الخبر وما وراء الخبر

ليفني مع الأمير فيصل

199

بقلم / زهير اندرواس

في تحليلٍ نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى اعتبر أنّ خروج العلاقات السعوديّة-الإسرائيليّة إلى العلن يُعتبر من أهّم الأحداث التي شهدها العام الماضي 2016، والتي جرت خلالها لقاءات علنيّة بين مسؤولين إسرائيليين كبار وبين مسؤولين سعوديين سابقين من العائلة المالكة، مثل الأمير تركي الفيصل، مدير المخابرات السعودية الأسبق، والجنرال المُتقاعد أنور عشقي، الذي قام بزيارةٍ غيرُ سريّةٍ لتل أبيب. وغنيٌ عن القول إنّ الفيصل وعشقي لما كانا يُقدمان على خطواتهما التطبيعيّة مع الكيان الإسرائيلي دون الحصول على ضوءٍ أخضرٍ من العائلة المالكة في السعوديّة.

وأمس الاول الجمعة، نشرت وزيرة الخارجية الإسرائيليّة السابقة والنائبة في الكنيست عن حزب “المعسكر الصهيونيّ” المعارض، تسيبي ليفني، (58 عامًا)، نشرت على حسابها الشخصيّ في موقع تويتر صورة تجمعها مع مدير المخابرات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل.

وأشارت ليفني في تعليقها على الصورة: في دافوس مع الأمير تركي الفيصل بعد نقاشات حول المنطقة وعملية السلام مع وزير الخارجية الأردنيّ أيمن الصفدي، ورئيس بنك الاستثمار الفلسطينيّ.

وهذه ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها الفيصل المسؤولين الإسرائيليين، فقد التقى سابقًا رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة الأسبق، الجنرال عاموس يادلين، ومستشار الأمن القوميّ السابق لرئيس الوزراء الإسرائيليّ الجنرال يعقوب عميدرور، والمُدير العّام لوزارة الخارجية الإسرائيليّة، د.دوري غولد، الذي استقال مؤخرًا من منصبه.

ومن الجدير بالذكر أنّه سبق للأمير الفيصل أنْ كال المديح على ليفني في أحد مؤتمرات الأمن في ألمانيا أمام الجمهور في الجلسة قائلاً: أنا أدرك لماذا تفاوضين عن إسرائيل، وردّت ليفني على ثناء الفيصل بالقول: أتمنّى لو كان يمكن أنْ تجلس معي على المنصة ونتحدث عن ذلك، بحسب تعبيرها.

كما أنّ ليفني، كوزيرة خارجيّة، أدارت المفاوضات مع الفلسطينيين، وفي مُقدّمتهم  صائب عريقات، المُلقّب بكبير المفاوضين.

 وعشية العدوان على غزّة، أواخر العام 2008، عقدت ليفني في القاهرة مؤتمرًا صحافيًا مع وزير الخارجيّة المصريّ آنذاك، أحمد أبو الغيط، الذي يتبوأ اليوم منصب الأمين العّام لجامعة الدول العربيّة، وأعلنت فيه بدء الحرب على غزة، بينما وقف الوزير المصريّ صامتا، وهو ما اعتُبر حينها علامة رضا عمّا تقوم به “إسرائيل” من جرائم بحقّ الشعب الفلسطينيّ.

يُشار إلى أنّ ليفني، كانت من أشهر عملاء الموساد، فقد أنهت خدمتها العسكرية كملازم أول في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، عملت لصالح الموساد في أوروبا، وبين الأعوام 1980-1984 لاحقت مع جهاز الموساد قادة منظمة التحرير الفلسطينيّة في معظم دول أوروبا.

وبحسب المصادر الأجنبيّة فقد ساهمت بعمليات الاغتيال، خصوصًا اغتيال مأمون مريش وكان وقتها مساعًدا للقيادي البارز في منظمة التحرير خليل الوزير (أبو جهاد) في أثينا، حيث ساعد في تسيير العمليات الخارجية وأشرف على العلميات الفدائية داخل الأراضي الفلسطينية، حيث اقترب منه شابان يقودان دراجتين ناريتين يوم 20 آب/أغسطس 1983 وفتحا باب سيارته التي كان يهم بإيقافها قرب مسكنه في العاصمة اليونانية، ثم أمطراه بالرصاص من مسدسين كاتمين للصوت ولاذا بالفرار، في عملية لم تستغرق أكثر من دقيقتين.

تقارير خاصّة ربطت اسمها بالعمل كجاسوسة من الدرجة الأولى في فرنسا أوائل الثمانينات، حيث توزع عملها ما بين جمع معلومات عن نشطاء عرب في أوروبا إلى العمل كمدبرة منزلية في العاصمة الفرنسية وكشف خطورة عمل ليفني مع الموساد في تلك الفترة. فقد كانت في وحدة النخبة بحسب أفراييم هليفي المدير الأسبق للموساد، الذي لأسباب أمنية، رفض إعطاء تفاصيل عن المهمات التي قامت بها ليفني في الفترة ما بين عامي 1980 و1984.

ليفني التي تتحدث اللغة الفرنسية بطلاقةٍ، عملت في باريس التي كانت وقتئذ ساحة لمعارك طاحنة بين الموساد وعدد من قيادات الفصائل الفلسطينيّة والطموحات النووية لـ”صدّام”.

مصدر في الاستخبارات الإسرائيلية، ذكر أنّ ليفني انخرطت في صفوف الموساد عن طريق صديقة طفولتها ميرا غال التي خدمت بالموساد 20 عامًا.

وكباقي المتطوعين الجدد قامت ليفني بأعمال الطلاب وتنقلت في القارة الأوروبيّة حيث خاضت العديد من الاختبارات التي لا تخلو في معظمها من المخاطر وتركزت معظم مهامها بالعمل كخادمة أو مدبرة منزلية لبيوت عدد من المطلوبين، وكانت تقدم لهم الإغراءات الجنسية وفي مرّاتٍ كثيرةٍ تقدم جسدها من أجل المعلومات.

بعد العمل في المنازل انطلقت ليفني للعمل الميدانيّ حيث تلقت تدريبات حول كيفية تجنيد الجواسيس وجمع المعلومات، في وقت كان الكيان الإسرائيلي يواجه خصومه الكثيرين، خاصّة بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت وانتقالها إلى تونس.

وكان هيثم مناع، منسق التحالف العالمي من أجل محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، كشف في حديثٍ مع كاتب هذه السطور، النقاب عن أنّ ليفني قامت بقتل عالم نووي عراقي في العاصمة الفرنسية.

 وقال مناع إنّ الموساد ألقى المهمة عليها، فعملت لديه خادمة، ومن ثمّ قامت بتسميمه وقتله، وبعد ذلك اختفت آثارها من فرنسا.

وتعقيبًا على هذا النبأ قال أوفير غيندلمان، الناطق الرسمي بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية، إنّه لا ينفي ولا يؤكّد الخبر، ولكنّه أكد أنّ الوزارة لا تقدم معلومات عن فترة خدمة وزيرة الخارجية في الموساد.

من ناحيته أكّد تامير باردو، رئيس الموساد السابق، أنّ  النساء عميلات استثنائيات، مشيدًا بقدراتهن وقمعهن للذات من أجل تحقيق الأهداف. كما أوضح أنّ قدرات النساء تعلو قدرات الرجال في فهم الإقليم وقراءة المواقف والوعي المكانيّ، بحسب أقواله.

زهير أندراوس – رأي اليوم