مـا الفـرق بيـن ‘آل سعـود’ و ‘آل فرعـون’؟..
خاص: بانوراما الشرق الوسط – أحمد الشرقاوي
‘آل سعـود’ يُحضّـرون لحـوار مـع الشيعـة..
بحسب ما نقلته صحيفة “المدينة” السعودية على موقعها الرسمي يوم السابع عشر من الجاري، قال الشيخ عبد الله بن سلمان المنيع الذي يعمل مستشارا في الديوان الملكي وعضوا من كبار علماء الوهابية، أن الهيئة تحضر لحوار مع من أسماهم بـ”عقلاء الشيعة” في الأحساء والقطيف، بل وحتى شيعة العراق وإيران وكل البلدان العربية التي بها طوائف شيعية لمحاورتهم ولـ”بيان الحق لهم” حسب قوله.
وبالتالي، نحن هنا أمام حوار انتقائي، لأنه سيقتصر على من أسماهم البيان بـ”عقلاء الشيعة”، ما يعني أن من لا يستجيب لهذه الدعوة المشروطة سيصنف في خانة “الغلاة الضالين”، وهو ما يؤكد أن الهدف الحقيقي من وراء هذا الحوار “الخديعة”، هو اختراق الطائفة الشيعية الكريمة لشق صف وحدتها وتحويل من يقبلون بالحوار إلى طابور خامس عملا بمبدأ فرق تسد الشهير..
ويأتي المشروع السعودي الجديد بعد أن نجحت المملكة بالفكر التخريبي والمال الحرام في ابتلاع مذاهب أهل السنة وحولت العديد من شبابهم إلى وقود لنار حروبها ضد الإسلام والمسلمين والعرب أجمعين خدمة لأهداف أسيادها في واشنطن وتل أبيب، ويبدو أن الدور جاء اليوم لتتولى الطائفة الشيعية الكريمة بهدف ضرب لحمتها بعد أن أبدت مناعة منقطة النظير أمام التغريب الثقافي والتجهيل الإعلامي، وظلت برغم العواصف ثابتة على مبادئها، وفية لدينها، متشبثة بوحدتها، ملتزمة بتعاليم مرجعياتها، وأبانت عن خلق عظيم في ممارستها للإسلام المحمدي الأصيل، فلم تنخرط في الإرهاب بل حاربته في لبنان وسورية والعراق واليمن دفاعا عن كل مكونات الأمة باختلاف عقائدها ومذاهبها وتياراتها ومرجعياتها، ولم تنقاد بانتهازية إلى حرب طائفية برغم ما تعرضت له خلال دهور وعصور من مظلومية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية في العالم العربي، وتصرفت بعقلانية برغم ما طالها في هذا العصر الرديء من استهدافات عسكرية وأخرى إرهابية أدارتها عقول أمنية واستخباراتية صهيونية وأطلسية معروفة بكرهها لكل ما هو إسلامي نظيف، وواجهت خطاب الفتنة بصبر واحتساب متمسكة بدينها كالماسك على الجمر، وظلت تّذكّر في كل وقت وحين أن أعداء الله والأمة هم أمريكا و”إسرائيل” والتنظيمات التكفيرية التي تفرّخها “السعودية”، لا المسلمين الشيعة في إيران أو العلويين في سورية أو حزب الله في لبنان أو الحشد الشعبي في العراق أو أنصار الله في اليمن، لأن محبي آل بيت الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أينما وجدوا لا يمكن أن يكونوا أعداءا لأمته.
منطــق الحــوار السعــودي..
ويستشف من منطق الدعوة إلى الحوار الذي تحضر له المملكة الوهابية أمران غاية في الخطورة:
* الأول، أن الهيئة الوهابية السعودية تعتبر الشيعة طائفة ضالة لا تعرف الحق، ما يستوجب تبيانه لها وفق “ثوابت القرآن والسنة”، وأن هذا الحوار مشروط بقبول المستهدفين به للحقائق التي سيقوم بتبيانها لهم فقهاء الوهابية من موقع الأستاذية، و”كل من يخالفها فهو على ضلال” كما أوضح الشيخ عبد الله بن سلمان المنيع للصحيفة المذكورة، ليتأكد أننا سنكون أمام نوع من حوار الطرشان لما يطبعه من سوء نية وإحساس بالعلو والاستكبار لدى الجهة الداعية له، ما يجعلنا نستحضر مقولة فرعون الشهيرة “أنا ربكم الأعلى.. ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد”.
