الخبر وما وراء الخبر

غزوة بدر تقدم درس..  إحقاق الحق لا يكون إلا بتحطيم قوة العدو العسكرية

3

ذمــار نـيـوز || مقالات ||

18 مارس 2025مـ 18 رمضان 1446هـ

بقلم// عدنان علي الكبسي

في مرحلة كانت من أصعب المراحل في حياة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) واصلت قريش في إطار العمل لمحاربة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) والاستهداف للمسلمين وبعد تهجيرهم قسرياً من مكة بدأت قريش بالتضييق الاقتصادي عليهم، ومنعت المسلمين بالإتفاق مع الكثير من القبائل من أسواقهم، ومن أي نشاط تجاري في مناطقهم، ثم بدأت بالتحضير العسكري لمرحلة الغزو العسكري للمدينة، وكانت قريش قد أرسلت قافلة من أكبر قوافلها التجارية إلى الشام لتحقيق مكاسب ضخمة وتخصيص عائداتها وأرباحها لتمويل العملية العسكرية التي معدة لاستهداف الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ومن معه من المسلمين في المدينة المنورة.

حينها تحرك الرسول بمن معه من المسلمين وقت عودة تلك القافلة من الشام لاستهداف القافلة، وكان ذلك في شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة النبوية، إذ كانت الرغبة النفسية لدى المسلمين، هي: أن يتمكنوا من القافلة؛ ليستفيدوا منها مادياً، وليتفادوا الاصطدام العسكري والقتال، والله أراد من خروجهم أن يكون له نتائج أكثر أهمية، الله أراد إحراز النصر العسكري، وكسر شوكة قريش ومكانتها وهيبتها، وهذه أكثر أهمية بكثير من أن يظفروا ويتمكنوا من القافلة العائدة بالمال، وهذا درسٌ للمسلمين، فيما يتعلق بالخيارات والأهداف الأكثر أهمية، وذات التأثير الأكثر أهمية أيضاً في واقعهم؛ كانت إرادة الله هي: إحقاق الحق، ولهذا قال الله: {وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}، إحقاق الحق في الساحة، فرضه في الواقع، منع الباطل، إزهاقه من الواقع، لابدَّ فيه من الجهاد في سبيل الله، وإلَّا فإنَّ أهل الباطل يسعون هم إلى فرض باطلهم، يتحركون بباطلهم، وشرهم، ومنكرهم، وفسادهم، وطغيانهم، في الساحة؛ ليسيطروا بذلك كله على الناس.

فحدثت المعركة في السابع عشر من شهر رمضان وذلك لأن إحقاق الحق لا يكون إلا بتحطيم قوة العدو العسكرية، وبإفشاله عسكرياً؛ هذا الذي يحق الحق في الواقع العملي؛ لأن الحق يبقى عنواناً، ما لم يأتِ التحرك به في الواقع العملي، وإزاحة كل الباطل من أمامه في الواقع العملي، إحقاق الحق يأتي بالتضحية، يأتي بالموقف، يأتي بالعمل، يأتي بالجهاد في سبيل الله وفق التعليمات والتوجيهات القرآنية، لو كنت صاحب حق ومظلومية ولا تريد أن تتحرك، ولا تريد أن تجاهد، ولا تريد أن تضحي، ولا تريد أن تنهض بالمسؤولية؛ فلن يتحقق لك هذا الحق، سيبقى مجرد عنوان، {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}، يعني: عن طريق توجيه ضربة قاضية لتلك القوة العسكرية التي خرجت.

في هذا اليوم العظيم أحق الله الحق، وانتشرت راية الإسلام، وثبت الإسلام، واستقوى أمره، استقوت الأمة الإسلامية ونمت وعظمت، ارتفعت المعنويات، اطمأنت النفوس، ازدادت القناعة والتصميم على مواصلة المشوار تحت راية الإسلام.

هذا اليوم الذي سماه الله يوم الفرقان لأنه كان يوماً فارقاً في التاريخ، وأسَّس لمرحلةٍ جديدة، وحسم الوضع في معركة كانت معركةً مصيرية، إما أن يبقى الإسلام أو لا يبقى، وهذا اليوم كان له تأثير كبير في تاريخ المسلمين.

كانت هذه المعركة بداية السقوط لقوى الشرك والاستكبار آنذاك، حتى اضمحلت وتلاشت وانتهت، وهزمت هزيمةً نهائية، وحتى أتى يوم الفتح الذي فتح الله به مكة، وانتشر به الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية كافة.

فنعمة كبيرة علينا كشعب يمني ونحن نعيش هذه الأيام الذكرى لغزوة بدر الكبرى، الذكرى لفتح مكة، ونحن مواصلين أمجاد الآباء والأجداد الأوائل المجاهدين الذين سماهم الله بالأنصار.

في ذكرى غزوة بدر الكبرى خرج الشعب اليمني في الساحات ليحيي هذه الذكرى العظيمة، وهو يخوض المعركة مع أئمة الكفر وقادة الشر ورأس الطغيان أمريكا، فمعركة الشعب اليمني إسناداً للشعب الفلسطيني، هي امتداد لمعركة آبائه الكرام، وأجداده الأوائل، والراية هي نفس الراية: راية الإسلام، راية القرآن، راية الجهاد.

خرج الشعب اليمني بإيمانه ووفائه وعزته الإيمانية وصموده وثباته العظيم في ذكرى غزوة بدر الكبرى خروجاً مليونياً في كل الساحات، ليعلن ثباته مع غزة مهما كانت التحديات والمخاطر، وأنه سيواجه التصعيد الأمريكي بالتصعيد.

إذن.. نحن نخوض اليوم معركة مصيرية إما نكون أو لا نكون.
فشرف كبير أن الله وفقنا للتحرك في سبيل الله في هذه المرحلة، التي هي مرحلة استثنائية، ومرحلة مصيرية لمستقبل الأمة، التخاذل فيها ارتداد عن مبادئ الإسلام.