لقاء الشيطان والملاك
بقلم / عباس الديلمي
يدفعني فضولى “بالعامية وليس بالمعنى اللغوى” إلى تدوين ملاحظات ونشرها وهذا ما يدفعني اليوم إلى جمعها وإعدادها للإصدار في كتاب بعنوان “خواطر فضولي” قبل أيام حدث في موقف دفعني لكتابة ما يمكن إضافته إلى تلك الخواطر وأحسست من خلال الموقف إياه أني قد تمكنت من اكتشاف لم يسبقني اليه غيرى على حد علمي وهو أن الشيطان والملاك قد يجتمعان ويجلسان معا ويسودهما انسجام وتوافق قد يصل إلى المودة وما هو أكبر.
وقبل أن أقصّ عليكم ما حدث فأدى إلى هذا الاكتشاف الغريب لا بد من التمهيد له بشيء من التوضيح الذي اختصره في القول: تعرفون أن العرب القدامى قد أعجبوا بالشعر والشعراء إلى درجة الافتتان وبلغ الأمر بهم حد الاعتقاد بان الشاعر الذي لا يختلف عن سائر الناس في شيء ويأتي بالحكمة التي تدهش العقل وبالغزل الذي يلامس القلوب وبالوصف الذي ياسر الأرواح … الخ لا بد أن هناك شيطان يوحى اليه بما يتميز به في ما يقول وينظم، فساد القول بأن لكل شاعر شيطانا وأن هذا الشيطان ليس كبقية الشياطين بل يتميز عليها ذكاء وعبقرية فنسبوا الشياطين التي تلازم الشعراء إلى وادي عبقر إشارة منهم إلى العبقرية والنبوغ هكذا اعتقد العرب القدامى ولهذا قالوا: لكل شاعر شيطان وكانوا إذا ما أرادوا أن يسمعوا جديد الشاعر يقولون له: ماذا قال لك شيطانك: أي اسمعنا جديد ما أوحى به إليك شيطانك.
ننتهي من الإعجاب بالشعراء وشياطينهم ونأتي إلى الإعجاب بمهنة الطب والعاملين في مجال الاستطباب، فلشدة إعجابهم بما يقدمونه للناس والمرضى تحديداً، من رعاية ومساعدة على تجاوز الآلام والشفاء من الأسقام وما يحيطونهم به من حنان ورحمة بعطف مستمر من طباع الملائكة لم يقولوا أن للطبيب والطبيبة ملاكا بوجهه بذلك بل صنفوه في عداد الملائكة المختصين بالرحمة وجمالها فوصفوهم بملائكة الرحمة أي الملائكة الموكلين بالرحمة والشفقة على من يستحقها.
ها نحن وصلنا إلى أن للشاعر شيطانا عبقريا وأن الطبيب ملاك رحمة والآن نأتي إلى ما حدث لي وتم اكتشافه : كان هناك شاعر وطبيبة يجلسان تحت سقف الصفاء والنقاء وقد تركز حديثهما على شؤون اليمن وأحوالها ومعاناة الناس من هذا العدوان وجرائمه والحصار ومآسيه وما تبذله تلك الطبيبة من جهد في التعامل مع الجرحى والمحتاجين للرعاية .. إلخ فقلت لنفسي يبدو أني اكتشف ما هو جديد وهو كيف تجمع جلسة كهذه شيطانا عبقريا وملاك رحمة على ما هو خير وإنساني ويؤكد أن الخير رحمة وأن الله محبة كما ورد في الديانات السماوية. سبحان الله شيطان وملاك يجلسان معا في انسجام وتوافق وصداقة قد تجدون ما حدث مختزلا في قصيدة ترقبوا ما سيقول شيطانها.