موظفو الدولة في مرمى ابتراز العدوان بالرواتب!!
ذمار نيوز : الثورة نت
استطلاع /أحمد الطيار
يعيش أكثر من مليون موظف حكومي حالاً معيشية في غاية السوء وهم يودعون الشهر الثاني من دون بصيص أمل في تسلم رواتبهم ،جراء سحب العدوان سيولة العملة الوطنية وقرار مرتزقته بنقل البنك المركزي فيما تزداد معاناتهم وأسرهم حدا لم يعد تجدي معه الديون في واحدة من أخطر المشاكل المالية المعقدة التي تمر بها الأسر في الوقت الراهن .
أزمة الرواتب
تفاقمت أزمة الرواتب منذ نهاية شهر اغسطس يوليو الماضي حيث لم يتسلم حتى اليوم الكثير من منتسبي القوات المسلحة والأمن مرتبات شهرين متتاليين فيها لم يتسلم موظفو القطاع المدني والمتقاعدون مرتبات شهر سبتمبر وينتظرون حتى اليوم وعودا بالاستلام لكن الوقت لم يحدد البتة .
ومما يدعو للدهشة تفرج المجتمع الدولي على مأساة ملايين اليمنيين والمتفاقمة جراء العدوان الخارجي وحربه الاقتصادية واستخدامها مؤخراً عرقلة صرف الرواتب وهي مشكلة تعني التحول للجوع مباشرة كما يقول المحلل الاقتصادي وضاح عبدالخالق الأكوع من المركز اليمني للاستشارات الاقتصادية.. مضيفاً أن توقف صرف الرواتب قد أدى لتفاقم الديون على الأسر مباشرة حيث أن الإنفاق على المواد الأساسية للطعام والشراب يتم شراؤها بالآجل وهو ما يعني تراكم الديون ولكن حتى اجل قريب ربما لن يطول شهرين آخرين، لن يكون خيار الاستدانة بعده متاحاً.
ابتزاز الموظفين
كل الأسر اليمنية المعتمدة على رواتب أبنائها الموظفين في الدولة تأثرت سلباً حيث أنه نسبة الاعتماد على الرواتب لدى الأسر اليمنية يصل لمستوى 70% في المناطق الحضرية وفقا لمسح ميزانية الأسرة 2005م ،فيما يصل الاعتماد إلى 30% لدى الريف.
ويعتقد الخبير الاقتصادي الدكتور طه الفسيل إن “90% من دخل الأسر في المدن يأتي من التوظيف مع الحكومة في العاصمة صنعاء وهذا يفسر التأثر الشديد بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها الأسر منذ نهاية العام 2014م حين تراجعت نفقات الحكومة على موظفيها ولم يتق لهم سوى الراتب مما جعلهم تحت خط الفقر وفقا لتصنيف الأمم المتحدة عام 2015م”.
تراجع الانفاق
انخفضت نفقات الأسر بنسبة 70% عَّما كانت عليه في الأشهر الأولى من العام 2016م وهو يظهر تأثيره على السوق المحلية ويعتقد الخبراء ان “النشاط السوقي تراجع بنسبة 70-80% من قوته بسبب ضعف حركة الاستهلاك المحلي والتي تكاد تنحصر في المواد الغذائية الأساسية “.
ويكشف تجار أن “مستوى التشغيل في السوق المحلي فقد 80% من نشاطه نظرا لتراجع مداخيل المستهلكين” ويرون ان تجار التجزئة هم الخاسرون حاليا فمستوى تمكنهم من استعادة تعويض المواد المباعة انخفض بـ60% فيما مستوى حصولهم على النقد مقابل البيع 20% وهي عملية تشل السوق اقتصاديا وتصيبه بالانهيار”.
استنزاف المدخرات
انعدام مدخرات السيولة النقدية لدى الأسر يبدو واضحا ويطلق عليه مجازا بـ “الحراف” أو “الطفر” ولم يعد احد قادر على الحصول على أي مبالغ لأنه لايستطيع الحصول على عمل يحقق منه مقابلاً مادياً نقدياً نظرا لتوقف النشاط الاقتصادي في الكثير من المجالات جراء حالة الحرب والحصار والعدوان الخارجي الذي جعل من الحرب الاقتصادي على اليمن احدى أدواته لابتزاز اليمنيين ومحاولة إخضاعهم لأهدافه وخصوصا منذ إصدار مرتزقة العدوان قرار بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن ومن دون ان يقوم بدوره في الوفاء بمستحقات الموظفين، ليبقى الناس اليمنيون في الشمال والجنوب رواتبهم ويعانون من تأخيرها اشد المعاناة.
