الخبر وما وراء الخبر

هزيمة مذلة “لإسرائيل” في لبنان.. حزب الله ينتصر

2

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
27 نوفمبر 2024مـ – 25 جماد الأول 1446هـ

تقرير|| أحمد داود

بدأت مؤشرات الانكفاء والهزيمة لجيش العدو الإسرائيلي تتجلى في لبنان، بالتوازي مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وعودة النازحين اللبنانيين إلى قراهم في الجنوب.

من الناحية الاستراتيجية، فقد حقق حزب الله في لبنان انتصاراً كبيراً، حتى وإن كانت جراحه غائرة، وأوجاعه أكبر من أي معركة مضت، فيكفي في هذه الجولة من الصراع أنه أعاق العدو الإسرائيلي من تحقيق حلمه الكبير باحتلال لبنان من جديد، وتغيير وجه المنطقة، تحت مسمى “الشرق الأوسط الجديد”، ووقف عاجزاً عن التقدم في الحافة الأمامية في الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة على مدى ما يقارب الشهرين.

قد يقول البعض من الانهزامين: إن حزب الله لم يجلب للبنان سوى التدمير والخراب، وفقدان المزيد من القادة بما فيهم الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين، وقيادات عليا من الصف الأول للمقاومة.. هذه نظرة قاصرة لا تنطلي إلا على العامة من الناس، أما المطلعون على مجريات الأحداث، فيدركون أن حزب الله قد حقق نصراً تاريخياً جديداً في صراعه مع العدو الصهيوني، يضاف إلى ما حققه من انتصارات سابقة، وآخرها في حرب تموز 2006م.

وثيقة استسلام كامل
وأياً تكن تفاصيل الاتفاق، فبمجرد الموافقة الصهيونية على وقف إطلاق النار، فهذا يعني رضوخ المجرم نتنياهو لشروط المقاومة الإسلامية في لبنان، ورفع راية الاستسلام، وهو ما تقر به وسائل الإعلام الصهيونية، حيث أن الأهداف التي وضعها مجرم الحرب نتنياهو منذ بدء الهجوم البري على لبنان في الأول من أكتوبر الماضي 2024م كانت تتضمن عودة النازحين الصهاينة إلى مغتصبات الشمال تحت قوة السلاح، وهذا ما لم يحدث على الإطلاق، فالتقارير الأولية تشير إلى رفض المستوطنين العودة إلى مغتصبات الشمال، كون الاتفاق لا يمنحهم الأمان، وهم يتخوفون من تكرار 7 أكتوبر من جبهة لبنان، ويكفي أن هناك إجماعاً كلياً داخل الكيان الصهيوني بأن هذه الاتفاقية تمثل وثيقة “استسلام” كامل، وإعلان واضح بالهزيمة.

المشاهد التي وردت من لبنان تؤكد هذه الحقيقة، فالنازحون اللبنانيون عادوا سريعاً إلى قراهم في جنوب لبنان، مؤكدين وقوفهم إلى جانب المقاومة، وعدم الاستسلام للعدو، في حين لم تظهر عدسات الكاميرا أي مشهد لعودة نازح من المستوطنين إلى مغتصبات الشمال، ما يعني أن الهدف الأساسي للاحتلال وجيشه من العدوان على لبنان لم يتحقق، فلا تم القضاء على حزب الله، ولا عاد النازحون الصهاينة إلى مغتصباتهم، ولا تحقق حلم التوسع الصهيوني عبر “الشرق الأوسط الجديد”.

سخط عارم داخل الكيان
الدليل الآخر على انتصار حزب الله في هذه الجولة من الصراع مع الكيان الصهيوني، هو السخط والغضب الشديدان للصهاينة من هذا الاتفاق، وعدم الترحيب به. فرؤساء البلديات، أو حكام المغتصبات شمالي فلسطين المحتلة، صدرت عنهم تصريحات منددة بالاتفاق، ومعارضة له.

