الخبر وما وراء الخبر

اغتيال البروفيسور عدوان قبل العدوان

174

بقلم / حمير العزكي

مع مرور الذكرى الثالثة لاغتيال الشهيد البروفيسور أحمد عبدالرحمن شرف الدين سنحت لي الفرصة بمشاهدة وثائقي شهيد الأمة .. وثائقي عن حياة الشهيد البروفيسور والذي أعتقد أنه تم إعداده بحهود ذاتية من أسرة الشهيد البروفيسور !!!

شاهدته قبل أن أخلد الى النوم مبكرا على خلاف المعتاد حيث انتويت السفر إلى مقر عملي ولكن ..  ربما أعجز عن وصف ما بعد لكن .. و لا أعني هنا خصام الكرى وجفوني إنما أعني تزاحم الافلاك في مدار الفكر وزخم المشاعر في حنايا الصدر ،، إجابات لأغلب وأصعب التساؤلات وردودا داحضة لأعتى الشبهات وبينات من الهدى تدمغ الضلالات

41 دقيقة و48 ثانية بدأت بالإعجاب يتلوه الحماس يتبعه العنفوان يتخلله التأمل ويتوسطه التقدير ليلحق به الاجلال فالعرفان فالامتنان فالذهول فالانبهار ثم الشجن ثم الحزن ويختتم الدمع مسيرة أجاد وحده بيان كنهها فالمسيرة في فكر الشهيد البروفيسور أن نسير مع الحق دون التفات واهتمام بالبقاء فالسائرون لا يفكرون بالإقامة مطلقا ولذلك (لسنا طلاب دنيا)

وما أثلج صدري انني عرفت من خلال هذا الوثائقي سبب اغتيال الشهيد البروفيسور معرفة جعلتني أجزم أن اغتياله كان عدوانا سابقا وممهدا للعدوان السعودي الامريكي ،، عدوانا فكريا خسائره لا تعوض تلك المعرفة التي ارتكزت على دور الشهيد البروفيسور في مؤتمر الحوار إعدادا وتحضيرا وإدارة ونقاشا وتوفيقا وصياغة ومقترحات وحلولا ،،بموضوعية الأفكار وحيادية وتجرد الرؤى وصدق وقوة الحجة وسلاسة وبساطة اللغة وأسلوب جاذب للطرح

حيث مثل الشهيد البروفيسور مرجعية معتمدة وشخصية متفق عليها وروح عامرة تطوف برحابها ورحبها جميع التوجهات وقبلة للحرص على الوطن وكان اختياره ممثلا ومفوضا عن مكون أنصار الله في فريق بناء الدولة دليل حكمة السيد القائد وثقة وضعت في أهلها فأستطاع الشهيد البروفيسور بما منحه الله من علم وحكمة ونفاذ بصيرة وصدق سريرة أن يرسم في أذهان العالم الصورة الحقيقة لأنصار الله وأن يثبت نواياهم الصادقة في انجاح الحوار وانقاذ وبناء اليمن وأن يفند الشبهات ويخرس الشائعات التي روجت ضد أنصار الله لسنوات وسنوات فاستحوذ على تقدير الجميع برؤى ونظريات لبناء الدولة كانت الأرقى والأكثر تحضرا بين كل الرؤى المطروحة لينتزع بذلك الانصاف انتزاعا من القريب والبعيد والداخل والخارج في معركة فكرية وسياسية وقانونية بل ملحمة جهادية أسطورية كان انتصاره ومكونه وشعبه فيها صدمة جارفة وصفعة خاسفة لأعداء اليمن جعلتهم يعيدون حساباتهم ويستبدلون مخططاتهم ويتخذوا قرارهم بالعدوان الأثيم على هذا الوطن

لقد كان لرؤية أنصار الله في بناء الدولة ومدنية الدولة التي صاغها فكر الشهيد البروفيسور الدور الأكبر في كسر حصار العزلة الفكرية والسياسية التي فرضت على أنصار الله وامتدت آثارها إلى الحاضنة الشعبية التي كان يفتقدها أنصار الله والتي كانت تجعل من قوتهم العسكرية غير فاعلة في التأثير على المشهد السياسي

ولذلك لم يكن لأعداء هذا الوطن خلاص من الخارطة السياسية التي بدأت بالتشكل إلا بالتخلص من منظرها ومفكرها وعقلها الواعي ،، ولم يجد مثلث الأضلاع الذي تسبب في الأزمات والصراعات مخرجا إلا بإخراج مهندس تفكيك هذا المثلث من اللعبة نهائيا وبموافقة المخرج دون شك

فأجمعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى وقرروا اختطاف نوره في وضح النهار وحجب نجمه خلف غيوم حقدهم واستكبارهم

كان الاغتيال خطوة في إطار عملية ممنهجة وفق تراتبية مدروسة بعناية شيطانية حيث تلاها اغتيال الشهيدين المحطوري والخيواني ثم تلاها بكاء المفكرين الانتهازيين وعواء أنصاف المثقفين على الدولة ومدنيتها والتشدق بهمجية وعبثية القادمين من الكهوف ومن ما وراء التاريخ ،، متحججين بآراء فقهية وشبهات تاريخية  دافنين في رمال انحطاطهم ميراث الشهيد البروفيسور الذي قال:

 نريد بناء دولة بشكل آخر..

دولة مدنية.

ولا أجد ما اختم به سوى دعواتي له بالرحمة والمغفرة والسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم بعث حيا

وهذه الأبيات التي كتبتها في وداعه بتاريخ

 21/1/2014

في وداع الدكتور أحمد شرف الدين

 لمن انعيك يا دكتور أحمد

إلى غدنا؟ الى أمل يبدد؟

إلى وطن يكبل بالظلام؟

يخاف الفجر مهما الليل عربد؟؟

إلى الحق الذي دافعت عنه

عطاءً في المسيرة ليس ينفد؟؟

إلى الصدر الرحوب بكل طيف

الى فكر سوي ماتشدد؟؟

الى الوعي الذي جاهدت فيه

الى حلم بفقدكم تشرد؟؟

الى الحرية العصماء أسمى

أمانيك التي بعلاك تشهد؟؟

الى العدل الذي ربيت فينا

معانيه الرفيعة كيف يولد؟؟

إلى جيل بنيت بكل حب

وجد صرحه السامي المشيد؟؟

إلى القانون رائده وأعتى

معاقله ومرجعه المعمد؟؟

إلى (مدنية) ذبت اشتياقا

اليها لم تزل تسعى وتجهد؟؟

إلى من أيها النور المسجى

فكم حار البيان وكم تردد؟؟

إذا ما الجهل خيم في بلاد

تراه بكل ذي علم ترصد

وتغتال العقول النيرات

ليبقى الليل حاكمها الممجد

لما قتلوك؟ خاف العنف منك؟؟

وأنت خصيمه عن كل مقصد

وهل يخشى التعصب فيك عقلا

يثبط خطوه فغدى مقيد؟؟

لماذا يقتلون النور فينا؟؟

وما تركوا لنا في الافق فرقد!!

وضاقوا بالرؤى السمحاء ذرعا!!

وما عشقوا سوى قان وأسود!!

لما قتلوك ؟هل قتلوك فعلا؟؟

وموت الحر عيش قد تجدد!!

لقد احيوك فينا سبط طه

ولن ننساك يا دكتور احمد