الخبر وما وراء الخبر

حينما يتخلّصُ العدوُّ من أَدَوَاته

169

بقلم / حميد رزق

العدوُّ لا يريدُ اليمنَ لليمنيين ولا لأي طرفٍ منهم، حتى من استدعوه ويقاتلون في صفه لا يريدُ لهم الخيرَ أبدًا.

معروفٌ في تأريخ كُلِّ البلدان التي تعرضت لغزو واستعمار أجنبي أن الغازي لا يوجّه جيوشَه ويضحّي بجنوده ويصرف ميزانياتِه ويعرض اقتصادَه لمخاطر الإفلاس حرصًا على طرف محلي مقابل أَطْرَاف محلية أُخْــرَى، هذه كذبةٌ كبيرة ثمنُها دماءٌ تسيلُ وأَوْطَان تُدمَّر وأوهامٌ يصحو أصحابُها وقد تحوّلت واقعًا مريرًا وندمًا وغُصةً لا تمحوها السنون، ومَن يقرأ التأريخَ القريبَ والبعيدَ يعرف أن هذه قاعدةٌ ثابتة لا تتغيّر أَوْ تتبدل مهما كابر المخدوعون وحاولوا إيجادَ الأعذار الواهية لأنفسهم.

الغازي والمستعمِرُ بعد أن يحقّقَ هدفَه فأولُ شيء ينفِّذُه هو العملُ على تصفية من ساندوه من الأَطْرَاف أَوْ الجماعات وَالأفراد بطُرُقٍ عديدةٍ مباشرةٍ أَوْ ملتوية، والعميل أَوْ الخائن يكونُ مملوكًا لمن استلم أموالَهم وارتمى في أحضانهم، وعندما يكتشفُ أن أسيادَه باعوه وغدروا به فإنه لا يستطيعُ الاعتراضَ عليهم أَوْ الصراخَ في وجوههم فيقدم رقبتَه لمقصلة الغُزاة، بهدوء وصمت وغُصة تقتلُه قبل أن يقتلَه رصاصُ أسياده أَوْ يموت في زنازينهم بصمت وحسرة وندامة.

الأمثلة كثيرة في التأريخ البعيد والقريب، في العراق أين هم الذين عملوا مع المحتل الأَمريكي، وفي ليبيا وسوريا وفلسطين وأفغانستان وغيرها، ما يجري في الجنوب تجربةٌ يمنية حديثة ومستمرة، فما هو مصيرُ الكثيرين ممَّن قاتلوا في صَفِّ العدو ليحتلَّ عدن ومحافظات الجنوب، كثيرٌ منهم إمّا تمت تصفيتهم وبعضُهم اضطر للهروب والتشرد خارج اليمن، وهناك مَن لا زال متخفيًا؛ خشيةَ أن تظفَرَ به داعش والقاعدة، وهناك من لا يزال يصارع للبقاء والعدو في طريق تصفيته والتخلُّص منه.

لذلك لا يندم من واجه العدوان أبدًا مهما ضحّى وقدم من ماله وأهله؛ لأنه دفع ذلك الثمن في المكان السليم وفي المعركة الصحيحة، وستكشف له الأيامُ ذلك حتى لو تأخّرت، مَن يندم ويتحسر ويخسر نفسَه وماله وسُمعته وديناه وآخرته هو مَن وقع في شباك العدو وانخرط في صفوف الغزاة عندما يكتشفُ أنه باع دينَه وضميرَه مقابل وَهْم، سيندم كَثيرًا يوم لا ينفعه الندم عندما يصحو وقد أَصْبَـح فريسةً لمَن خدمهم لاحتلال بلده وقتل أبناء شعبه، وفي النهاية لن يحفَظَ له العدوُّ جميلًا أَوْ يلقيَ لمصلحته بالًا واهتمامًا.

أما الغالبيةُ من أبناء الشعب اليمني وهم يواجهون العدوان بإباء وشموخ واعتزاز وشجاعة فقد أَصْبَـحوا وبرغم كُلّ التضحيات أنموذجًا وقِبلةً لكل الأَحْرَار في العالم، وقد بات واضحًا للجميع في الداخل والخارج أن سبَبَ الحرب العالمية الأَمريكية الإسرائيلية الوَهَّـابية على بلدنا أننا شعبٌ امتلك قرارَه ومشروعَه الذي جعله جزءًا حيويًا وفاعلًا في أُمَّتِه العربية والإسلامية بهُويتها الأصيلة والمستقلة.