الخبر وما وراء الخبر

ماذا بعد أيها المحايدون؟

169

بقلم / نوح جلاس

بالنسبة للمرحلة التي يعيشها بلدنا قد يظن الكثير من الناس أنها فتنة وأن كُلّ الأطراف لديهم مطامع وأَهْدَاف يسعون لتحقيقها جلباً لمصالحهم، وأن لا أحد يملك قضية حق يسعى لها ويضحّي من أجلها!.
وهذا ما يراه الكثير من الناس الذين اختاروا أن يصنفوا أَنفسهم محايدين، وذلك لحججهم الواهية بأن لا أحد يمتلك الحق وأن الجميع يسعى لتخريب الوطن، والعديد من الأعذار التي يختبؤون خلفها هروباً من القيام بالمسؤولية والواجب الديني والوطني المقدس.
وإلا لكانوا قد عرفوا من هو الطرف الذي ذهب ليجمع كلاب العالم المسعورة كي تنهش بلدهم، ومن هو الذي أيد وساند تخريب المنشئات وتدمير كُلّ مقدرات الوطن، ومن هو الذي يحارب جنباً إلى جنب مع أولئك الذين احتلوا العراق وأفغانستان وعملوا كُلّ تلك الأعمال الإجرامية بحق الإنْسَانية تخللت القتل والتلذذ بالسجن والاغْتصَابات وغيرها من الجرائم؛ وهنا نجد أن المحايدين قد أغمضوا أعينهم تجاه هذه المعطيات، وذلك كما ذكرت لتنصلهم عن واجبهم الديني الوطني.
أما على الجانب الآخر يبدو أنهم لم يعرفوا من هو الذي يسفك دماء الأبرياء ويقتل الأَطْفَال والنساء هادماً البيوت فوق ساكنيها، ومن هو الذي يستهدف الأَسْوَاق والقاعات والتجمعات وخطوط السير وغيرها من الاستهدافات التي لا تميز أحد ولا تدير ظهرها عن أحد؛ هنا أَيْضاً أغمضوا أعينهم كي لا يقوموا بالواجب الديني الإنْسَاني؛ وسكتوا على كُلّ تلك الجرائم بحجة أنهم محايدون.
لنفترض أيها المحايدون أنكم تعتبرون الصراع هو صراع مصالح وخلاف سياسي ولهث من أجل السلطة، وقررتم أن لا تتدخلوا في هذا الصراع السياسي وأنكم لستم إلى هؤلاء ولا إلى أُولَئك، ولهذا السبب تخليتم عن الموقف الوطني.
إذاً أين موقفكم الإنْسَاني تجاه من يستهدف عزاء نساء؟!، ويستهدف قاعة عزاء للرجال ويستهدف أعراس ويستهدف مستشفيات ومخيمات وأَسْوَاق وكلها مكتظةً بالناس؟.
أين موقفكم الديني تجاه من يستهدف المساجد؟.
أين موقفُك الشخصيُّ تجاهَ مَن يسعى لإماتتكم جوعاً ومرضاً بحصاره الجائر وحبسه اقتصَاد بلدكم وسحب إيرادات وطنكم التي لكم نصيبٌ منها.
كُلُّ المعطيات وكل القوانين وكل المعادلات تشير إلى أنه لا بد لكم من موقف حازم تجاه كُلّ من يتآمر عليك، إلا أن إصراركم على مواصلة مسلسل الهروب من الواقع هو الذي حال دون ذلك.
وللأسف الشديد أنكم تعتبرون السكوت على الخراب والدمار والقتل والحصار والتجويع “حيادا”!.