شهيد الأمة حليف القرآن
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدث الجليل ، والحمد لله القائل في كتابه المجيد : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا كفؤ له، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، وصفيُه ونجيبه، أرسله إلى الخلق داعياً إلى الحق، يهدي إلى الصراط المستقيم، فبلغ رسالات الله، وجاهد في سبيل الله صابراً محتسباً حتى أتاه اليقين، اللهم صلّ وسلم على محمد وعلى آله الطاهرين وارض اللهم عن صحبه المنتجبين.
أيها الإخوة الأعزاء ،، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعظم الله لنا ولكم الأجر وألهمنا وألهمكم الصبر في هذه الذكرى المؤلمة ، ذكرى المصاب الجلل والحدث الكبير والمأساة المحزنة ، ذكرى استشهاد الشهيد القائد مؤسس المسيرة القرآنية ، شهيد الأمة ، العبد الصالح ، المجاهد العظيم ، حليف القرآن، السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه.
وبادئ ذي بدء فإننا ومن جديد نشيد ونثمن ونقدر بإكبار وإجلال الحضور الشعبي والجماهيري المهيب والحاشد والكبير في العام الماضي في مراسم التشييع وعلى نحوٍ غير مسبوقٍ في البلد ، ومن معظم أطياف الشعب ، بكل ما لذلك من دلالات مهمة ، وفي ذكرى الشهيد القائد فإننا نستذكره باعتباره شهيداً لمبادئ الحق ، فاستهدافه كان استهدافاً لمبادئ الحق التي آمن بها وحملها وبلّغها وناصرها وتحرك على أساسها ، وهو شهيد القضية العادلة ، التي هي متمثلة في استنهاض الأمة لتقف في وجه الطاغوت والطغيان الذي يستهدفها في دينها وأرضها ومقدساتها ووجودها الحضاري ، وهو شهيد المشروع القرآني المقدس ، هو بحقٍ شهيد القرآن ، القرآن في مقام العمل ، القرآن في مقام الإتباع ، القرآن في مقام الموقف الذي يرشد إليه ويدل عليه ويوجه إليه.
وهو شهيد الأمة لأنه حمل الهم والمسؤولية تجاه الأمة وهي تستهدف في كل شيء وهي تستضام وتقهر وتستذل وتضطهد وتعاني من هجمة أعدائها وفي طليعتهم أمريكا وإسرائيل ومن معها في حلفها.
شهيد الأمة وهو الذي حمل هم الأمة وتبنى نصرة قضايا الأمة الكبرى في المرحلة التي كان السائد فيها هو التخاذل والتراجع والصمت والإستسلام والروح الإنهزامية ، فكان أن تحرك وهو يحمل الهمّ ويناصر القضية بأعلى الصوت وفي الواقع العملي ، وهو شهيد كلمة الحق في وجه السلطان الجائر والطغيان العالمي المستكبر ، فلم يصمت حين صمت الكثير وسكت الكثير ، ولم ينهزم حين انهزم الكثير، على العكس، تحرك بكل إباء ومن واقع الشعور بالمسؤولية في المرحلة ذاتها التي حاول أولئك فيها فرض حالة الصمت وتكميم الأفواه وإجبار الناس على الخنوع والإستسلام ، فكان أن صرخ صرخة الحق صرخة الإباء في وجه المستكبرين ، وبهتاف الحرية الذي نادى به وأعلى به صوته وقدمه كموقف مهم ، هتاف الحرية المتمثل بالشعار المعروف (الله أكبر – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود – النصر للإسلام) هذا الهتاف الذي رفعه عالياً ونادى به ليكون موقفاً حكيماً صحيحاً محتاجاً إليه ومطلوباً في ظرفٍ عصيبٍ ومرحلةٍ خطيرةٍ وحساسة ، فواجه به كل مساعي فرض حالة الصمت ، ونجح ، نجح في ذلك نجاحاً كبيراً.
ونستذكر في هذه الذكرى المؤلمة المظلومية الكبيرة ، مظلومية الشهيد القائد ، التي كانت مظلومية أمة ومظلومية قضية.