* الأمر الثاني، أن الحوار الذي تعتزم إطلاقه المملكة لا يهم المرجعيات العلمائية المختصة لدى الطائفة الشيعية الكريمة في قم والنجف الأشرف مثلا، ولا المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الذي يرأسه العلامة الجليل آية الله محسن الأراكي المفوض بهذا النوع من الحوار الديني للتقريب بين مختلف المذاهب الإسلامية..
نقول هذا، لأنه كان يفترض في هذا النوع من الحوار أن يكون من مستوى أكاديمي بين المتخصصين في الشأن الديني، ليتسم بالموضوعية في الطرح، والعمق في الفهم، والعقلانية في النقاش، والقدرة على التعامل مع الواقع بتعقيداته، والصدق في المسعى للتقريب بين وجهات النظر، مع احترام مبدأ التكافؤ بين الأطراف، والتركيز على المشتركات قبل القفز إلى المختلف فيه والذي يتطلب معالجة خاصة بشرط تصفية القلوب لتتمكن العقول من الاستجابة البناءة بمنطق الحقيقة النسبية الذي لخصه الإمام الشافعي رحمه الله في مقولته الشهيرة (قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب).
ويستشف أيضا من هذا الطرح الوهابي الملغوم، أنه يتغاضى عن عمد وسبق إصرار عن المعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الداخلية في المملكة التي تستوجب أولوية الحوار بين النظام والفئات المستضعفة من الشعب في شبه الجزيرة العربية سنة وشيعة ابتداءا، ناهيك عن السياسات الكارثية التي أوصلت الشعوب العربية إلى حافة الهاوية، ولا يبدو أن هناك بوادر إيجابية تؤشر لاستعداد المملكة الوهابية للتراجع عنها واستبدالها بسياسات عقلانية تصب في حفظ لحمة المسلمين وضمان أمنهم القومي ومصالحهم في الدنيا وخلاصهم في الآخرة..
هذا في الوقت الذي نلحظ فيه محاولة عبثية من قبل النظام السعودي لتجاوز هذه الأزمات المركبة والمعضلات العويصة من خلال الإيهام أن جوهر الإشكال القائم بين النظام الوهابي والطائفة الشيعية في المملكة خصوصا والعالم العربي والإسلامي عموما يكمن في سوء فهم الأخيرة لأصول الدين وثوابته، ويوحي ضمنا بأن الوهابية هي التي تمثل الإسلام الصحيح وتمتلك حقيقته الخالدة التي تريد تبيانها للطائفة الشيعية “الضالة” لتتقيد بها باعتبارها من ثوابت القرآن والسنة.. وبذلك تضع المملكة نفسها في موقع الحارس القيّم على عقيدة المسلمين الذي هو مجال من مجالات اختصاص الله تعالى دون سواه.
في مبـدأ الحـوار وفلسفتـه وأهدافـه..
ما سبق ذكره، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المملكة الوهابية تلعب لعبة خبيثة جديدة لا علاقة لها بمبدأ الحوار من أصله، لأنه وبغض النظر عن خلفيات الحوار السياسية التي لا تخفى على أحد، فالمشروع الذي يُعمل على التحضير له اليوم في “السعودية” يحمل في طياتها لغمان موقوتان يهددان بتفجير الحوار قبل أن يبدأ:
* الأول، ويتعلق بمفهوم الحوار وفلسفته والهدف منه والفئات والمستويات المعنية به، ناهيك عن الأولويات بالنسبة للمنطلقات والمجالات، وكذا الأصول والمعايير العلمية والموضوعية الواجب التقيد بها ليكون الحوار منتجا يعود بالنفع والخير على الأمة العربية والإسلامية جمعاء لا على نظام آل سعود بما يُبيّض وجهه الأسود الكالح ويخدم أهداف أسياده في واشنطن وتل أبيب ليستمر مسلسل الدمار والخراب في العالم العربي حتى لا تبقى أوطان ولا شعوب ولا شجر ولا حجر قائم على حجر، خصوصا في عهد الغلام المقامر والمراهق الجامح محمد بن سلمان الذي يستأثر بدواليب الحكم ويتخذ كل القرارات الكارثية باسم والده المضطرب عقليا والفاقد للتركيز دون استشارة أحد.
