الخبر وما وراء الخبر

صلاح العزي .. حكاية كفاح

174

بقلم /  عابد المهذري


مؤلم جدا ومؤسف لأبعد حد ؛ أن يموت صلاح العزي ويرحل عن الدنيا ونبقى نحن على قيد الحياة .
ولأن صلاح هو الأنقى والأصدق والأكثر نشاطا واخلاصا وتضحية بين جميع الاعلاميين والكتاب .. فهو أكثرنا استحقاقا للبقاء منا جميعا .. لكنها اﻷقدار تختار أرواح الجياد وتنتقي خيار البشر ليكونوا ضيوف الرحمن وصلاح انبل الناس الأخيار .


لقد غادرنا الإنسان الأوفى والإسم الأصلح والحكاية الخضراء كأغصان الزيتون .
رحل الى عوالم الخلود الأبدي تاركا إرث ضخم من عطاءات شاب عظيم لن يتكرر أو تنجب الأرض رجل آخر مثله .
كان صلاح .. كاتب يقدس الكلمة .. وقلم يحترم الحرف .. وصحفي شق طريقه – في مجاله وتوجهه – بطريقته الخاصة ؛ بإنسيابية نسمة هبت من حدائق الجنة .. يخوض المسار الصعب بعزيمة لا تلين .. يتحدى المستحيل بهدوء وثبات وصبر على مدى سنوات طويلة قاسية المرارة كثيرة العقبات .. وهو وحده يمضي بثقة ونفس مطمئنة الى حيث حدد مساره .. مؤمنا بقضية وهب نفسه في سبيلها وعاهد الله الإنتصار لها ومنه استمد العون في زمن انعدم فيه الأعوان .. فكانا إثنان .. صلاح ومعه ربه خير معين له .. حتى تربع عرش المجد وتحققت غاياته فأدار ظهره للمطامع وخر ساجدا شكرا لله .. مواصلا ذات الدرب بإيثار وتواضع وبهمة ونشاط ضعف ما سبق .. ينقش في سفر التاريخ قصة كفاح عنوانها صلاح .
لا أحد فينا مثل صلاح العزي ولا يشبهه أو يوازيه ويقارن به أحد سواه .. لأنه الإستثناء الناصع في كل شيئ والنموذج الأنصع لكل معاني الشهامة والإنسانية .. أخلاقا ووعيا .. زهدا وتقوى .. إحسانا وأدبا .. طهارة يد ونقاء قلب .. نزيها من الأخطاء خاليا من الضغائن والأحقاد .


ومن ذا صالحا كصلاح .. بكفاحه وأعماله ؟!
من ذا كريما وعزيزا كالعزي العزيز الغالي ؟!
من ذا يملك العزة والكرامة والإعتزاز كإبن العزي .. الإبتسامة المشرقة كل صباح والوجه البهي المضئ ليالي العتمة .. ملاك النور الذي يحيل مساءات القلق والإضطراب الى مشكاة نور تشع بهجة وتشيع في الأنفس روحانية حب وسلام ممزوجة بعنفوان شموخ ونصر تملأ الجنبات بنورانية اليقين المبدد دياجير الظلم ؛ كلما هم يكتب سطرا ويزف خبرا .. كلما ظهر يتحدث عن حدث ويعلن بشرى .. وكلما اختلى مع ملائكة السماء ليتوضأ ويصلي ويستغفر .