الخبر وما وراء الخبر

عندما قلت: شكراً سلمان..

157

عباس الديلمي
جمعني مجلس مقيل بمغترب يمني عاد إلى وطنه من المملكة السعودية..سألته بدافع معرفة سلامة السير في الطريق البرية التي تربط ما بيننا وبين المملكة عبر منفذ الشرورة – المقتطعة – فأجابني بأن لا مشاكل أمنية أو إجرائية رغم كثرة النقاط..
لقد عاملني من في النقاط الواقعة تحت سيطرة الموالين للعدوان السعودي على اليمن على أني قادم من دولة حليفة أو يتبعون نفوذها وإمرة ضباطها، وعاملني من في النقاط الواقعة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني واللجان الشعبية كمغترب يمني مرحب به بين أهله وفي وطنه وقبل أن يستمع إلى تعليقي على ما سمعت استجمع كل ما في صدره وأطلقه في زفرة مملوءة بالتعبير عن الكثير من المتاعب: ثم واصل قائلاً: لقد واجهت في طريقي من الشرورة حتى صنعاء من المخاطر – وليس المتاعب – ما كادت تودي بحياتي في أكثر من حادث مروري، وفي أكثر من مكان، وهنا فقدت مقدرتي على الإصغاء وحسن الاستماع وقاطعته متسائلاً: ممن؟ وعلام ولماذا؟!! فقال على التو: من المواطنين أو مستخدمي الطريق، أما على ماذا فبسبب اللوحة المرورية السعودية على سيارتي إلى جانب هيئتي أو ملبسي، وأما لماذا فلكراهية الناس المطلقة في الشارع اليمني لكل ما هو سعودي.. كان بعض المواطنين من المارة يتجاوزني بطريقة مخيفة تكاد تخرجني من خط سيري والبعض يتجاوزني ويدخل فجأة إلى أمام سيارتي وكأنه يريد أن أصطدم بمؤخرة سيارته الكبيرة أو ناقلته، أما من يأتي من الخط المعاكس فيقترب مني وكأنه يريد لسيارته أن تحتك بسيارتي وتلقي بها إلى خارج الخط ناهيك عن الشتائم التي كنت أسمعها عند السير في أي تجمع حتى من الأطفال، وابتسم وهو يقول: كان أكثرهم أدبا يقول لي: سلم نفسك يا سعودي يا حقير.
شاركته الابتسام وقلت له: ولكن هل عرفت لماذا يبدر ذلك من قبل رجل الشارع في اليمن ازاء من يلبس هذا الثوب ويقود سيارة بلوحات سعودية؟ وهل تفهمت ذلك من شعب ألحق به بنو سعود ما ألحقوه من تآمر وتدمير وجرائم حرب ليس من الآن ولكن منذ ثلاثينيات القرن الماضي؟ قال: نعم ولهذا توقفت في منتصف الطريق إلى صنعاء ونزعت اللوحات السعودية من على سيارتي وسافرت بأمان وكان من في النقاط يتفهمون الوضع عندما يسألونني عن لوحات السيارة وأشرح لهم الأمر، وهنا نظرت اليه وأنا أقول: شكرا سلمان، لقد بعثت في نفوس اليمانيين ما حاولوا دفنه عبر عقود من الزمن وأضفت اليه ما لا تُخمد ناره ولا تخف مواجعه ولا تندمل جروحه ولا تموت ثاراته لعقود بل وقرون من الزمن القادم.
شكرا سلمان ليس لأنك دفعت بمن رفعوا هذه العبارة “اللعنة” عند مدخل شارع الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في مدينة تعز ويستبدلون هذه التسمية بتسمية “شارع الشهداء” بل لأنك استطعت أن تجعل رجل الشارع في اليمن – قبل المتعلم والمثقف – يعرف تمام المعرفة ماذا تريد مملكتكم من جاره اليمن وما تكنه وتحمله له من حقد وبغضاء وكراهية وما تسعى جاهدة أن تلحقه به من الأذى وإن أنفقتم مما في خزائن “محطتكم البترولية” وتحالفتم حتى مع اليهود وانغمستم في جرائم حرب قذرة سنظل نلاحقكم عبر التاريخ.
شكراً سلمان لقد كنت عوننا في إيصال ما نحرص على إيصاله إلى عامة الناس والبسطاء في الشارع اليمني ولأجيالنا القادمة.