* الثاني، ويتعلق بإشكالية تحديد الجهة التي تمتلك الحقيقة الدينية والمعايير القرآنية المعتمدة في تحديد الثوابت والمبادئ والقيم.. هذا إذا سلمنا بحسن نية أن هناك سعيا لدى فقهاء الوهابية الحديثي العهد بالإسلام البريطاني لتجاوز الخلاف التاريخي بين الطائفتان الأساسيتان (أهل السنة والجماعة من جهة والشيعة من جهة ثانية)، والذي يعود لأسباب سياسية تاريخية معلومة للجميع، وحلها يتطلب اجتماع كل علماء الأمة وحكمائها وعقلائها وخبرائها لتناول الظاهرة بطريقة علمية وموضوعية من عدة محاور تاريخية وسياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية، تنطلق من العقيدة وتنتهي بالشريعة لتكريس مفهوم الأمة واقعا في حياة الناس..
نقول هذا لأن الوهابية لا تمتلك شرعية تمثيل أهل السنة والجماعة ناهيك عن المسلمين كافة.. ولو كانت المملكة دعت إلى مؤتمر عام يحضره كل علماء الأمة في مكة المكرمة لتدارس مسألة الخلاف المذهبي انطلاقا من ثوابت القرآن لكان الأمر مختلفا، ولتم التعامل مع المبادرة بالجدية التي تستحقها.
لكن وضع المملكة اليوم يوشي بأنها تعيش أزمة وجودية تتعلق بمستقبل استمرار نظامها في المنطقة والذي أصبح لدى شرفاء الأمة اليوم إدراك بضرورة اجتثاثه قبل الكيان الصهيوني المجرم، لأن جهاد المنافقين من الطابور السادس، المتمثل في مستوى الحكام وفق تصنيف الفيلسوف والمنظر الروسي ألكسندر دوغين، مقدم على جهاد المحتل وعملائه الصغار من سياسيين ومثقفين وإعلاميين الذين يصنفون عادة في خانة الطابور الخامس.
وها نحن نرى أنه لا يكاد يمر يوم دون أن تطالعنا الصحف العربية والدولية ومراكز الدراسات المختصة بمقالات وتقارير صادمة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل والدينية في مملكة ‘آل سعود’، بحيث وصلت سمعتها إلى الحضيض وأصبح العالم أجمع يشير إليها باعتبارها المسؤولة عن تفريخ وتمويل ودعم والإرهاب الذي انتشر كالنار في الهشيم ليطال كل المجتمعات في مشارق الأرض ومغاربها، وأصبحت كبريات الصحف العالمية تصف المملكة الوهابية بأنها شر مطلق، وأن نظامها نظام رجعي مجرم وخبيث منبوذ من قبل الإنسانية جمعاء..
وبالتالي، أمام هذا الواقع الذي يشهد به العالم أجمع اليوم، يحق لنا التساؤل إن كانت الطائفة الشيعية بحاجة لدروس من الوهابية التكفيرية في ثوابت الإسلام ومبادئه السامية وقيمه الأخلاقية النبيلة لتنتقل من خانة الفئة “الضالة” إلى خانة الفئة “المهدية” وفق تعريف فقهاء التكفير والإرهاب في المملكة الوهابية؟..
الجواب يعرفه الجميع، وإن كنت من جهتي لا أعتقد أن الحوار ينفع مع العقل الإرهابي المجرم الذي لا يفكر إلا بالقتل والخراب والاغتصاب ولا يفقه غير لغة الدم والحزن والدموع..