تراكم الديون
اشتدت صعوبة الاحوال المعيشية على الموظفين شهراً بعد آخر ويعتبر أصحاب بقالات تمرين المواد الغذائية ملاذا لتوفير مستلزمات الأسر بطريقة الآجل ولهذا تبدو العلاقة بين الموظف وصاحب البقالة علاقة مطردة فإذا قام الموظف بالتسديد يستطيع صاحب البقالة الانتعاش وتعزيز موجودات بقالته والعكس حين يعجز الموظف عن التسديد كما هو الوضع حاليا في شهر أكتوبر 2016م فأصحاب البقالات لم يتسلموا ديونهم من الشهرين الماضيين ، ويقول صالح الكوكباني إن زبائنه الذين يقوم بتوفير مستلزماتهم الغذائية طوال الشهر على الحساب (ديناً) يصلون إلى 100 أسرة ومعظمهم موظفين مع الدولة أو في القطاع الخاص على أن يسددوه أخر الشهر وهكذا تجري الأمور شهريا” مضيفا: اختلف الوضع خلال الشهر الماضي والذي قبله فقد جاء أوائل أكتوبر وهم لم يسددوا ديون شهر أغسطس “ما جعل الزبائن يعجزون عن السداد وحين انتظرناهم للشهر القادم لم يستلموا أيضا ويقولون ان رواتبهم لم تسلم ما يعني ان نشاطي سيتوقف فورا ولن يكون بوسعهم الحصول على مواد غذائية لا مني ولا من غيري”.
علي وديع، صاحب سوبر ماركت شارع الدائري الغربي بأمانة العاصمة يشير أيضاً إلى أن “الزبائن الذين يسددوا ديونهم يبلغون 100% في شهر أكتوبر الجاري رغم أن معظم زبائنه من الميسورين” كما يعتقد، مشيرا إلى أن توقف تسليم الرواتب من الحكومة هو السبب رغم أنهم يواصلون شراء المستلزمات منا يوميا على الحساب (دينا)، فتوقف تزويدهم بالمستلزمات يعني موتهم جوعا”.
قلق الإيجارات
ايجارات السكن هي الأخرى مصدر قلق دائم يتفاقم مع عجز كثير من الأسر عن تسديد الإيجار لشهر أغسطس وسبتمبر وأكتوبر الجاري مقدما وبالتالي يتعرضون لمضايقات من المؤجرين نظرا لان رواتبهم لم تسلم ولم يتمكنوا من دفع الإيجار، ويواجه كثيرون تهديدات يومية بدفع الإيجار أو إخلاء العقار.
ويصف علي أبو حروب صاحب مكتب عقارات هذه المعضلة بالمثيرة قائلاً أصحاب المنازل مصممون على استلام إيجاراتهم من المستأجرين والمستأجرين يطالبونهم بالانتظار لآخر الشهر والواقع يقول أن راتب اخر الشهر لن يأتي قريبا “.
ويضيف حروب :”يحضر للمكتب لدينا العديد من الملاك والمستأجرين وهم في حالة نزاع تام على الإيجار ونضطر لعقد صلح بينهم واخذ التزامات خطية بالوفاء آخر الشهر حين يصر المستأجرون على أخد حقوقهم كاملة دون رحمة أو تسهيل على المستأجر.. ما يستدعي بنظر السواد الأعظم من الموظفين، إصدار السلطات ممثلة في المجلس السياسي قراراً يقضي بالزام المؤجرين تأجيل دفع الايجارات المستحقة لهم لحين انفراج أزمة السيولة والرواتب.
شبح الجوع
يتجاهل من يزعمون انهم السلطة الشرعية (هادي وحكومته) أن تأخير رواتب موظفي الدولة يعني وقوعهم فريسة لمجاعة مقبلة فمن لم يعد لديه نقود لن يتمكن من شراء المواد الأساسية الضرورية لأسرته وهذا افتراض منطقي لايوجد له حل ،فليس هناك حاليا مؤسسات مالية قادرة على منح قروض صغيرة للموظفين ولايوجد سيولة لدى الجهات الحكومية لتقسيط مرتبات الناس ولاحتى قطاع خاص قوي يمكنه من تحمل مصاريف ومستلزمات الناس لأجل محدد.
ويشير كثير من الخبراء أن مسألة المجاعة هي مسألة وقت فقط فهناك الآن الآلاف من الأسر تعيش على كفاف من الغذاء ربما لن يكفيها لمدة نصف شهر وهناك من تراكمت ديونه ولم يعد يستطع الحصول على قوت يومه ،والحقيقة أن الوضع اكبر مما نعتقد ويعتقد لأن وضع الحرب والعدوان طغى على مسألة الشفافية والاهتمام منصب على تفادي ووقف العدوان ورفع الحصار وهذا اخذ من الوقت المخصص لمناقشة أزمة الناس والأسر ومعيشتها الضنكى.