الخبر وما وراء الخبر

مشروعيةُ المولد النبوي وأعيادُ جلوس اﻷمراء والملوك .. المعاني والدلالات

186

بقلم / رضوان سبيع

يأتي حرْصُ ومبادَرة الأمة الإسلامية وعلى رأسها وفي مقدمتها شعبُنا الـيَـمَـني العظيم على إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف لاعتباراتٍ عده سنبينها بعون الله تعالى في سياق هذا التقرير الموجز ،
طبعاً اﻷهم فيها هو لأن ذلك يعتبرُ تنفيذاً واستجابةً لفرائض وموجبات وتلبيةً لدعوات وأسباب ودواعي دينية وأخلاقية وإنْسَـانية ، سنتطرق إليها بإيجاز وعلى سبيل الاختصارِ لا الحصر .
بداية لا شك أن إنْسَـاناً وقائداً تأريخياً ونبياً كريماً كمُحَمَّــد صلوات الله عليه وعلى آله وهو مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين وليخرجَهم من ظلمات الجهل والجاهلية إلَـى نور العلم والإسلام ؛
وإن رجلاً جعل اللهُ من مولده وابتعاثه بمثابة نقطة تحول ونقلة نوعية وحركة تغيير جذرية وكان هو من أسسها وانطلق بها وقاد مسيرتها ومَن مَثل رسالةَ خيرٍ أرسلها الله رحمة لعباده ؛ حين ًأرسله اليهم بالخير والصلاح والنور والهداية لكي يُحِقَّ الحقَّ ويُزهِقَ الباطل ولكي يحرر الناس من عبودية الطواغيت وينقذً المستضعفين من تسلط واستبداد المستكبرين ؛؛
وإنساناً كانت رسالته لإنقاذ وهداية البشرية وكان أحرص الناس عليهم بالمؤمنين رؤوف رحيم كحال محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم الذي عرف واشتهر منذ الطفولة والصبا بنظارة خلقه وحسن خلقه وصدقه وأمانته وصواب منطقه ورجاحة عقله والذي أرسله الله إلَـى مجتمع غارق في ظلمات التيه والضياع والجاهلية الجهلاء لينقذه من الحالة المزرية التي كان يعيشها ولكي يبدل تلك الحالة التي كان يسودها الشر ويهيمن فيها الأشرارُ بأخرى يسودها الخير والأخيار ، ومن أرسله الله منقذاً لبني البشر كيلا يستمرَّ الفسادُ والإفسادُ هما السائد الطاغي لَهو جديرٌ بأن يكرَّمَ ويُحتفى به ويخلد ذكره وذكرى مولده .
احتفاؤنا بذكرى مولد حبيبنا ونبينا مُحَمَّــد – صَلَـى اللهُ عَلَيْه وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- ليس إلا تجسيداً لمعاني التعظيم والإجلال والتقديس التي نكنها وتعتقدها تجاه خير من وطئ الثرى وهي من أغلى وأعز المعاني والقيم والمبادئ التي سكنت في أعماقنا وَوجداننا وتعتقدها وتؤمن بها أحاسيسنا ومشاعرنا وكل جوارحنا ونبضات قلوبنا.
نحيي مولدَه الشريف َ؛ لأنه يمثل لنا شعيرة من شعائر الله ولأن في إحيائه وتعظيمه يزدادُ إيمانُنا ويسكّنُ اللهُ التقوى في قلوبنا، كما بشّرنا وحثنا على ذلك المولى تعالى في قوله تعالى ﴿ ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ﴾ .
نحتفل بمولده الشريف كي نستلهم منه العظمة والعزة والكرامة ولأنه يجب أن نحتفل ونفرح بفضل الله علينا وبرحمته لنا تماماً كما وجهنا بذلك الرحمن الرحيم في قوله تعالى ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون ) ،
وهل هناك ما هو أفضل وأرحم من فضل الله علينا ورحمته لنا من نبي الرحمة مُحَمَّــد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله في كُلّ وقتٍ وأوانٍ وحين الذي خاطبه الله في محكم كتابه بقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين َ) ؟؟!!!.