على سبيل المثال وصف رئيس بلدية كريات شمونة، أفيحاي شترين، هذه الاتفاقية بأنها “اتفاقية استسلام مباشرة”، متسائلاً: كيف وصلنا من مرحلة النصر الكامل إلى الاستسلام الكامل؟

وقال: “لقد نجحنا في انهيار حزب الله، وبدلاً من الاستمرار في سحق التنظيم نعطيه الأكسجين، ونعطيه الإنعاش، وأين سيعود سكاننا إلى المدينة المدمرة، فلا أمن ولا آفاق؟

أما رئيس مجلس مستوطنة المطلة “ديفيد أزولاي” فقال في تصريحات صحفية:” نؤكد لكم أننا لا نزال تحت تهديد النيران المضادة للدبابات، وخاصة في المطلة التي تعرضت لأكثر من 450 صاروخاً العام الماضي”.

وتعد “كريات شمونة” و”المطلة” من أكثر المغتصبات الصهيونية تعرضاً للدمار والخراب، جراء ما لحق بهما من قصف صاروخي لمجاهدي حزب الله، وقد كشفت صحيفة يديعوت احرنوت، أنه تم تدمير ما يقارب 7 آلاف مبنى، و9 آلاف مركبة، ما يشير إلى أن الدمار الذي لحق بالمغتصبات الصهيونية كبير وفظيع، وهو أحد الأسباب التي دفعت نتنياهو للموافقة والقبول بهذه الهدنة أو وقف إطلا ق النار.

استراحة محارب
بالنسبة لحزب الله اللبناني، فقد كان بحاجة إلى فترة استراحة لإعادة توازنه، فالحزب ومنذ واقعة البيجر في أواخر سبتمبر الماضي، تلقى ضربات موجعة ومتتالية من قبل العدو الصهيوني، فبعدها تم اغتيال قيادات لحزب الله من الصف الأول، ثم اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، وبعدها استهداف الجنوب بغارات جنونية واستشهاد وإصابة ما يقارب 20 ألف مدني طيلة هذه المدة، ثم التدمير الهائل والواسع الذي لحق بالضاحية الجنوبية لبيروت، وقرى الجنوب اللبناني، أضف إلى ذلك سخط الانهزاميين في الداخل اللبناني، ومحاولة تحميل الحزب مسؤولية كل ما يجري.

هذه عوامل مهمة، جعلت من حزب الله أن يوافق، ويقبل بأي اتفاق لوقف إطلاق النار، لإعادة ترتيب صفوفه من جديد، ودراسة جوانب الخلل التي أصابته، جراء الاختراقات الكبيرة، كما أن حزب الله بحاجة إلى إقامة مراسم تشييع لسيد المقاومة الشهيد القائد حسن نصر الله، ولذلك فهو بحاجة إلى فترة هدوء وراحة، لكن ما يبعث على الاطمئنان هو عاملان مهمان:

الأول: قدرة حزب الله على الثبات تجاه المناورة الأمريكية أثناء المفاوضات وعدم تقديم التنازلات، ثم الاستمرار في المعركة حتى حقق ما أراد.

الثاني: بيئة حزب الله القوية والمجاهدة التي وقفت إلى جانب المجاهدين، وتحملت ظروف النزوح، وألم القصف، وفقدان الأحبة، في مقابل الخذلان العربي والإسلامي الذي فضل التفرج على مأساة لبنان وغزة، باستثناء اليمن والعراق.

نستطيع القول: إن حزب الله طوى صفحة جديدة من الصراع مع العدو الصهيوني، لكن المعركة بكل أبعادها لا تزال مستمرة، وهي بأشكال متعددة، وما المواجهة العسكرية سوى أبرز أدواتها، فهناك حرب اقتصادية، وثقافية، وأيديلوجية وغيرها، وهي تستوجب المواجهة من الجميع كلاً من موقعه.

لقد حقق حزب الله في لبنان نصراً تاريخياً جديداً على العدو الإسرائيلي، وسيكون حاضراً للمواجهة المقبلة مع العدو الإسرائيلي طال الزمن أم قصر، فالعقيدة الإيمانية والقتالية للحزب وجدت على أساس الصراع المستمر والدائم مع العدو الصهيوني، وليس على أساس توقيع ما يسمى باتفاقيات السلام الانهزامية كما حدث للدول العربية.

المصدر: “موقع انصار الله”