لذلك، قد يكون من بين أهداف الحوار المزعوم، محاولة بئيسة ويائسة من ‘آل سعود’ لتسويق أنفسهم كدعاة حوار ووحدة بين المسلمين سعيا لترميم صورتهم الساقطة في محيطهم العربي والإسلامي، من مدخل إعادة الاعتبار لمكانتهم الدينية القديمة بعد أن حرقوا كل أوراقهم بسبب الفتن والمؤامرات والحروب العبثية التي شنوها على الأمة لتدميرها وضرب الإسلام من قواعده وتشويه سمعة المسلمين، ووصلت بهم الخسة والانحطاط الأخلاقي والخيانة لربهم ودينهم وغدرهم بأمتهم أن تحالفوا مع “إسرائيل” لإنقاذ عرشهم المتداعي بعد أن فشلت مشاريعهم التخريبية وتخلى عنهم أسيادهم في واشنطن.
ما من شك أن الحوار الديني بين المسلمين يعتبر حاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى، لأنه أسلوب حضاري من شأنه تقليص مساحة الخلاف المؤدي إلى الخصومة والفرقة في الدين لحفظ الحد الأدنى من الائتلاف بين المسلمين، وغايته الأساس هي إدراك الحقائق دون سواها، وبهذا المعنى، لا يختلف اثنان على أن الأصل المرجعي الذي يمثل جوهر الحقائق الربانية في إطلاقها هو القرآن الكريم الذي جاء تبيانا لكل شيئ ولم يفرط في شيئ، خصوصا في ما له علاقة بالأصول والثوابت والمبادئ والقيم والأخلاق.. وكل محاولة لا تتعامل بموضوعية وإنصاف وتجرد مع ما بيّنه كتاب الله للعالمين في هذا الصدد مصيرها الفشل، لأن الحوار في المجال الديني لا يعني انتصار مذهب على آخر أو محاولة إثبات سمو جنس على آخر (العربي على الفارسي مثلا) وأحقيته باحتكار الحقيقة الدينية، لأن القرآن الكريم كتاب رب العالمين للناس جميعا لا للعرب فحسب، وهذا نطاق يتجاوز حدود علم فقهاء الوهابية..
لذلك، فكل سعي لاستغلال الدين في مستنقع السياسة لن يؤدي لنتيجة تذكر ولن يجدي نفعا، ما يستوجب تجنب التعالي بادعاء معرفة الحقيقة، والتجني بجهل على الآخرين، ومحاولة تحقيق انتصار وهمي بعلم منقوص وأكاذيب يحسبها الجاهل والغبي عين الحقيقة.
إن مفتاح الحوار الناجح يبدأ أولا من إعادة النظر بالمفاهيم السائدة وتحري الدقة في تحديدها على أسس معرفية جديدة، باعتبارها اللبنة الأولى للحديث بين المتحاورين بلغة واحدة تحمل نفس المعاني المقصودة تجنبا للتناقض والمواقف المبهمة والملتبسة، وهذا لعمري عمل شاق ومعقد يتجاوز عقول فقهاء الوهابية بسنوات ضوئية.
ليس الهدف من الحوار الصادق والجاد هو الاتفاق حول التفاصيل الصغيرة، بل الهدف هو التوافق حول الأسس والثوابت والمبادئ والقيم كما حددها كتاب الله العزيز، أما الاختلاف في ما عداها فلا يفسد للود قضية، بل جعله الله تعالى رحمة وشرطا من شروط التجربة الأرضية في عالم الثنائيات المتناقضة، والذي بدونه لا يمكن أن يتقدم الإنسان نحو آفاق فسيحة من العلم والمعرفة، ولهذا السبب تحديدا خلق الله الناس وجعلهم مختلفين ولو شاء لجعلهم أمة واحدة.. لذلك، كلما كان الهدف هو مقاربة الحقيقة في حدها الأدنى كان الحوار ناجحا، لأن الحقيقة وحدها هي من تحرر الإنسان وتساعده على التغيير نحو الأسمى، وهذه سنة الله في الخلق المشروطة بأمر «اقرأ» كما وردت في أول آية من أول سورة نزلت على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لتنطلق بعد ذلك رسالة الإسلام الخالدة في حلتها المنقحة الجديدة من مساحة غار حراء الصغيرة إلى فضاءات العالم الشاسعة.
أما فـي مسألــة الثوابــت..
