حالة تغييب الوعي وأكذوبة تحرير الشام
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
5 ديسمبر 2024مـ – 4 جماد الثاني 1446هـ
تقريــر|| إبراهيم يحيى الديلمي
كعادته وفي كل يوم خميس يستمر السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) في إلقاء خطاباته الأسبوعية المهمة، التي دائمًا ما تأتينا بالجديد والمفيد حول آخر المستجدات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة منذ اليوم الأول لمعركة “طوفان الأقصى” للتأكيد على استمرار الشعب اليمني العظيم في موقفه الجهادي الداعم والمساند لكل فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر، سواءً بالخروج الشعبي المليوني إلى ساحات الاحتشاد، أو بتنفيذ مزيدٍ من العمليات العسكرية في البحر، ناهيك عن ضرب عمق العدو الإسرائيلي بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وبالطبع فقد تابعنا اليوم الخميس الموافق 5/12/2024 خطابه الذي ركز فيه على حالة غياب وعي الأمة العربية والإسلامية المؤسف تجاه ما يحدث من جرائم فظيعة في قطاع غزة، وتجاه كل المخططات الأمريكية والصهيونية التي تستهدف الأمة عمومًا في وعيها أولًا وقبل أي شيءٍ آخر، وذلك في توقيتٍ دقيقٍ وحساس؛ لخطورة مسألة الوعي ولضمان استمرار حالة الغفلة والتيه التي تعيشها الأمة دون أن تستشعر خطورة المرحلة الحرجة التي تمر بها اليوم.
حالة تغييب الوعي
يقول الدكتور علي الحاج حسين في مقال له بعنوان: “تشكيل الوعي للسيطرة وإدارة الحروب الناعمة” نشره موقع مركز المعارف للدراسات الثقافية: “ليس من المبالغة القول إنّ الحروب الحقيقيَّة هي تلك التي يُشكّل المُعتدي فيها وعيًّا جديدًا للطرف الآخر بهدف السيطرة عليه والتأسيس لقدرته على بسط نفوذه وهيمنته على الموارد المادّيَّة والبشريَّة عدا عن السلوكيَّة”.
وبالنظر إلى هذه الرؤية وإسقاطها على ما كشفه السيد القائد اليوم من تلاعب العدو الأمريكي والإسرائيلي بوعي الأمة، من خلال ترويجه لبعض المفاهيم المغلوطة ومالها من تداعيات كارثية كانت ولا شك سببًا مباشرًا في كل ما تعانيه أمتنا اليوم من حالة الغفلة والضياع التي وصلت بها إلى حد اتخاذ مواقف مذلة ومهينة، تجاه كل ما يحدث من فظائع وجرائم في قطاع غزة ولبنان وسوريا على حدٍ سواء، وتلك المواقف ظاهرها وباطنها الخزي والعار، كما أنها لا تنسجم البتة مع الفطرة البشرية السوية فما بالك بانسجامها مع تعاليم دينها وأخلاقها وقيمها العليا.
سقوط أكذوبة الصراع السني الشيعي
وبالعودة إلى استذكار ما حدث بالأمس القريب لا ننسى في البداية التذكير بأن العدو الأوحد للأمة الإسلامية هم اليهود لقوله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ..) ومن هنا يجب أن ندرك أن ما من عدو يتربص بنا سوى اليهود الصهاينة، فهدف اليهود الصهاينة اليوم هو بث عوامل الفرقة والصراع بين أبناء الجسد الواحد بقدر استطاعتهم، لأنهم اتباع الشيطان يكرهون الإسلام وكل المسلمين والبشرية جمعاء، وهم ينطلقون سواءً في علاقتهم بالله أو في علاقاتهم بالمحيطين بهم، من جملةٍ من الأكاذيب والافتراءات والأساليب الملتوية، ناهيك عن أنهم قوم خبث ولؤم، لا عهد لهم ولا ذمة، وعصاة مجرمون، وخير شاهد لي في ذلك ما أخبرنا عنهم القرآن الكريم من كفرهم وخيانتهم وعصيانهم المستمر لله تعالى وصولا إلى قتلهم الأنبياء.