نُحيي ذكرى المولدَ النبوي الشريف بالحديث عن مَن أرسله الله بالدين المشهور والعلم المأثور والكتاب المسطور والنور الساطع والضياء اللامع والأمر الصادع إزاحةً للشبهات واحتجاجاً بالبينات وتحذيراً بالآيات وتخويفاً بالمَثُلات.
نحتفلُ بمولد النبي مُحَمَّــد الإنْسَـان والقائد العظيم من خلال الحديث عن سيرته العطرة والتذكير بفضائله وأخلاقه النبوية ومواقفه الإنسانية وكي نستفيد من مواقفه بكل ما فيها من الدروس والعبر العظيمة.
نحيي المولد النبوي الشريف كي نتحدث عن عظمة النبي وعن ما عُرف به من القيم والمبادئ الإنْسَـانية والآداب والأخلاق النبوية العظيمة.
وكيف لا يتذكر المؤمنون نبيَّهم الذي أرسله الله رحمةً وهدىً ونوراً وشاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلَـى الله بإذنه وسراجاً منيراً ؟!!.
وهو الذي قال في شأنه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إلَـى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا..)
إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليس سوى تعبير عن تعظيمنا وإجلالنا ومحبتنا للنبي الذي لولاه لكانت البشرية بأجمعها غارقة في الضلال المبين ومُنْحَطَّةً تعبُـــدُ الأصنامَ ولولاه لاستمر البعض من الناس في ارتكاب جريمة الجاهلية الأولى والمتمثلة في جريمة وأد البنات إلَـى يومنا هذا ، قال الله تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُــوْلاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
____________
_ ((المولدُ النبويُّ وأعيادُ جلوس الأمراء والملوك على عُرُوش الممالكِ الوهابية .. الحلالُ والحرامُ )) _
لم يعُدِ الأمرُ غريباً في زمن تصدّر فيه أدعياء التدين المموَّلون من خزائن براميل البترودولار إن أتى مهرولاً نحوَك أيُّ دعيٍ متلبس بالدين أو أحد الذين أصيبت عقولهم وأفئدتهم بجراثيم وأوبئة ترسبات الفكر الوهابي التكفيري _ المعروف بمفاهيمه المغلوطة وأفكاره الهدامة _ كي يعبر عن رفضه واستنكاره لإقدامك على المشاركة في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف وأنت تنظر إلَـى ملامح هذا المتظاهر بالغيرة على الدين يبدو لك كيف أن شرر الغضب والحقد يتطاير من عينيه باتجاهك وفي اللحظة التي يحدثك فيها عن محبته لك، مؤكداً على ذلك بتكرار قسَمه أنه لك من الناصحين وأن ما يريدُه منك هو أن تتخلى عن هذه البدع والممارساتِ الشركيةَ والتي ما كان لك أن ترتكبها لولا أن ذلك كان نتيجة لانخداعك بمعتقدات الجماعات الشركية الضالة ؛ حسب ما أعتاد الوهابيون ترديده في حربهم التكفيرية ضد كل مسلم حريص على إحياء المناسبات الدينية وتعظيم وتقديس شعائر الله !!!.
إلا أنه ورغم كل ذلك نقول لكل أولئك الموبوءين بالمفاهيم والأفكار النكرة التي شرعها وسنَّها لهم قرن الشيطان مُحَمَّــد بن عبدالوهاب النجدي والتي على إثرها ومن مخلفاتها ما تزال الجماعاتُ التكفيرية المتصهينة مستمرةً في مواصَلة ارتكاب جريمة التشويه والإساءة المتعَمَّدة والممنهجة لقيَم ومبادئ وأخلاقيات الدين الإسلامي الحنيف وتمارس هذه الجريمة الشنيعة بشتى الطرُق والوسائل :-
كيدوا كيدَكم واسعوا سعيَكم وناصبوا جهدَكم، فوالله لا تمحوا ذكرنا ولا تميتوا وحينا، وهل أيامكم إلا عدد وجمعكم إلا بدد ؛ فقد كشف أمرُكم وبانت حقيقةُ إساءتكم وعدائيتكم ومعاداتكم للإسلام والمسلمين حتى وإن واصلتم التمظهُرَ بالتدين الكاذب فقد اتضح للجميع أنكم بلا أخلاق ولا دين ولا مروءة وإن كان لكم رابطٌ أو علاقةٌ بدين من الأديان فليس سوى ما لديكم من علاقة وانتماءِ بدين القتل والذبح والتفجير ، فهو دينكم الوحيد المعروف والمشهور بـ ” دين وشريعة براميل البترودولار “.