فبما أن الشيخ عبد الله بن سلمان المنيع قد حدد معايير الحوار الديني الذي تعتزم بلاده إطلاقه مع “عقلاء الشيعة” كما سماهم في “ثوابت القرآن والسنة”، وأكد أن من خالفهما فهو على ضلال.. فلماذا لا نستعرض بالمناسبة بعضا من هذه الثوابت انطلاقا من القرآن أولا ما دام المقام لا يسمح بتناولها كلها، لأنه كتاب الله الذي يوجد إجماع بين المسلمين على أنه يمثل الحقيقة الربانية المطلقة في شموليتها وتفاصيلها والتي لا يحيد عنها إلا هالك، بدل التطرق إلى السنة التي يدور حولها اختلافات كثيرة كما هو معلوم؟..
وفي هذا الصدد، لا يمكن لنظام آل سعود أن يقود حوارا بين المسلمين من منطلق (أنا ربكم الأعلى ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد).. لأن الهدف من هكذا حوار هو إذلال الآخر ودفعه للإحساس بالدونية، ومخاطبته من البرج العاجي بمنطق استعلائي ينم عن عنجهية وغرور من خلال الإيحاء بأن من دعا للحوار يفهم كل شيئ ولا يحتاج لمن يفهمه أي شيئ، وفكر سطحي لا يلامس عمق المشكلات لأنه لا يملك جوابا عقلانيا وعمليا لمواجهتها ويسعى لتجاوزها بالقفز عليها من باب التحوير والتضليل.
ما نريد قوله بالمناسبة هو أنه إذا كانت طبيعة الحوار المقترح دينية بحثة، فالمفروض أن النظام الذي يتولى إدارة الحوار يجب أن يكون ملتزما بمبادئ الإسلام الأساسية وعلى رأسها مبدأ “الولاء والبراء” وبالتالي، لا نحتاج هنا لإثبات أن ‘آل سعود’ هم ألذ أعداء العرب والمسلمين بما يفوق ما تضمره “إسرائيل” الصهيونية لأمة محمد من عداوة وبغضاء، وأحرص على خدمة أعداء الله والذين آمنوا، متجاوزين في ذلك كل الحدود، ومستحلين كل المحرمات من ظلم وقتل ونهب وفساد، الأمر الذي ينزع عن ‘آل سعود’ المنافقين شرعية الحديث باسم الإسلام والمسلمين، لأن العهد الذي يجمع بيننا كمسلمين يقوم على عدم معاداة الله ورسوله والذين آمنوا لقوله تعالى (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا أباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) المجادلة آية: 22.
والسؤال الذي يطرح بالمناسبة هو: – هل آل سعود بحروبهم على المسلمين ومؤامراتهم الفتنوية لتخريب دينهم وتشتيت شملهم وتمزيق وحدتهم خدمة لأجندات أسيادهم في واشنطن وتحالفهم مع “إسرائيل” لضرب المقاومة الإسلامية الشريفة في المنطقة وزعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول العربية المناهضة لقوى الشر والاستكبار.. يجعل منهم مسلمين مؤتمنين على وجود الأمة ومصيرها ومدافعين مخلصين على مصالح شعوبها؟..
أما الثابت الثاني، فيتعلق بطبيعة نظام ‘آل سعود’، لأن من يدعي الإسلام عليه الالتزام بثوابته، وعلى رأسها العدل والتقوى والصلاح بدل الظلم والاستبداد والفساد في الأرض. ويكفي هنا أن نعود لكتاب الله لنستنبط منه حكم الطغاة الفاسدين كما حدد الله صفاتهم في كتابه الكريم من خلال أنموذج فرعون الذي لم ينتهي بنهاية عهد الفراعنة، بل نراه يتكرر عبر الدهور والعصور كلما تخلت الأمة عن دينها وابتعدت عن ثوابتها وقيمها، وعلى ضوء ما ورد من رب العباد في حق فرعون كأنموذج للطغاة الفاسدين والمفسدين في الأرض، نستطيع فهم طبيعة نظام ‘آل سعود’ والحكم عليه بالمعيار القيمي الديني، أو إن شأت قل بميزان الذهب القرآني..