جريمةٌ كبيرةٌ ارتكبها الطغاة الظالمون بحق رجلٍ عظيمٍ دون أي ذنبٍ وبدون حق ، ذنبه الوحيد هو أنه دعا إلى القرآن وتحرك على أساس القرآن ونهج نهج القرآن وتحرك يستنهض الأمة في إطار الموقف الحق والقضية العادلة، أمر بالقسط وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر الأكبر المتمثل بالطغيان الأمريكي والإسرائيلي وما في إطاره من قوى الشر والظلام والطغيان.
الجريمة المتمثلة بقتل رجلٍ مؤمنٍ عظيمٍ يتحرك على أساس القرآن ، يعمل على استنهاض الأمة بالقرآن ، يعمل على إعادة الأمة إلى منهج القرآن ، يأمر بالقسط ، هي جريمة فضيعة جداً .
والله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم جعل جريمة قتل الآمرين بالقسط بعد مرتبة قتل الأنبياء ، لأن الآمرين بالقسط من حملته والداعين له وأنصاره ، هم سائرون في نهج الأنبياء وهم ورثة الأنبياء وهم الذين يخطون في خطى الأنبياء ، فكانت جريمةً كبيرةً لا تطالهم ولا تقتصر عليهم فحسب ، بل هي أيضاً جريمةٌ بحق الناس ، ولذلك كانت فعلاً كانت عملية الإستهداف له وجريمة العدوان عليه تمثل مأساةً لشعب ونكبةً لوطن وخسارةً للأمة بكلها.
وكانت وحشية العدوان والجريمة الكبيرة بالعدوان في الحرب الأولى والذي به تأسست مرحلةً جديدة أسسها الطغاة والظالمون ، مرحلة جديدة من الحروب المتتالية على مدى ست جولات شاملة وعلى مدى حروب كثيرة ، أكثر من عشرين حرباً فرعية ، تلك الحروب والاعتداءات الظالمة بكل ما كان فيها من مظلوميةٍ فضيعة من عدوانٍ شامل من استهدافٍ لكل شيء ، حيث استهدفت المناطق التي شملها العدوان ، استهدف في الإنسان كبيراً وصغيراً طفلاً وشاباً وشيخاً رجلاً وامرأة ، استهدفت فيها الحياة بكل مظاهرها ، استهدفت فيها كل مقومات الحياة ، فاستهدف الإنسان بكل مقومات وجوده ، الإستهداف الفردي والإستهداف الجماعي ، الإستهداف للناس في مساكنهم وبيوتهم ، الإستهداف للناس في الأسواق ، الإستهداف للناس في المدراس ، الإستهداف للناس في المستشفيات ، الإستهداف لتجمعات النازحين ، واستهداف بكل آلة الحرب وكل آلة القتل وكل آلة التدمير الطيران وكذلك الدبابات وراجمات الصواريخ ، كل أنواع السلاح استخدمها النظام ومن تحرك معه ، وفي نهاية المطاف من تحرك معه ودخل معه في الحرب القوى الإقليمية والدولية دون مراعاةٍ للحد الأدنى من القيم والأخلاق الإنسانية والفطرية ،
ودون تحاشٍ من فعل أي شيء مهما كان بشعاً ومهما كان مشوهاً ، وهناك الكثير من الجرائم البشعة جداً لا زالت موثقة حتى بالفيديو ، جريمة ووحشية استهداف هذا الرجل العظيم الشهيد القائد وقتله بطريقة بشعة لا إنسانية تزيد الجرم جرماً والإساءة إساءةً والعدوان بشاعةً ، وهكذا نستذكر أيضاً في هذه الذكرى عدالة القضية التي تحرك فيها ومن أجلها ، هذا الرجل العظيم الذي حاولوا أن يقضوا عليه ويقضوا على مشروعه بكل وسيلة ممكنة وتحركوا ضده عسكرياً وإعلامياً وفكرياً وبكل الوسائل والإمكانات ، ما الذي عمل؟ وما الذي أراد؟ وما الذي فعل؟
لقد تحرك في قضيةٍ عادلةٍ سليمةٍ صحيحة ، هو تحرك ليستنهض الأمة ، التي هي أمته ، هو فرد منها ، يشعر بالمسؤولية تجاهها ، هو من واقعه كرجلٍ مسلمٍ عظيمٍ مستنيرٍ بالقرآن مهتدٍ بكتاب الله ، كرجلٍ مؤمن يحمل الشعور الإيماني يستشعر المسؤولية الدينية تجاه الأمة التي هي أمته أمة الإسلام ، أمةٌ مستهدفةٌ من أعدائها ، أمةٌ مقهورةٌ مظلومةٌ مضطهدة ، تواجه من أعدائها في كل شيء، يستهدفها أعدائها استهدافاً شاملاً بدءاً من دينها وانتهاء بدنياها.
