السعودية واقتراب النهاية
بقلم / علي أحمد شرف الدين
مثلما كان الفشل العسكري لألمانيا النازية سببا في سقوطها، ومثلها الخلافة العثمانية، وإيطاليا الفاشية، كان لفشل أمريكا بوش الابن مآلات خطيرة في الدور الأمريكي في العالم، حيث فشلت عسكريا في العراق فشلا ذريعا، كانت له ولا تزال ارتداداته على الميدان الساسي والاقتصادي في العالم، وليس آخرها دخول روسيا بقوة في ميدان الصراع في سوريا خاصة، وفي المنطقة العربية عامة، بعد أن كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي شرطي العالم الوحيد دون منافس، وستتابع آثار هزيمة بوش حتى إشعار آخر، ليس في المنطقة العربية فحسب، بل في العالم.
ومن هذا المنطلق يمكن أن نقول بأن النظام السعودي اليوم أكثر قربا من أي وقت مضى من نهايته، لا سيما مع ظهوره بمظهر العاجز في عدوانه على اليمن، ويوما تلو آخر تتبدى مملكة الرمال وهي تغوص في صحرائها المفعمة بالثروة.
حاولت السعودية أن تجد لنفسها دورا قياديا في المنطقة العربية من خلال انطلاقتها بقوة لافتة في العديد من الملفات، كان أبرزها عدوانها على اليمن، وإخراجها علاقتها مع “إسرائيل” من تحت السرير إلى العلن، في لحظة حسبت أنها مواتية لها، فبعد أن فشلت قطر في إسقاط النظام السوري قدمت السعودية نفسها للإدارة الأمريكية كالخيار الأفضل، أو العميل الأمثل، ولكنها ارتدت على عقبها خائبة، بعد فشلها المدوي في أكثر من ميدان، فضلا عن أن سلمان قد ورث من سلفه مملكة آيلة للسقوط، بعد أن تقلص نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية لصالح المشاريع المناهضة لهيمنتها، ولكن بدلا من أن يتجه سلمان بالمملكة إلى توطيد أواصر العلاقة بالجوار السعودي جنوبا وشمالا، انتهج نهجا مغايرا، دون أن يحسن قراءة المشهد الذي عاشته المنطقة، والذي لا تزال الإدارات الأمريكية المتعاقبة تحاول الخروج منه بأقل الخسائر، وهنا كانت بداية النهاية، حيث يكون السقوط في هاوية الفشل العسكري والاقتصادي.
كانت الآلة الإعلامية السعودية الضخمة تعزف دائما سنفونية الريادة السعودية في المنطقة، معتمدة على متانة العلاقات السعوأمريكية، دون أن تعي طبيعة النظرة الأمريكية لمصالحها، غير المبالية بمن يعدون أنفسهم حلفاء لها، وبدأت كرة الثلج تتدحرج، حتى أسفرت عن قانون “جاستا” الأمريكي، الذي مرره الكونجرس الأمريكي رغم كل محاولات إلغائه، ليحمل النظام السعودي غرامات طائلة على خلفية اعتداءات 11 سبتمبر 2001، لا تستطيع المدخرات السعودية تغطيتها، وهو الأمر الذي يشير إلى شدة التبرم الأمريكي من الدور السعودي في المنطقة اليوم، وعدم القناعة به، ليكون هذا مؤشرا قوي وغير وحيد على الفشل السياسي السعودي، في إدارة شؤونه، حتى مع حلفائه.
لا تزال السعودية غير مستوعبة ما يجري من أحداث في المنطقة، فبعد سقوط كل احتمالات سقوط النظام السوري، وبعد سحب الدب الروسي البساط في الملف السوري من أيدي القوى التي استفردت بسوريا حينا من الدهر، تأتي صدمة السعودية في اليمن، فالحرب التي كانت تأمل في أنت تنتهي في سبعة أيام، تمتد إلى أكثر من سبعمائة يوم، والعميل الشرعي للنظام السعودي في اليمن عبد ربه منصور هادي لم يعد بعد إلى سدة الحكم، وكافة عملائها طردوا خارجا، ليقوموا اليوم بدور هو أشبه بدور الفراشة المقتحمة لهب المصباح، أملا في تحقيق مكسب مأمول، لكن الحاصل هو تصاعد قدرة الردع اليمنية كلما مر الوقت، وطال أمد الحرب، فوصول الباليستيات اليمنية إلى الرياض لم يكن آخر صيحات الفشل السعودي في اليمن، بل يأتي تلو ذلك إسقاط طائرة f16 تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني المشارك في العدوان على اليمن، أثناء مشاركتها في تغطية أثناء مساندتها لعملية زحف فاشل على موقع الشبكة في نجران جنوب السعودية.
يرافق الفشل السياسي والعسكري فشل اقتصادي غير مسبوق، حيث تحولت السعودية من دولة ذات احتياطات نقدية كبيرة إلى دولة تعاني عجزا كبيرا في ميزانيتها العامة، لا يكفي معه بعض إجراءات التقشف التي تتخذها، ويقع ضحيتها المواطنون في الدرجة الأولى، نظرا لاستشراء الفساد المالي والإداري في هيكل الدولة، الذي يبتلع كل الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية للحكومة، وهذا ما ألجأ سلمان إلى أن يطلب من أمير الكويت عشرة مليارات دولار كإتاوة، نظير تصدره للحرب في اليمن، وبعيدا عن مشروع محمد بن سلمان الدعائي المعروف بـ 2030، تسير السعودية اليوم إلى المجهول، وفي ظل استمرار خوضها لحروب فاشلة في أكثر من جبهة تبدأ ملامح النهاية المحتومة لهذا النظام المتهالك تلوح في الأفق دون شك.