مـا الفـرق بيـن ‘آل سعـود و ‘آل فرعـون’؟..
* إن أهم سمة يتسم بها آل سعود هي “الطغيان”، لذلك فالمسلمين سنة وشيعة وصوفية بحاجة لأن يمتثلوا لأمر الله تعالى ويقولوا لـ’آل سعود’ كفى أيها الطغاة، لقول الله تعالى لموسى وهارون اذهبا إلى فرعون إنه طغى كما يخبر في سورة طه آية 43.
* ‘آل سعود’ عرفوا بالاستكبار والعجرفة والغرور لتضخيم الذات وإعطاء الانطباع بالرفعة والشرف والعلو، وهي طبيعة المجرمين لأن الله تعالى يبغض المتكبرين الذين يدفعون الحق بالباطل ويجادلون بغير علم، وجعل الاستكبار من موانع محبته تعالى للعبد المغرور، لذلك قال عن فرعون وملئه أنهم استكبروا وكانوا مجرمين حين كذبوا بآياته، كما يؤكد ربنا في سورة يونس آية 75.
* لا يختلف اثنان حول طبيعة نظام ‘آل سعود’ الذي يتسم بالظلم بالرغم من أن الله تعالى حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده واشترطه كأساس للملك، والظلم كما أخبرنا ربنا في كتابه الحكيم هو سمة من سمات فرعون، فبسببه أغرقه وأهله في اليم لأنهم كانوا ظالمين كما يقول في سورة الأنفال آية 54.
* كما وأن نظام ‘آل سعود’ عرف باستعلائه بحيث لا يقبل نصيحة من أحد ويعتبر نفسه سيدا على العرب والمسلمين لمجرد أنه يحتل الأماكن المقدسة في الحجاز من دون وجه حق، والاستعلاء كما يخبرنا القرآن يؤدي إلى الإسراف وتبذير مال الله في غير الوجه الذي حث عليه سبحانه، فنجد ‘آل سعود’ مولوا من بيت مال المسلمين حروب أمريكا و”إسرائيل” وأشعلوا الفتن وأمعنوا في ارتكاب الرجس والموبقات من خمر وقمار وليالي حمراء وشراء للذمم، ولعل آخر فضيحة على سبيل المثال لا الحصر، عرض ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مبلغ 10 مليون دولار لقضاء ليلة واحدة مع كيم كارداشيان صاحبة المؤخرة الشهيرة.. والإسراف هو طبع عرف به فرعون أيضا لقوله تعالى في سورة يونس آية 85 (وإن فرعون لعال في الأرض وأنه لمن المسرفين).
* ويكاد لا يختلف ‘آل سعود’ عن فرعون حيث تجمعهم صفات البغي والعدوان على المسلمين سنة وشيعة وصوفية وغيرهم ولنا في ما حدث ويحدث في اليمن المثال على هذا البغي والعدوان في أبهى صوره، والذي لا يختلف في شيئ عن بغي وعدوان فرعون وجنوده الذي ذكره لنا ربنا في سورة يونس آية 90.
* صفة أخرى تجمع بين آل سعود وفرعون، وتتمثل في عدم الرشد، فنرى أن قراراتهم مراهقة بعيدة عن الحكمة والعقلانية وفي أحيان كثيرة تكاد تكون انتحارية، وحروبهم مغامرة غير محمودة العواقب كللت كلها بالفشل الذريع ما زادهم كفرا وجهلا وطغيانا، ونجد هذه الصفة المذمومة في فرعون أيضا لقوله تعالى (وما أمر فرعون برشيد ) سورة هود آية 97.
* أما في ما له علاقة باحترام الحق في الحيات والحقوق الأساسية للإنسان الذي خلقه الله ليعيش حرا كريما، فحدث ولا حرج، فقد ذهبت بذكر انتهاكات آل سعود لحقوق رعايا المملكة الركبان، من قتل على الهوية، إعدامات جماعية بمحاكمات صورية غير عادلة، وجلسات تعذيب تنتمي لعصر الجاهلية الأولى، وما تقوم به “داعش” والقاعدة” لا يختلف في شيئ عما يقوم به النظام السعودي الدموي المجرم، ويشبه إلى حد بعيد ما كان يقوم به فرعون في العصور الغابرة، لقوله تعالى (وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يُقتّلون أبناءكم ويستحيون نساءكم) الأعراف آية 141.
