ثلاثون يوما في الكويت
حميد زرق
اكثر من ثلاثين يوما قضيتها في قصر بيان الأميري بدولة الكويت بصحبة وفد القوى الوطنية ، سجلت الذاكرة انطباعات ليست كثيرة ابرزها اهتمام دولة الكويت بإنجاح المفاوضات ..
بقصر بيان وفي فلل مخصصة لضيوف الديوان الأميري يمكث أعضاء الوفد الوطني يسهر على خدمتهم فريق متعدد المهام والتخصصات ، وبين فترة وأخرى يطل مسؤول كويتي يستعرض مع وفد القوى الوطنية سير المفاوضات مبديا الاستعداد لتقديم كافة التسهيلات وتذليل ما امكن من العقبات .
الاهتمام الكويتي لا يقتصر على المسؤولين في وزارة الخارجية فأمير الدولة صباح الأحمد الصباح يتابع من مقر اقامته في نفس القصر (بيان) يوميات المفاوضات وفي لقائه الثاني بوفد القوى الوطنية اكد حرص بلاده على نجاح المشاورات داعيا الى الاستمرار وعدم الاستسلام لعامل الوقت ..
بالمقابل فان ابرز أسباب تعثر المفاوضات هو انعدام الجدية لدى دول العدوان التي تعتبر المعرقل الأول، بالإضافة الى الظروف الموضوعية لوفد الرياض التي تجعله يخشى نجاح اي تسوية، فطبيعة الحلول التوافقية لا تضمن لهم مستقبلا سياسيا وهنا يكمن مأزق السعودية وادواتها الغير قابلة للصرف في الحياة السياسية اليمنية ومن هنا نعرف سر لعب وفد الرياض دور المعطل وأصبح تضييع الوقت هدفا وغاية للمخلافي وبقية القادمين من فنادق المنفى حتى تتحقق لدول العدوان عدة غايات بعضها له علاقة بالخارج والأخرى تتعلق بالشأن المحلي ..
ففيما يتعلق بالخارج ترى دول العدوان ان إطالة امد المفاوضات يمنحها فسحة من الوقت انتظارا لما تؤول اليه نتائج الانتخابات الامريكية كما ان إطالة المفاوضات يمنح السعودية فرصة الانحناء امام الضغوط الدولية وسحب البساط من تحت أي قرار يصدره مجلس الامن يدعو الى وقف العدوان ويتجاوز القرار 2216 الذي تعتبره الرياض مكسبا مهما منحها غطاء دوليا لشن العدوان على اليمن .
وفي الملف الداخلي ترى دول العدوان ان إطالة وقت المفاوضات يمنحها مساحة زمنية لترتيب صفوف المرتزقة واستمرار التحشيد وشراء الذمم استعدادا لجولات جديدة من الحرب على امل تحقيق اي تقدم على الأرض يمنحها مكاسب في طاولة المفاوضات ..
وكما ان الحرب تشد العصب الوطني يعتقد الأمريكيين طول زمن المفاوضات سيسهم في تراجع حالة الجاهزية لدى المجتمع اليمني بما يمكن دول العدوان من تسديد ضربات في جسم التلاحم الشعبي والوعي الجماهيري من خلال تحريك الطابور الخامس للتشكيك في مواقف القوى الوطنية وتصوير المفاوضات باعتبارها تراجعا في المواقف وتنازلا عن التضحيات كما تعول دول العدوان على طول المفاوضات لإثارة مخاوف القوى الوطنية ضد بعضها وتصوير المفاوضات باعتبارها ساحة المقايضة وجني المكاسب السياسية..
ومع ذلك وبإزاء وعي وصمود أبناء الشعب اليمني وقواه الحية والشريفة فشلت رهانات الأعداء على طاولة السياسة كما هي في ساحات المواجهة العسكرية والخلاصة ان فريق الرياض على يقين كامل ان كل الحلول القابلة للتطبيق لا قدرة لها على العودة به الى ارض الايمان والحكمة وذلك جزاء الخونة في كل زمان ومكان ..