ما وراء التحركات الغربية: النظام السعودي “مشرط العار” يجب التخلص منه
ذمار نيوز- صدى المسيرة: إبراهيم السراجي
يعيش النظام السعودي أسوأ مراحله على الإطلاق منذ تأسيس المملكة السعودية ومنذ تأسيس العلاقة بين المملكة والولايات المتحدة قبل 80 عاماً تقريباً، حيث وصل ذلك النظام اليوم إلى المرحلة التي لم يعد يملك ما يقدمه للولايات المتحدة التي استغنت عن النفط الخليجي أولاً واستنفدت خدماته بتفتيت وتدمير الدول العربية من سوريا الى ليبيا الى العراق إلى اليمن ولذلك لن ينال البيت الأبيض اليوم من علاقته بالنظام السعودي سوى السمعة السيئة التي يمثلها نظام آل سعود في مجال حقوق الانسان وغيرها من المجالات أبرزها تصدير الإرهاب.
من خلال سلسة من الإجراءات المفاجئة التي اتخذت ضد السعودية من قبل الولايات المتحدة نفسها أو بإيعاز منها كما حدث من قبل الأمم المتحدة وبريطانيا وألمانيا التي اتخذت جميعها قرارات عقابية بحق النظام السعودي الذي يبدو اليوم أن الولايات المتحدة تنظر إليه باعتباره “مشرط مسموم” اواستخدمته لتدمير وذبح الدول والشعوب العربية وآن الأوان للتخلص منه ومن تبعات علاقتها معه.
- شهادة نهاية الخدمة: إلى القائمة السوداء
تتفق الغالبية على أن سمعة الأمم المتحدة سيئة وأن الدول العظمى وظفتها لتمرير سياساتها في مختلف دول العالم واتخذت منها مطية لقتل وتدمير الدول والشعوب وأن دورها في القضايا الدولية سلبي وفي مقدمة ذلك دورها في ردع الاحتلال الإسرائيلي وانتهاء بتشريعها لقتل اليمنيين.
في أروقة الأمم المتحدة تكمن مفارقة تمتد فصولها بين انطلاق العدوان على اليمن وانتهاء بإدراج السعودية في القائمة السوداء من قبل الأمين العام بان كي مون قبل أيام. فالرجل الذي أدرج التحالف السعودي في القائمة السوداء لقتل الأطفال في اليمن هو ذاته وعبر المنظمة التي يرأسها من منح السعودية منصب رئيس مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في الوقت الذي كانت طائرتها تقتل الأطفال في اليمن وأموالها تتدفق على مسؤولي ومؤسسات الأمم المتحدة.
اليوم تعلن الأمم المتحدة قرارها المفاجئ بوضع السعودية في القائمة السوداء لقتل الأطفال في اليمن وهو القرار الذي أكد غالبية المراقبين أنه قرار أمريكي من منظمة تلقت رشاوي بملايين الدولارات للسكوت على جرائم النظام السعودي بل اليمن بل انها منحت السعودية رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع لها فما الذي تغير اليوم؟
الحكاية بدأت مساء الجمعة الماضية عندما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إدراج التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن على قائمة سوداء سنوية بالدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال خلال الصراعات في انتقاد شديد للتحالف الذي يحارب في اليمن لقتله وتسببه في تشويه أطفال.
وذكر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة “أن التحالف مسؤول عن 60 في المئة من وفيات وإصابات الأطفال العام الماضي وقتل 510 وإصابة 667 طفلا. وقال التقرير إن التحالف نفذ نصف الهجمات التي تعرضت لها مدارس ومستشفيات”.
وأضاف التقرير “زادت بشكل كبير الانتهاكات الصارخة ضد الأطفال نتيجة احتدام الصراع”.
هذا القرار أثار غضب النظام السعودي عندما عبر الناطق باسم العدوان احمد عسيري عن ذلك الغضب بالقول في مداخلة لقناة بي بي سي البريطانية رداً على القرار الأممي أن “الأمم المتحدة شريك أساسي في اعادة الأمن والاستقرار لليمن والمواطن اليمني” واضاف “منذ الخطوة الأولى الأمم المتحدة شريك معنا عبر القرار 2216” حد تعبيره.
