الخبر وما وراء الخبر

موضة التحالفات بين قتل المسلمين ومصالحة إسرائيل

162
بقلم / حسن الوريث


في قمة منظمة التعاون الإسلامي التي استضافتها تركيا لم يستطع رأس النظام السعودي إخفاء ما يخطط له ويرمي إليه بالإسراع نحو إقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني مستغلاً حالة الضعف والوهن الشديد الذي أصاب الأمة العربية والإسلامية والتفكك الكبير الذي تعانيه ملمحاً إلى ضرورة عقد سلام دائم مع إسرائيل وفق مبادرة السلام العربية التي ولدت ميتة ولم تعترف بها حتى إسرائيل نفسها .
مما لاشك فيه أن كل أفعال النظام السعودي تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أنه مع الكيان الصهيوني وجهان لعملة واحدة باعتبار منشأهما الواحد وكل منهما يقوم بدور محدد رسمته المخابرات البريطانية سابقاً وتقوم باستكماله حالياً المخابرات الأمريكية التي ترسم المخططات وتشرف على تنفيذها لضرب الإسلام والمسلمين وبالتأكيد فإن الدولة السعودية التي نشأت على الفكر الوهابي المتطرف هي حجر الزاوية في تنفيذ تلك المخططات التي ترمي إلى تفكيك الدول العربية والإسلامية وجعلها دويلات متناحرة متصارعة تبعثر ثرواتها يمنة ويسرة وتعبث بها وتشغل المسلمين بأمور أخرى ليظلوا قوماً متخلفين وأنشأت لهم الحركات الإرهابية باسم الدين الإسلامي لتكون سيفاً على رقاب كل من يخرج عن ذلك الدور الذي يرسمونه ويريدونه .
وعندما صارت الحركات والتنظيمات الإرهابية إما مكشوفة أو خرج بعضها عن الدور المرسوم له كالقاعدة وداعش وغيرهما ولو قليلاً تفتق ذهنهم عن إنشاء التحالفات العربية والإسلامية لتكون بديلاً عن تلك التنظيمات الإرهابية وبشكل أرقى قليلاً فتلك حركات وتنظيمات تجمع أفراداً بينما هذه تحالفات تجمع دولاً لكن هدفها غير المعلن هو تدمير الإسلام من داخله وقتل المسلمين بعضهم ببعض وبالطبع فإن نظام بني سعود هو رأس الحربة في كل ذلك على اعتبار ان هذا النظام يتحكم حالياً في مكة والمدينة أهم المقدسات الإسلامية ويدعي انه حامٍ لها كما انه يمتلك من الثروة التي تمكنه من إغراء الدول الفقيرة وضمها إلى هذه التحالفات التي نعرف جميعاً أن من يقودها حقيقة هي أمريكا وأن هذا النظام مجرد واجهة فقط حتى تعطى الشرعية الإسلامية أمام الناس الذين مازال في عيونهم غشاوة وأن رؤساء وملوك وزعماء هذه البلدان يذهبون بالأمة نحو حروب أهلية بعناوين طائفية ومذهبية وباسم التحالف الإسلامي.
فالتحالف العربي الذي أعلن عن قيامه العام الماضي لم يكن لمواجهة خطر الكيان الصهيوني الذي يغتصب أرض فلسطين ويدنس مقدسات المسلمين بل كان لتدمير اليمن وقتل الشعب اليمني وحصاره وتجويعه كما أن التحالف الإسلامي الذي أعلن عنه في ديسمبر الماضي لم يكن لمواجهة الخطر الصهيوني بل كان لمحاولة غزو سوريا ولبنان والعراق بحجة محاربة التنظيمات الإرهابية داعش والقاعدة وأخواتهما التي هي في الأساس صنيعة النظام السعودي والمخابرات الأمريكية وتنفذ مخططاتها وأجنداتها ولو كانت هذه التنظيمات فعلاً كما تقول إسلامية لكانت مسحت إسرائيل من الوجود وحررت المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الذي يرزح تحت نير الاحتلال الصهيوني ولو كانت جادة بما تمتلكه من عتاد عسكري وعناصر بعشرات الآلاف لكانت دخلت إلى فلسطين وحققت أمنية العرب والمسلمين بتحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية وبالتالي فعدم قيامها بهذه المهمة الإسلامية العربية يؤكد أنها صناعة غربية بامتياز وأن ليس لها من الإسلام سوى الاسم فقط لا غير .
ونحن نقول لو أن النظام السعودي فعلاً كان جاداً في ما يقوم به من إنشاء التحالفات العربية والإسلامية لكان وجهها التوجيه السليم نحو الوجهة الصحيحة فنحن نعرف من هو عدونا الأول الذي يعبث بمقدساتنا ويحتل أراضينا ولو أن هذا النظام السعودي كان صادقاً فيما يعمله لكان عمل على إنشاء تحالفات إسلامية وعربية حقيقية تنطلق من روح الإسلام الحنيف الذي يؤكد على حرمة دم المسلم وعرضه وماله الدين الصحيح دين الرحمة والعدالة والتسامح وليس كما يتم تصويره بأنه دين القتل والتدمير والعنف والكراهية والحقد .
يمكن أن نقول إن الأهم قبل تشكيل التحالفات العسكرية العربية والإسلامية لقتل العرب والمسلمين وتدمير مقدرات الأمة أن يتم إنشاء مؤسسات إسلامية تضم علماء دين واجتماع ومثقفين ومفكرين يكون هدفها الأساسي العمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة التي علقت بالدين الإسلامي وشوهت تعاليمه السمحة ووضع الآليات الكفيلة بنشر الفكر المستنير وتنقية الإسلام العظيم مما شابهُ من لوثاتِ التكفير والتشدد والقتل قبل أن تأتي هذه التحالفات العسكرية عل كل مقدرات الأمة وثرواتها التي يتم أنفاقها في شراء أحدث الأسلحة لتدمير المسلمين خدمة لأعداء الإسلام ولا مانع أن يكون لدينا تحالفات إسلامية سياسية وفكرية وعسكرية لمواجهة أعداء الأمة وليس لقتل أبنائها وتكفيرهم وتدمير بلداننا.