلاف من المتظاهرين،و زعيم ثورتهم الشاب الذى يقال إنه سلالى فتكفي ملايين اليمنيين إطلاله منه ليطمئنوا، بينما من يقال له أنه الرئيس الشرعى ويسيطر أعوانه وداعموه على ٨٠٪ من مساحة الدولة لا يجد بيتا يحتويه بدلا من حياة الفنادق فى الخارج.
يالعجائب اليمن وما أكثر الزعماء فيه، ويالعجائب اليمنيين إنهم أناس من المؤمنين الحكماء والجن الأنفار ولا تندهش إنه اليمن.
فى ذكرى مرور العام الثانى للقتل فى اليمن، ما أسهل الحلول، وما أكثر سيناريوهات الخروج، وما أقل طموحات النجاة، وما أتعس النتائج حتى لو قالوا إن الحرب قد توقفت قبل أن أكمل هذا المقال.