وقد يبدو ناطق العدوان محقاً بقوله إن الأمم المتحدة شريكة للعدوان في جرائمه باليمن وأحد المؤسسات التي شرعت قتل اليمنيين لكن ما لا يفهمه عسيري هو أن الأنظمة العربية التي تحالفت مع الولايات المتحدة الأمريكية لم يشفع لها تاريخها المتواطئ في استثنائها من المخطط الأمريكي، وكذلك لم يفهم عسيري وهو يقول إن بلاده قدمت أموالاً طائلة للأمم المتحدة أن تلك الأموال وأموال أخرى ستستخدمها الولايات المتحدة في ضرب السعودية نفسها وهذه هي سياسة واشنطن التي تبدو غريبة للنظام السعودي ومعروفة لدى العالم.
- إيقاف الأسلحة العنقودية وإحكام الفخ
منذ إقدام العدوان السعودي الأمريكي على استخدام الأسلحة العنقودية المحرمة ضد المدنيين أصدرت المنظمات الدولية على رأسها منظمتي هيومن رايتس والعفو الدولية عشرات التقارير والتحقيقات والأدلة التي أثبتت أن العدوان استهدف بالأسلحة العنقودية المحرمة بشكل عشوائي ضد المدنيين واعتبرتها جرائم حرب وكذلك فعلت الأمم المتحدة في تقرير أعقب استهداف العاصمة صنعاء بهذا النوع من الأسلحة، وحملت المنظمات واشنطن المسؤولية إلى جانب العدوان نظراً لتزويد السعودية بتلك الأسلحة بل وقال أحد التقارير أن الولايات المتحدة بما تقدمه من دعم للتحالف تعتبر طرفاً مباشراً في الحرب على اليمن.
واليوم وفيما تمتلك السعودية ترسانة من الأسلحة الأمريكية المحرمة تعلن واشنطن أنها أوقفت تزويدها بهذا النوع من الأسلحة في خطوة اعتبرها مراقبون أنها محاولة أمريكية للتنصل من التبعات القانونية لجرائم العدوان باليمن وكذلك خطوة متوقعة اعتادت عليها واشنطن ضمن سياسة توريط الدول الأخرى بما فيها حلفاءها في سيناريو يعيد للأذهان غزو نظام صدام حسين للكويت.
وكشفت وسائل إعلام أمريكية قبل اسبوع أن البيت الأبيض اتخذ قراراً غير معلن بحظر تزويد السعودية بالأسلحة العنقودية المحرمة دولياً على خلفية مطالبات حقوقية حملت الولايات المتحدة مسؤولية سقوط المدنيين باليمن بالأسلحة المحرمة.
ونقلت صحيفة فورين بوليسي عن مسؤولين أميركيين أن البيت الأبيض علق بصمت تصدير قنابل عنقودية إلى السعودية مع تواصل الحرب على اليمن.
ولفتت الصحيفة نفسها إلى أن هذه الخطوة تأتي عقب انتقاد المشرعين الأميركيين دعم بلادهم للمملكة السعودية على مدار عام من الصراع. وعلق مسؤول رفيع على القرار، وتحدث عن تقارير بشأن استخدام التحالف السعودي قنابل عنقودية في مناطق يزعم أن مدنيين كانوا فيها أو في جوارها.
- الضربة القادمة من المانيا
في بداية العدوان السعودي على اليمن ظن نظام آل سعود أن توزيع الأموال الطائلة سيجعله في مأمن من التبعات وكذلك سيصرف جزء من تلك الأموال للحصول على مزيد من الأسلحة فكانت مجازر العدوان في اليمن تحدث بشكل يومي وبموازاة ذلك يعلن النظام السعودي عن صفقات لشراء الأسلحة مرة من فرنسا ومرة من بريطانيا وأخرى من المانيا إلى جانب الولايات المتحدة المزود الأكبر للسعودية بالأسلحة.
كل تلك الصفقات وافقت عليها الدول المعنية بالبيع وكان ذلك جزءً من منح السعودية الشعور بالأمان من عدم تحمل أي تبعات لجرائمها في اليمن غير أن الأيام والشهور الأخيرة أبانت عن فخٍ وقع فيه النظام السعودي بإرادته وكانت آخر فصول ذلك الفخ يتمثل في قرار المانيا الغاء صفقة الأسلحة مع السعودية.
وكانت الصفقة بين المانيا والسعودية تتمثل في تزويد الأولى للثانية بـ300 دبابة من طراز “ليوبارد” وهي دبابات متطورة وتتأقلم مع عدد من المناطق مناخيا وتضاريسيا ثم اعلن النظام السعودي رغبته برفع العدد الى 800 دبابة مقابل 25 مليار دولار وهي صفقة بالنسبة لألمانيا مربحة خصوصاً في ظل التراجع الاقتصادي والمالي عالمياً لكن هذه الصفقة ألغيت مؤخراً بقرار من البرلمان الأوروبي.
