#طريق_القدس: في التخادم بين المشروعــين الصهيوني والتكفيري
ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
5 ديسمبر 2024مـ – 4 جماد الثاني 1446هـ
بقلم السفير// عبدالله علي صبري
منذ قامت الولايات المتحدة الأمريكية برفع أذان الجهاد في كابول، حسب تعبير عميد الصحافة العربية الراحل محمد حسنين هيكل، والجماعات التكفيرية على الضد دوما من القضية الفلسطينية.
وحتى بعد أن أنهت مهمتها في أفغانستان، عاد ما يسمى بالأفغان العرب إلى بلدانهم الأصلية وانخرطوا في التكفير والتهديد بتغيير الأنظمة عبر قوة السلاح وتحت عنوان الجهاد، ثم سرعان ما أعلن أسامة بن لادن عن تأسيس تنظيم قاعدة الجهاد، وصولا إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011، التي أعلن بن لادن مسؤولية ” القاعدة ” عنها.
ومع أن القاعدة غدا لها تنظيمات فرعية في عدد من الدول العربية والإسلامية، إلا أن أحدا من قادتها لم يفكر في الاقتراب من ” إسرائيل” والدعوة إلى الجهاد من أجل تحرير المقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة.
ربما سقطت فلسطين من أجندتهم سهوا، وربما كان لهم سياسة مختلفة من باب التكتيك، هكذا كان يبرر لهم من يحسن الظن فيهم، إلا أن الانعطافة الكبيرة في العراق وسوريا، أبانت عن حجم التخادم الكبير بين القاعدة ثم داعش، وبين المشروع الأمريكي في العالم العربي، وإذ كادت دولة الخرافة على مرمى حجر من بغداد، فإنها وجدت المسرح السوري سالكا للعبث بكل ما هو إنساني وأخلاقي، حيث تقاطر إلى الساحة السورية عشرات الآلاف من شذاذ الآفاق بزعم دعم الثورة السورية، والنتيجة أن عشرات التنظيمات التي انسلت وتناسلت عن التنظيم الأم، أطلقت العنان لكل أنواع التوحش والقتل والإجرام، من قطع لرؤوس الأبرياء في مشاهد متلفزة، وذبح وإحراق متعمد للأطفال، واغتصاب للنساء بزعم السبي أو جهاد النكاح، ومن رجم وجلد لمن يتهموهم بالزنا وقطع للأيدي، وإلى كل ما يمكن أن يشوه صورة الإسلام والمسلمين في العالم.
ولما اختلفت أهدافهم وتضاربت مصالحهم – وقد تشابهت نفسياتهم المريضة مع أشكالهم القميئة- عادوا ليكفروا ويضربوا رقاب بعضهم البعض.
وهكذا عاشت الأمة تحت سطوة الجماعات التكفيرية فصلا مأساويا من العشرية السوداء في الجزائر إلى عشرية النار في العراق وسوريا، وتحت نيران الاحتلال والعدوان الأمريكي الذي اتخذ منهم ذريعة لما يسمى بالحرب على الإرهاب.
بيد أن الأسوأ جاء في وقت قاتل، فبينما كان الأحرار من الأمة منخرطون في معركة طوفان الأقصى، وبينما كان أحرار العالم يتداعون للتضامن مع غزة وأهلها في وجه جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني، لزم شيوخ التكفير الصمت في أحسن الأحوال، فيما أطلق البعض تصريحات تنم عن تخاذل غير مسبوق، والبعض منهم راح يذكي نار الطائفية مجددا بالطعن في حزب الله وإيران وحركات الجهاد والمقاومة. وليت الأمر توقف عند هذا الحد.
المفجع أنه بينما كان المجاهدون الحقيقيون يقاتلون نيابة عن الأمة ويضربون أروع صور الصمود والفداء في غزة ولبنان، كان التكفيريون وراعيهم الأمريكي وشقيقهم التركي وصديقهم الصهيوني يشحذون أسلحتهم، ويتربصون بالمقاومة، التي تركت فراغا ملحوظا في سوريا، وما إن وجد الصهيوني نفسه عاجزا أمام أبطال حزب الله، حتى استدار من الخلف، لكن عبر هذه الأدوات التكفيرية، التي سرعان ما تحركت بتوجيه المجرم نتنياهو ونيابة عنه، وأنقضت على حلب الشهباء، في طعنة غادرة وماكرة، بهدف فرض واقع جديد عنوانه عزل سوريا وإيران عن المقاومة اللبنانية.
هكذا تجلت الحقيقة المرة وكشفت في أوضح وأبشع صورة، عن قوم استجمعت فيهم كل عناوين اللؤم والخسة والنفاق والحماقة، قوم لا يشبههم أحد إلا من يعمل مثل عملهم، أو يهلل ويصفق لفتوحاتهم.