الخبر وما وراء الخبر

اليمن يواجه أقوى دول العالم

160

بقلم / أحمد ناصر الشريف

منذ عامين والشعب اليمني ممثلًا في جيشه ولجانه الشعبيّة يواجه أقوى دول العالم عسكريًا و سياسيًا واقتصاديًا واعلاميًا بل وتخصصًا في الحرب النفسية وحبك الشائعات التي تحطم إرَادَة الشعوب ومع كُلّ ذلك لم تهتز له شعرة واحدة وانما قاوم وتصدّى للعدوان بشجاعة وبسالة شهدله بهما اعدائه قبل أصدقائه لأنه – كما أشرنا في مقال سابق – استطاع أن يغيّر استراتيجيات الحروب ويقلبها رأسًا على عقب فوضع بذلك مراكز البحث العسكرية العالمية في ذهول وجعلها تعيد نظرتها في كُلّ تقديراتها وتتساءل: ماذا يجري في اليمن؟ لكن؛ لأن الغرور قد ركب رؤوس بني سعود فإنهم يكابرون ويغطوا على الحقائق بأموال شعب نجد والحجاز التي يتم بعثرتها هنا وهناك بهدف شراء الضمائر الميتة والنفوس الضعيفة على مستوى العالم كله غير مدركين أن الشعب اليمني بعظمته قادر على تغيير المعادلة لصالحه بتوكله على الله وبقدراته المتواضعة قياسا بما يمتلكه تحالف العدوان من قدرات عسكرية ومادية واعلامية لا يستوعبها عقل، لقد اخطأ النظام السعودي في تقديره حينما ظل يتعامل مع الشعب اليمني على أساس أنه اولئك النفر من العملاء والمرتزقة الموجودة اسماؤهم في كشوفات اللجنة الخَاصَّـة التي تدفع لهم موازنات شهرية وفصلية وسنوية من اجل أن ينفذوا له أجندته في اليمن لعرقلة بناء الدولة اليمنية الحديثة القوية والعادلة وهي أجندة رسمها النظام السعودي قبل خمسين عَاماَ وتحديدًا حينما وضع يده على الملف اليمني الذي استلمه الملك السعودي الراحل فيصل بن عبدالعزيز من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في شهر اكتوبر عام 1967م بمدينة الخرطوم وتحت إشراف رئيس وزراء السودان حينها الراحل محمد أحمد محجوب.
وحين سقط اولئك النفر عندما قامت الثورة الشعبيّة يوم 21 سبتمبر عام 2014م وتبين للنظام السعودي أنه كان ينفق أمواله على اناس ورطوه أكثر مما افادوه عاد ليتعامل مع الشعب اليمني من الصفر، كما فعل عقب قيام الثورة اليمنية الأم (سبتمبر واكتوبر) حين قاومها وحاول اسقاطها من خلال فتحه معسكرات للمناوئين لها فأستقدم المرتزقة من كُلّ مكان وقدم لهم الأسلحة والأموال وأسس تحالفا ضدها شاركت فيه دول كبرى ومتحالفا مع بريطانيا التي كانت تحتل جنوب الوطن سابقا ومع نظام الشاه في ايران وكل القوى المعادية الأُخْــرَى على مدى سبع سنوات، إلّا أن ذلك التحالف المعادي للشعب اليمني وثورته (سبتمبر واكتوبر) ارتد إلى نحور حكام النظام السعودي وانتصر اليمن وشعبها لثورته ونظامه الجمهوري ورحلت جيوش بريطانيا صاغرة عن ارض اليمن وتحرر جنوبه الذي تحتله اليوم السعودية ومشيخات الإمَارَات، ومع المتغيرات العالمية كان الشعب اليمني سباقا في تحقيق وحدته في 22 مايو 1990م والتي يريدون اليوم تدميرها وتفتيتها، كما دشن اليمنيون الأحرار مرحلة ثورية جديدة يوم 21 سبتمبر 2014م اعادت الحياة للثورة الأم (سبتمبر واكتوبر) وأحيت مبادئها الستة التي تم تغييبها بفعل تدخل النظام السعودي في الشأن اليمني، ولأن هذه المرحلة الجديدة قد ارست ولأول مرة في الجزيرة العربية نظام الشراكة الوطنية وطالبت برفع الوصاية الخارجية عن القرار السياسي اليمني واكدت على استمرار التعددية الحزبية والسياسية على قاعدة الدستور والقانون ومجلس للنواب ينتخب الشعب اعضاءه انتخابا حرا ومباشرا، فإن مثل هذه الخيارات الوطنية قد عرت النظام السعودي واحرجته امام شعبه المغلوب على أمره والذي يخشى من تأثير التجربة الديمقراطية والتطور الحضاري في اليمن والمجاور لنظامه ولذلك لم يكن أمامه من خيار غير التدخل المباشر من خلال شن عدوان بربري وظالم لإفشال كُلّ هذه التوجُّهات الوطنية، وفي محاولة منه لإعَادَة اليمن إلى بيت الطاعة ولكنه بعد عامين من تجربته المريرة بدأ يشعر بخيبته وأَصْبَح على يقين تام بأنه سيهزم بإذن الله لا محالة وذلك لسبب بسيط يتمثلُ في أن إرَادَةَ الشعوب المظلومة هي المنتصرة دائمًا؛ لأنها أساسًا مستمدة من إرَادَة الله الواحد القهار.