* ثم نأتي لمنهج الكذب والتزوير والتحوير الذي يعتمده ‘آل سعود’ لتضليل الأغبياء من الناس الذين لا يزالون يصدقون ما يقوله إعلامهم العاهر، وهو ذات المنهج الذي اعتمده فرعون في زمانه، لقوله تعالى (وأضل فرعون قومه وما هدى) سورة طه آية 79، وبالتالي، هل يرجى ممّن كان هذا نهجه أن يُحضّر لحوار يعود بالخير على المسلمين؟.
* لا نريد أن نطيل أكثر، فهماك صفات أخرى كثيرة يشترك فيها آل سعود مع فرعون، منها أن لهم حاشية وبطانة سيئة مأجورة، وفقهاؤهم يشبهون إلى حد بعيد سحرة فرعون الذي يتاجرون بالفتاوى مقابل أجر فيبيعون بآيات الله ثمنا قليلا، مع فارق جوهري أن سحرة فرعون آمنوا برب موسى وهارون لمّا بدت لهم الحقيقة، في حين أن فقهاء الوهابية شر الخليقة وأكثر كفرا ونفاقا (سورة الشعراء آية 41 على سبيل المثال لا الحصر).
* لكن أخطرها على الإطلاق “الفساد وتمزيق لحمة الأمة” لقوله تعالى (إن فرعون على في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين) سورة القصص آية 4. وهذا تحديدا ما يقوم به ‘آل سعود’ في حق الشيعة والسنة والمسيحيين سواء.
* ومنها أيضا نظرية المؤامرة واتهام الشعوب الثائرة بالعمالة والخيانة، وهو ما نجده في قوله تعالى (قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون) الأعراف: 123.. أليس هذا ما تتهم به “السعودية” الحوثيين وشيعة البحرين وشيعة الأحساء والقطيف وشيعة العراق ولبنان بالعمالة لإيران؟.. فتأمل مدى التشابه بين نظام فرعون ونظام ‘آل سعود’.
ولا نريد الدخول في مواصفات أخرى كثيرة كاحتقار الشعوب وعدم الاكتراث بمطالبها وحقوقها الأساسية واللجوء إلى المراوغة والكيد واتهام المعارضة بالكذب والبهتان والفساد والخروج على ولي الأمر والحكم عليها بالقتل تعزيرا.. فالشعوب لا قيمة لها في نظر فرعون وآل سعود، لأن هؤلاء يعتقدون أنهم هم من يمتلكون الشرعية ويمثلون الشعوب ويسوسونها بالسيف والقهر كما لو كانت قطعان من الدواب، لأن الحكم في نظرهم غنيمة تكتسب بشرعية السيف، وبالتالي يجب المحافظة عليه بكل الوسائل والسبل الممكنة والمتخيلة، وليذهب العدل إلى الجحيم، وليصمت الداعون إلى تحكيم تعاليم القرآن الذي يفضح آل سعود ويشبههم بآل فرعون..
فــي المحصلـــة..
هذا غيض من فيض لشيق المقام، لكنه يسمح لنا على الأقل بطرح السؤال التالي: – إذا كان هذا هو بعض من أوجه الشبه بين آل سعود وآل فرعون.. فعن أي حوار وعن أية ثوابت قرآنية يتحدث الشيخ عبد الله بن سلمان المنيع؟..
هل يريد هذا المدعي بلا علم أن يفتح على ‘آل سعود’ أبواب جهنم ليفضحهم أكثر مما هم مفضوحين، وهذه المرة ليضرب شرعيتهم الدينية المزعومة في مقتل؟..
لا أريد أن أسترسل أكثر فللموضوع بقية آتية بإذن الله حين نطلع على المشروع الفتنوي الجديد الذي يحضر له أغبياء سحرة آل سعود، حينها سيتلقف الخطاب القرآني ما يمكرون، فينقلب السحر على أصحابه..
وهذه سنة الله في خلقه كما تؤكدها عديد الآيات القرآنية.