شعر بمسؤوليته تجاه أمته هذه ، بل عرف أنه يحمل هذه المسؤولية من واقع إهتدائه بالقرآن بطبيعة إيمانه ووعيه ، يستشعر أنه يتحمّل مسؤولية تجاه هذه الأمة ، وباعتباره فرداً منها ، وبذلك تحرك يحمل هذه المسؤولية ليستنهض الأمة لتتحرك تحركاً مشروعاً ، تحركاً محقاً ، لم يكن في موقفه أيُّ حيفٍ ولا انحرافٍ عن الحق ، ولم يكن ظالماً ولا جائراً ولا بطراً ولا متكبراً ولا متغطرساً ولا منحرفاً عن الحق ، تحرك في مشروعٍ محق وقضيةٍ واضحةٍ بينه في أنها عادله وفي أنها محقه ، فعندما تحرك يستنهض الأمة بالقرآن للقيام بمسؤوليتها في مواجهة الخطر والشر الذي يستهدفها ، كان عمله ذلك عادلاً وصحيحاً بل ومطلوباً ، وأكثر من ذلك ضرورياً ، والأمة في أمسِّ الحاجة إليه.
الأمة في أمسِّ الحاجة إلى من يبصّرها بهدى الله بالقرآن الكريم الذي هو كتاب ربها الذي هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، الذي هو النور الذي يمكن أن تستضيئ الأمة به في عتمة الظلمات التي ملأت آفاق الدنيا في عصرنا هذا وفي زمننا هذا ، فهو تحرك تحركاً صحيحاً في عملٍ مشروع ، بوسائل مشروعه وطريقةٍ مشروعه ، حتى ليس فقط على المستوى الشرعي وعلى المستوى الديني بل حتى بالإعتبارات الأخرى ، بالإعتبارات الديمقراطية باعتبار الدستور والقانون بكل الاعتبارات بكل المقاييس تحرك بشكلٍ صحيح ، المضمون صحيح ، الهدف صحيح ، القضية عادلة ، الوسائل والأساليب التي اعتمد عليها وتحرك بها مشروعه وسليمة ونظيفة وصحيحة ، فلذلك كان مشروعه بشكلٍ متكامل كان محقاً وعادلاً وسليماً في الهدف والمضمون والوسائل والأساليب وفي كل الاعتبارات .
فعندما استُهدف استُهدف فعلاً ، استهدف في القضية نفسها التي تحرك من أجلها ، ما نقموا عليه وما ساءهم منه وما استهدفوه لأجله هو هذا المشروع ، لأنهم أرادوا أن يسود في واقع الأمة بكلها الصمت والاستسلام والعجز ، فلم يكونوا أبداً يريدون أن يسمحوا بأن يعلوا صوت أو أن يرتفع صوت يناهض ما يريدونه ، ويقف بوجه مؤامراتهم وطغيانهم وظلمهم وجبروتهم ، يريدون للأمة أن يعمها وبلا استثناء حالة الخنوع وحالة الاستسلام وحالة العجز وأن لا يتحرك أحد ، فإذا ما تحرك أحد مهما كان تحركه مشروعاً وصحيحاً فهم لا يريدون أن يسمحوا بذلك أبداً .
فالإستهداف له هو استهداف للمشروع العظيم الذي تحرك به .
[ الله أكبر, الموت لأمريكا ,الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود , النصر للإسلام]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ، في الذكرى السنوية للشهيد القائد
بتأريخ 07-06-2013.
اليمن – صعدة