سعت الرياض الى هذه الصفقة منذ سنة 2012، لكنها فشلت في آخر المطاف بسبب معارضة البرلمان الألماني ومعارضة وزارة الدفاع في برلين وحتى الخارجية. وإذا كان البرلمان يعتبر الصفقة تتناقض ووضع السعودية كدولة لا تحترم الحقوق وتشجع التطرف، فوزارتا الخارجية والدفاع تعتبران الصفقة غير مجدية لأنها قد تزرع القلائل في منطقة الشرق الأوسط.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة عربية فإن قرار التشطيب النهائي لألمانيا على الصفقة يتزامن مع قرار الولايات المتحدة بإعادة النظر في بيع السعودية بعض أنواع الأسلحة، وكانت البداية مع منع بيع القنابل العنقودية بحجة أنها القوات السعودية استعملتها في قتل المدنيين في اليمن.
وفي نفس الوقت، ستعاني السعودية من عراقيل لشراء أسلحة بريطانية وأوروبية مستقبلا بعد قرار البرلمان الأوروبي مطالبة الدول الأعضاء بوقف بيع الأسلحة الى السعودية بسبب سجلها الأسود في حرب اليمن. وتتعزز مطالب البرلمان الأوروبي بموقف كبريات الجمعيات الحقوقية من قبيل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس والأمم المتحدة التي تصف ما يقع في اليمن بجرائم حرب.
وكما هو الواقع الذي يقول أن العالم يتعامل من منظور المصلحة وليس الأخلاقيات فإن الإجراءات المتخذة ضد السعودية لا علاقة لها في حقيقة الأمر بقتل المدنيين في اليمن خصوصاً أن الولايات المتحدة التي تقود تلك التحركات ضد النظام السعودي هي شريك معلن في قتل اليمنيين سواء بدعمها اللوجيستي او الدعم العسكري المباشر أو بتزويدها للعدوان بالأسلحة المحرمة رغم ان تقارير المنظمات بما فيها التابعة للأمم المتحدة كانت تشير لاستخدام تلك الأسلحة ضد المدنيين وأثبتت ذلك بالأدلة فيما عقدت واشنطن في ذلك الوقت صفقات أخرى لتزويد السعودية بالأسلحة بما فيها العنقودية.
إن يتفق كثيرون أن الإجراءات ضد السعودية لا علاقة لها بالأخلاقيات وإنما بمشروع واشنطن للتخلص من النظام السعودي الذي استخدم في تدمير الدول التي تشكل خطراً على إسرائيل واليوم تمثل الجغرافيا السعودية الكبيرة خطراً كامناً بالنسبة لإسرائيل التي تنتظر من واشنطن أن تضمن لها التفوق في المنطقة ولا يعني أن النظام السعودي يمثل تهديداً لإسرائيل بل العكس لكن واشنطن تخطط على المدى الطويل والمساحة التي يسيطر عليها النظام السعودي بحجمها الكبير تتنافى مع مشروع التفتيت او الشرق الأوسط الجديد ولذلك سيكون النظام السعودي المعتمد على تحالفه مع واشنطن هو المدخل لتفتيت السعودية ذاتها.
ويعزز تقرير نشرته صحيفة رأي اليوم صحة التوقعات التي تقول إن واشنطن تقف وراء التحركات ضد السعودية.
ويقول التقرير في تناوله لقرار البرلمان الألماني أنه ” يبدو أن واشنطن تقف وراء سياسة التضييق على صفقات عسكرية مستقبلية تقوم بها السعودية مع دول غربية، وذلك بهدف لجم اندفاع الرياض في حروبها الاقليمية المفتوحة مثل اليمن أو تلك بالوكالة عبر تنظيمات متطرفة مثلما يحدث في العراق وسوريا”.
قد يكون النظام السعودي مصدوماً من كل تلك المتغيرات التي جاءت ممن اعتقد أنه يعقد اتفاقيات تاريخية معهم وأولها واشنطن التي تلتزم بحمايته ونظرائه من أنظمة الخليج، لكن المعروف من أول للعدوان لدى الكثيرين أن الولايات المتحدة بارعة في اصطياد أتباعها ورغم ان الدروس ماثلة أمام الجميع لكن النظام السعودي أحد الذين أغمضوا أعينهم وصموا آذانهم معتقدين أنهم استثناء فيما لا تستثني واشنطن أحد سوى الكيان الصهيوني.