بالأمس وإبان سنوات ما يسمى بالربيع العربي، روّج اليهود لأكذوبة مفادها أن العدو الوحيد للإسلام والمسلمين هم الشيعة، وكان هدفهم من هذه الأكذوبة حرف بوصلة عداء الأمة إلى غيرهم وضرب المقاومة بكل أشكالها ومسمياتها ممثلةً بالجمهورية الإسلامية في إيران (الداعم الرئيسي والممول لكل حركات المقاومة في فلسطين وخارجها)، واستندوا في ذلك على الفكر الوهابي الضال الذي كان الأداة الطيعة الأكثر تأثيرًا في الوعي الإسلامي السني؛ نظرًا لسيطرته وهيمنته على مقاليد البيت الحرام في مكة، كما قاموا بإنتاج وتفريخ عدد من التنظيمات التكفيرية في بعض دول المنطقة التي بدورها روجت لضرورة قتال الشيعة حتى القضاء عليهم، وذهبت في ذلك إلى حد مواجهة كل من يعترضها عسكريًا للسيطرة على الأرض والإنسان وكله من أجل أمريكا وربيبتها إسرائيل.
وبسبب ضعف وسائل الإعلام المناوئة لهذه التنظيمات الحاقدة فقد أخذت هذه الأكذوبة حقها من الترويج والتضليل، عبر أكبر وأشهر الماكينات الإعلامية الغربية والعربية العاملة في فلك اليهود والصهاينة بشتى جنسياتهم، إلا أننا اليوم نراها قد أسقطت في السابع من أكتوبر وذلك عقب عملية طوفان الأقصى المباركة التي كانت السبب في فضح الكثير من الأكاذيب والألاعيب الصهيونية، وكشف الكثير من الحقائق التي تم تغييبها، ليتضح للملأ أن من يقتل ويمارس حرب إبادة الشعب الفلسطيني في غزة هو العدو الإسرائيلي بدعم أمريكي علني، ومن يدافع اليوم عن الأمة ومقدساتها وأراضيها هي حركات المقاومة أو ما يسمى بمحور المقاومة والجهاد (اليمن وإيران وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين) لا منظومة الدول العربية المطبعة والعميلة لأمريكا وإسرائيل.
أكذوبة تحرير الشام
اليوم ونظرًا لسقوط أكذوبة الصراع السني الشيعي أراد السيد القائد أن يكشف ويوضح لنا، بأن العدو الأمريكي والإسرائيلي، يقومان من جديد بالتلاعب بوعي الأمة لحرفها عن قضيتها الأساسية (فلسطين) وذلك بالترويج لأكذوبة تحرير الشام التي جاءت عقب التحرك المفاجئ الأخير لتنظيماتهم التكفيرية في الجمهورية العربية السورية والذي أدى لاحتدام المعارك من جديد في سوريا بعد فترة هدوء دامت لثمان سنوات تقريبًا ولتصبح أكذوبة تحرير الشام هي يافطة هذا التحرك المفضوح الذي وصفه الكثير من المحللين والخبراء العسكريين بأنه عدوان على سوريا.
الغريب أن هذا التحرك المريب جاء عقب اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وهو توقيت فاضح لنوايا العدو الإسرائيلي الذي مازال يعربد حتى اليوم في حربه الدموية على قطاع غزة، وكأنما أراد القول لكل المسلمين بأنه وراء هذا التحرك وأنه كان يجب على هذه التنظيمات التحرك ضده لا ضد نظام الرئيس بشار الأسد الذي يعد من أبرز أنظمة محور المقاومة.
وهنا يتضح لذوي العقول الرشيدة أن أكذوبة تحرير الشام ما هي إلا إحدى المغالطات الخطيرة التي يتلاعب بها العدو الأمريكي والإسرائيلي، بوعي وتفكير الأمة المسلمة عبر أدواته في بلاد الشام المتمثلة في التنظيمات التكفيرية المسلحة، وفي هذا الصدد قال السيد القائد بأنه “كان ينبغي أن توجه عناوين “تحرير الشام” لدعم ومناصرة الشعب الفلسطيني في مظلوميته الرهيبة ومعاناته الكبيرة” مضيفًا بأن أقدس بقعة في الشام هي فلسطين والمسجد الأقصى والقدس.
وتسائل بقوله: لماذا لا يذهب من يتحرك تحت عنوان التحرير ومن يدعمه لتحرير فلسطين؟
عموما سوف يأتي الوقت الذي نشهد فيه عدم جداوية هذا التحرك التكفيري المفضوح في إضعاف وخلخلة صفوف محور المقاومة، الذي يستند على جدار صلب ويرتكز على أساس واضح مفاده: نحن أصحاب الحق ونحن الغالبون ونحن من سينتصر في نهاية هذا الصراع أليس الصبح بقريب.