الخبر وما وراء الخبر

الدول الخليجية «تذبح» نفسها.. نفطياً!

116

ذمار نيوز : الرابط

مع بداية تراجع أسعار النفط منتصف العام 2014 في ظل الفائض الهائل في الإمدادات، بدا إنذار حرب نفطية كبرى تلوح في الأفق.

آنذاك، لم يكن بإمكان الخبراء والمحللين بحيثيات وإحداثيات وحتى أطراف المعركة المرتقبة. فقد ذهب البعض إلى أنها ستكون «ضربة قاصمة» لإيران واقتصادها على وقع تشديد العقوبات الغربية عليها، واستفحال معدلات البطالة والتضخم وتراجع «التومان» إلى مستويات غير مسبوقة.

في المقابل، رأى البعض الآخر، أن التراخي المتعمّد من قبل منظمة «أوبك» بقيادة دول الخليج (الفارسي)، وعلى رأسها المملكة السعودية في الحدّ من النزيف النفطي، إنما يشكّل رسالة مباشرة إلى روسيا على خلفية الاشتباك السياسي والعسكري غير المباشر في سورية.

بيد أن نذر تلك الحرب أخذت تتضح بشكل أكبر بحلول صيف العام 2015، وتحديداً عندما بدأت الشركات النفطية الأميركية تشهر إفلاسها، وتشطب آلاف الوظائف في ظل عدم قدرتها على الصمود أكثر أمام التراجع الحاد للأسعار.

لم تكن الولايات المتحدة الأميركية تنتظر رفع شركاتها «الراية البيضاء» لتدرك أنها مشمولة في حرب «أوبك» إلى جانب كل من روسيا وإيران، ولكنها «جارت» المعركة على طريقتها الخاصة، ومن دون ضجيج أو جلبة تذكر.

فما إن وصل الرابع عشر من شهر يوليو من العام نفسه (2015)، حتى أعلنت القوى الست الكبرى وطهران (بعد محاثات ماراثونية بين وزير خارجية «الشيطان الأكبر» جون كيري ونظيره الإيراني جواد ظريف) التوصل إلى اتفاق يقضي برفع العقوبات الغربية عن الجمهورية الإسلامية، وتحرير عشرات مليارات الدولارات لصالحها، فضلاً عن فتح صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين.

وفي شهر ديسمبر من السنة عينها، وافق «الكونغرس» الأميركي على رفع الحظر المفروض منذ العام 1975 على صادرات النفط، في خطوة وصفت بالتحوّل غير المسبوق في استراتيجية الطاقة في الولايات المتحدة.

لم تتلقف دول الخليج (الفارسي) الرسائل الأميركية «شديدة اللهجة»، فاستمرت في انتهاج السياسية نفسها دون تغيير، قبل أن تدرك متأخرة جداً وتحديداً خلال اجتماع «أوبك» في الجزائر قبل أيام، أنها كانت «تذبح» نفسها بنفسها من دون أن تدري، لتتجرّع مرارة قرار التخفيض.

في الواقع، يبدو أن المجموعة الخليجية دخلت المعركة النفطية من دون حسابات دقيقة، فبينما كانت تراهن على انهيار الاقتصاد الإيراني، ومن خلفه «استسلام» موسكو السياسي في سورية، حصل العكس، فلا الاقتصاد الإيراني انهار، ولا موسكو استسلمت، متناسية في غمرة الأحداث أنها الوحيدة بين أطراف المعركة، القائم اقتصادها على عنصر النفط وحده دون سواه.

وبين فشل الرهانين، ثمة فشل أكبر، تمثل في خسارة فادحة وغير معلنة لحليف «قديم»، في وقت أدخلت فيها دول «التعاون» نفسها من حيث لا تدري في نفق العجوزات المالية الضخمة والتراجع الاقتصادي الفادح، وكأنها تحرق نفسها!