فمن كان هذا دينه وهكذا هي شريعته تبيحُ وتستبيحُ القتلَ والذبحَ والسحلَ وارتكاب جرائم الإعدامات الجماعية _ إن ذبحاً بالسكاكين والسواطير الداعشية أو من خلال استهدافِ التجمُّعات واﻷسواق والمساجد بالتفجيرات وما ينتج عنها من قتل وإبادة المئات من المسلمين الذين تستباح حياتهم وتسفك دمائهم بواسطة الأحزمة والعُبْوات الناسفة وهم رُكَّعٌ سُجَّدٌ أثناء الصلاة _ لا يحق له أن يتدخل في شؤون المسلمين وفيما يجب وما لا يجب عليهم فعله من أمور دينهم .. !!!
كيف لمن هذه أعماله وهكذا ممارساته اللا أخلاقية واللا إسلامية واللا إنْسَـانية أن يستنكر قيام المسلمين بإحياء ذكرى مولد نبي الرحمة وهادي الأمة ؛ وبكل وقاحة يصر على تشنيع وتسفيه فعلهم بدعوى أنه بدعة ومن الشركيات التي يجب القضاء عليها ؟؟!!!!
ثم على أي أَسَـــاس يا معشرَ الوهابية تجرمون الإحتفال بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف في الوقت الذي أجزتم لأنفسكم أن تطلقوا العنان احتفاءً وابتهاجاً بمناسبات أعياد جلوس الأمراء والملوك على عروش المشيخات والممالك الوهابية وإلى الحد الذي رأينا الكثير من مشايخكم يتنافسون على إصدار الفتاوى التي تجيز وتحث لا بل تجزم بوجوب الإحتفال وإبداء كُلّ مظاهر الحفاوة والابتهاج بيوم جلوس الأمير أو الملك على عرش هذه الإمارة الصحراوية أو تلك المملكة الأعرابية .
تماماً كما جاء في إحدى فتاوى حفيد قرن الشيطان النجدي مفتي مملكة بني سعود المدعو / عبدالعزيز آل الشيخ والتي احتفت بها كُلّ وسائل الإعلام ونشرتها جميع الصحف السعودية حيث قال فيها إن الاحتفال بما سماه اليوم الوطني _ يقصد يوم جلوس الملك على العرش _ أمرٌ ضروري وبالغ الأهمية؛ كونه مظهراً من مظاهر الطاعة والشكر لله تعالى، حسب زعمه .!!!
لكنه وفي فتوى أخرى ، وهذه من المفارقات العجيبة والغربية، وُجد متلبساً بإصدار فتوى تكفيرية يشنع فيها ويستنكر ما يسميه ارتكاب جماعات وفرَق شركية ضالة جريمة إقامة وإحياء مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف باعتبارها ممارسات شركية ةالاحتفاء بها من أبشع المنكرات ومن البدع الشركية الضالة والتي يجبُ على جميع المسلمين تجاه هكذا بدع أن يبادروا إلَـى تفعيل دورهم في حماية الإسلام عبر القيام بواجبهم في النهي عن ارتكاب هذا المنكر الشنيع ومحاربته بكل الطرق والوسائل التي يمكن من خلالها محاصرة ومنع انتشار مثل هذه البدع والمنكرات الشركية في أوساط المسلمين ؛ حسب ما أكدته فتوى حاخام الوهابية آل الشيخ . !!