من الكويت .. إشارات ومؤشرات
بقلم / علي أحمد جاحز
ما يقارب الأسبوع في الكويت، لم تتضح معالم المشاورات بعد، وإن كانت مساعي مناقشة تثبيت وقف النار وصلت إلى مرحلة الاختبار والتجربة على الأرض بعد أن تراجعت بشكل ملحوظ الغارات والخروقات الميدانية التي يتعمد العدوان ومرتزقته أن يكسروا بها تعهدات وقف النار كل يوم .
كل تلك الخطوات الجادة التي خطاها وفدنا الوطني في كل جولات المفاوضات السابقة وصولا إلى الجولات الحالية في الكويت، تؤكد رغبة اليمنيين في السلام لكن تلك الرغبة تنطلق من مركز قوة ووعي وليس من ضعف وخنوع وسذاجة كما قد يتصور البعض، ففي كل تجربة دبلوماسية يخوضها الوفد الوطني يتمكن من توضيح الصورة للرأي العام المحلي والدولي بخصوص نوايا اليمنيين ومظلوميتهم وأيضا بقوته وتجذر ثباتهم على الأرض والمبدأ والغاية، بعكس وفد المرتزقة القادمين من الرياض الذين لا يحملون في جعبتهم أكثر من مطلب واحد وهو استمرار انتهاك سيادة بلدهم و قتل شعبهم وخشيتهم من أن يتوقف ذلك .
الاختراق السياسي والإعلامي والحقوقي والقانوني الذي حققه اليمنيون المرابطون والثابتون على الأرض، ليس سهلا، وقد استطاع أن يتغلب على آلة التضليل الإعلامي الكثيف الذي ضخ على مدى عام وأكثر، ليصبح الرأي العام الإقليمي والدولي في هذه الأثناء مختلفا – إيجابا – عنه قبل شهور.
فوجئنا في الواقع في وجود مرونة عالية لدى الوسط الصحفي والسياسي في الكويت ناحية القضية اليمنية، وبقدر حجم التضليل العالي الذي تلقوه طوال شهور إلاّ أنهم بدوا أكثر استعدادا لفهم حقيقة ما يجري من الزاوية الأخرى التي نحمل صورتها نحن . وللأمانة فقد أفردت مساحات في الصحافة لنقل تلك الصورة الغائبة وإن بشكل متواضع إلا أنها في كل الأحوال أثبتت أن بالإمكان أن نغير الصورة النمطية الظالمة التي رسمت لليمن ولليمنيين طوال الشهور الماضية من عمر العدوان الظالم.
ولعل جهود الدبلوماسية وحرفيتها في إدارة المفاوضات أحدثت اختراقات عالية في الوسط الدبلوماسي الدولي والإقليمي، وتجلى ذلك في اللقاء الذي جمع بين الأمير الكويتي وبين الوفد الوطني أمس، والذي أوحى بإشارات ومؤشرات كثيرة لها دلالات كبيرة على تغير مزاج الوسط السياسي من القضية اليمنية ككل ومن القوى الوطنية بشكل جزئي، وبعد أن كانت النظرة السائدة بأن القوى الوطنية هي أطراف انقلابية – كما كان سائدا – أصبحت الآن النظرة إلى أن ثمة أطرافاً قوية تمسك الأرض وتحكمها بشكل حرفي بعكس القوى التي في الرياض التي عجزت عن الإمساك بالجنوب الذي كانت تعتبره محررا من وجهة نظرها .
هذه المؤشرات هي إيجابية إلى حد ما، وتحيلنا إلى إمكانية كسر الجليد الذي ظل يحجب اليمن عن اهتمامات العالم والمحيط الإقليمي بشكل وحشي، ليعود التفكير الآن بخصوص اليمن من زاوية الحل السياسي لا العسكري، بل يبدو أن خيار الحل العسكري أصبح مستبعدا إلى حد كبير، هذا ما تقوله المؤشرات الملموسة حاليا.
في كل الأحوال، يعود الفضل الأول في تغير الواقع السياسي والعسكري على التوازي لله أولا وللمقاتل اليمني الثابت والصامد ثانيا، وللإنسان اليمني القوي الذي لم يهتز، ولكل الجبهات اليمنية العظيمة السياسية والإعلامية والثقافية والاجتماعية على حد سواء، وسننتصر قريبا جدا وإن كانت طريق النصر لا تزال محفوفة بالأشواك .