هكذا يقرؤون انصار الله .. يثيرون الغبار ثم يشكون انعدام الرؤية!! (1)
يعتقد الفيلسوف الايرلندي جورج باركلي(1685-1853)ان كثيرا من الصعاب التي شغلت الفلاسفة ووقفت في طريق المعرفة ترجع إلينا فنحن نبدأ بان نثير الغبار ثم نشكوا من عدم قدرتنا على الرؤية ”
اعتبر نفسي متابعا جيدا لما يكتب عن انصار الله من دراسات وقراءات وتحليلات خاصة تلك التي تسعي لتقديم صورة تعريفية بأنصار الله من هم ؟ فكرهم ,اهدافهم ,مقولاتهم ..؟
من واقع خبرتي اعتقد ان النظام السابق والنخبة السياسية والفكرية ساهموا بإثارة عجاجة من الغبار شوشت الرؤية حول انصار الله واربكت النظام ولا زالت تربك النخب الحزبية حتى الان في التعامل السليم مع انصار الله من البداية ولا زال مستمرا حتى الان .
تخيلوا ان كتاب “عصر الظهور “لمؤلف ايراني اسمه الكوراني كان مصدر معلومات عدد من الكتابات بعد الحرب الاولى واثناء الحروب الست !!!.
اورد لكم نماذج من هذه القراءات كالتالي:
– القراءات البوليسية التي تقاربها بعقلية أمنية مؤامراتية لاستصدار أحكام دائنة فمرة تنسبهم لإيران ومرة للشرق واخرى للغرب او تعتبرهم مؤامرة تتربص شرا بالجمهورية والثورة وتكرارا رثا وهزيلا لتنظيمات لا تاريخية موروثة تخطط جماعة انصارالله لاستحيائها استئناف الإمامة السياسية .
– القراءات الاتقائية الموجهة ايديولوجيا وطائفيا وهذه معظمها انتجها التيار السلفي في السلطة وجماعة الاخوان ومحتواها طافح بالعواطف المذهبية على مستوى المصطلحات المثقلة بالدلالات الطائفية او على مستوى انتقاء مفردات معينة من كامل الخطاب الحوثي واختزالها فيها واهم مفرداته الصحابة, المتعة ,السلف ونحوها .
– القراءات الفلوكلورية المؤسطرة عن أنصار الله وتخليق كليشيهات تشيطنهم في الوعي الجمعي مثل حكاية المقاتل الحوثي “ابوعينين من الخلف “البدوي المتوحش الدموي القاسي المتبردق عديم الرأفة المزهو ببؤسه ,وملابسه التقليدية المهلهلة وأظافره الخشنة والبقع السوداء والداكنة المتناثرة على خريطة جسمه ونحوها من القراءات التي تكشف عن نفس مناطقي ,ونزوع نرجسي من الإحساس بالتفوق والتميز المعرفي ودونية الآخر .
مثل هذه القراءات ترتبط بفكرة المكافحة أكثر من ارتباطها بمطلب الفهم والتحليل العلمي والتفهم العقلاني ,والنتيجة الضرورية التي تقود إليها غير رفض الاعتراف بمشروعيتها الوجودية إنها تدفع بوعي وبدون وعي إلى تطوير موقف سلبي عدائي و وبالتالي الدخول في دوامة من جولات العنف المتكررة .
وقد يكون مقارنة مثل هذه القراءات بالدراسة التي اعدها مركز راند الامريكي عام 2010م يوضح الفرق بين العقل الغربي وبين استهبال العقل العربي وجزء كبير النخب الحزبية اليمنية في التعاطي مع ظواهر تتصل بكل مناحي حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
في حين لم يكلف احدا نفسه بالتواضع والنزول من تعاليه المعرفي الكاذب فان مركز راند وهو مركز امريكي مرتبط بوزارة الدفاع الامريكية اسندت للخبير الاجتماعي باراك سالموني واثنين مساعدين اعداد دراسة عن انصار الله فبعد ان راوا ان ستة حروب لم تؤدي الى نتيجة معهم ومن واقع مصلحتهم يردون اولا ان يحصلوا على المعلومة الصحيحة لفهم هذه الظاهرة التي يمكن ان يكون لها تداعيات على امن القرن الافريقي والمنطقة .
تخيلوا..بحسب معلوماتي باراك سالموني تواصل مع شخص يمني في امريكا يطلب منه نسخة كاملة من محاضرات السيد حسين عكف عليها ستة اشهر وقام مع مساعديه بفحص كل المواقع التابعة لانصارالله وبيانات المكتب الاعلامي وخطابات ومقابلات السيد عبدالملك الحوثي ,,الشخص الذي كان يتواصل معه سالموني اخبرني انه كان يزوره بين فترة واخرى يمكث معه من 5-8 ساعات من النقاش واخرج دراسة من 410 صفحة ورغم الملاحظات التي يمكن قولها اهم نتيجتين خلصت اليها الدراسة تتعلق بالعلاقة مع ايران وموضوع الامامة تقول الدراسة “في المحاضرات التي أخذت كعينات فإن حسين لا يقدم أي مطالب أو ادعاءات غريبة مثل كونه الإمام المغيب ولا يدعوا إلى العودة إلى الإمامة في شمال اليمن وهو بذلك لا يبدوا أنه يشجع العودة إلى الحكم الأمامي الزيدي ما قبل 1962م، بالإضافة إلى أن حسين لم يحث أنصاره أبداً على حمل السلاح ضد الدولة اليمنية”.
بالتأكيد سالموني لم يكن من بين مصادره “عصر الظهور” للكوراني !!
لا يعنيني هنا تقييم الموقف الامريكي بقدر ما اريد توضيح حرص مثل هذه الانظمة على امتلاك المعلومة السليمة بعد ذلك وليس بالضرورة اتخاذ الموقف السليم بل يوظفونها بالطريقة التي تخدم مصالحهم ,في حين عند جزء كبير من النخب الحزبية والسياسية اليمنية تتخذ مواقفها بناء على جنان يشبه جنان علي البخيتي
يتبع …مفاتيح قراءة الخطاب الحوثي