الخبر وما وراء الخبر

أوراقُ العدوان الأخيرة

128

بقلم / حميد رزق

يوشكُ العامُ الثاني أن ينتهيَ منذ بدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، وهو العدوانُ الذي راهن أصحابُه على احتلال بلادنا والهيمنة على ثرواتها وإذلال شعبها، لكن الأعداء تفاجؤوا أن حساباتهم خاطئة، فالشعب اليمني برغم ظروفه الصعبة إلا أنه شعب عصيٌ على الكسر ويحمل من قيم الإباء ومشاعر الاعتزاز بتأريخه وحضارته ما يجعله أقوى من جبروت الأعداء وجرائمهم التي فاقت في وحشتيها كُلّ التوقعات.
بعد الفشل العسكري الذي منيت به أمريكا والسعودية وبعد المفاجئات الكبيرة التي اجترحها الشعبُ اليمني في مواجهة أوسع حرب عرفها تأريخُ المنطقة يحاول العدو الهروب من تبعات الهزيمة والعار العسكري إلى فتح جبهات من نوع آخر، وأبرز تلك الجبهات الحصار الاقتصادي والحربُ النقدية والمالية التي أدت إلى حرمان الموظفين من رواتبهم، وكان رهان أولئك أن نقلَ البنك بالإضافة إلى الحصار المتزامن مع التحريض وتحريك المرتزقة والمرجفين سيخلقُ حالة فوضى وصدامات بين القوى الوطنية والشارع المكلوم الذي يكتوي بنار الحرب الاقتصادية غير ان رهان العدوان في هذا المجال سقط كما سقطت رهاناتُه السابقة واستمرت قوافل الدعم والاسناد للجيش واللجان الشعبية في مختلف المحافظات لم تتأثر سلبًا أو تتراجع وإنما زادت كمًا ونوعًا، وعندها لجأ العدوان إلى المزيد من الإجراءات الاقتصادية العقابية للشعب اليمني وتم التلاعب بالعملة الوطنية ورفع سعر الدولار.
الإجراءاتُ السابقةُ تزيد الشعبَ اليمني وعيًا بوحشية وقُبح السعودية ومن يقف خلفها وبات اليمنيون يدركون أكثر من أي وقت مضى أنهم أمام معركة مصير مع هؤلاء ومن خادعته ظنونه أو خانته أوهامه أن السعودية وأدوتها يحملون ذرةً من خير لأي يمني حتى مَن يقاتل في صفهم فهو واهم أو مخدوع، فها هي الأوضاع في المحافظات الجنوبية وفي مدينة تعز تنتقل من السيء إلى الأسوأ كُلَّ يوم في ظل غياب الخدمات والمرتبات وسرقة مواد الإغاثة ونهب المساعدات، وما شهدته مدينة عدن الأسبوع الماضي، حيث احتدم الصراعُ بين فصائل المرتزقة، ليس إلا بداية شرارة ومؤشر انقسامات حادّة جراء الصراع المحموم والمتصاعد للسيطرة على النفوذ بين دول العدوان التي تتخذ من أبناء الجنوب أدواتٍ لصراع الأجندة الخاصرة، وقد كشف ناشطون جنوبيون أن الزج بشباب الجنوب في معارك العدوان بالساحلِ الغربي وبعض مناطق تعز وفي جيزان ونجران وعسير له أهدافٌ عدة، أهمُّها إفراغُ الجنوب من الشباب القادرين على حمل السلاح، وإفساحُ المجال أمام سيطرة حزب الإصلاح وعناصر تنظيم القاعدة التي باتت الأكثر حضورًا وقوةً في مناطق الجنوب، وهناك ترقب أمريكي لتصاعد حضور القاعدة لتكون ذريعةَ الإدارة الجديدة التي يقودها ترامب ليدشنَ تدخلا جديدًا في اليمن بذريعة ملاحَقة ومحاربة الإرهاب، وستدفع المناطقُ التي يزعم العدو أنه حرّرها وأنها باتت تحت سيطرة ما يسمى بالشرعية، المزيدَ من الأثمان الباهضة جراء ارتهان نُخبتها وسَاستها لكُلِّ مَن هب ودب بشرط أن يدفعَ لهم المالَ الحرام.