الخبر وما وراء الخبر

325 يوماً من طوفان الأقصى.. المقاومة تنجح في أصعب أنواع التكتيكات الحربية

6

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
26 أغسطس 2024مـ – 22 صفر 1446هـ

على مدى عشرة أشهر ونصف شهر، وبينما يحاولُ كيانُ الاحتلال الصهيوني وأدَ الحياة فيها، وتجفيف كُـلّ ما يجعلها ممكنة، يعتنق أهل غزة عقيدة البقاء، ويفشلون إرادَة المحتلّ، فلا يعرفُ اليأسُ ولا الاستسلامُ طريقاً إليهم.

وتواصل فصائل الجهاد والمقاومة، لليوم الـ325 من ملحمة (طوفان الأقصى) البطولية، تنفيذ العمليات النوعية والكمائن المحكمة في تصديها لقوات الاحتلال المتوغلة، موقعةً مزيداً من الخسائر في صفوف العدوّ.

ونجحت المقاومة في غزة رغم إمْكَاناتها البسيطة في ابتداع وتنفيذ الكثير من التكتيكات العسكرية الناجحة في حربها ضد قوات الاحتلال، مؤكّـدةً صمودها في القتال والمواجهة الميدانية بنجاحها في استخدام الأنفاق وتوظيف الأرض بشكلٍ صحيح، وإعادة بناء القدرات، إضافة إلى الدقة في جمع المعلومات الاستخباراتية.

في التفاصيل؛ نفّذت كتائب الشهيد عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، كميناً محكماً في منطقة القرارة، شمالي شرقي مدينة خان يونس، جنوبي القطاع.

وقالت الكتائب في بيان: “استهدف الكمين قوةً إسرائيليةً تحصّنت في أحد المنازل، بحيث استهدفها المجاهدون بقذيفة “TBG” مضادة للتحصينات وقذيفة أُخرى مضادة للأفراد”.

بعد ذلك، وفي إطار تطبيق استراتيجية “فخاخ العسل”؛ فجّرت كتائب القسّام “عين نفق” فُخِّخت مسبقًا في قوة إسرائيلية، قوامها 5 جنود، تقدمت إلى المكان؛ ما أَدَّى إلى إيقاع أفرادها جميعاً بين قتيل ومصاب.

ويشير خبراء عسكريون إلى أن هذه الكمائن تعتبر من أصعب أنواع التكتيكات الحربية التي تلجأ إليها المقاومة؛ لأَنَّها تحتاج إلى ترتيب في أكثر من مرحلة مثل الاستطلاع وقراءة المعلومات وتمحيصها، وتصور شكل العملية التي يتوقع أن يقوم بها الاحتلال وإعداد الكمين، وَفْـقًا لذلك.

الموقفُ الميداني للعدو خلال الـ24 الساعة الماضية:

في هذا السياق، أعلنت بلدية “دير البلح”، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أجبر قرابة 250 ألف فلسطيني على التهجير القسري منها خلال الـ72 ساعة الأخيرة، كما تحدثت عن “خروج 25 مركزًا للإيواء عن الخدمة في المدينة بفعل أوامر الإخلاء الجديدة” التي أصدرها جيش الاحتلال.

وفيما يتعلق بزخم العمليات العسكرية التي جرت في الـ24 الساعة الماضية وخُصُوصاً، بمنطقة عمليات “دير البلح”، أشَارَت المعطيات إلى أنها ترتبط بالخطة العسكرية الصهيونية في مجملها.

وفقاً لتقارير عبرية أكّـدت أن الخطة العسكرية الإسرائيلية بدأت في مدينة غزة في المرحلة الأولى، ثم ادعى قادة الاحتلال أن قادة حماس والأسرى يوجدون في “خان يونس” وتم الانتقال إليها لتنفيذ المرحلة الثانية من العمليات.

وأشَارَت إلى أن الاحتلال حوّل الفرقة “36” في المرحلة الثانية باتّجاه القطاع الأوسط ثم قام بسحبها واستبدالها بالفرقة “99”، مما يعني أن العمليات العسكرية في القطاع الأوسط لم ترتقِ إلى مستوى المناورات الكبرى، وتم الانسحاب من المنطقة في يناير عقب تفجير استهدف قوات الاحتلال بالمغازي.

وهذا يفسر طلب قيادة الاحتلال إخلاء مناطق المغازي والمصدر، بأن محور تقدمه نحو “دير البلح” سيكون عبر هذه المنطقة، الأمر الذي توقع خُبَراءُ عسكريون أن تقابله المقاومة بترتيبات دفاعية متعددة لتواجه توغل الفرقة “98” التي تتقدم لتجاوز شارع “صلاح الدين” باتّجاه “دير البلح”.

وأوضح الخبراء أن أهداف الاحتلال من التقدم نحو “دير البلح” ترتبط بالمرحلة الثانية من العملية العسكرية، مشيرين إلى تصريح وزير الحرب الصهيوني “يوآف غالانت” الذي قال: إن “هناك كتيبتين بالمنطقة لم يتم تدميرهما”، ما يعني أن العملية هي استكمال للمرحلة الثانية من العمليات العسكرية بالقطاع الأوسط.

وتوقعت مصادر عبرية أن يركز الاحتلال خلال توغله على البحث عن البنى التحتية لتدميرها، وأن يبذل جهوده للعثور على قيادات سياسية للمقاومة أَو الأسرى؛ باعتبَارها تمثل جميعَ الأهداف التي لم ينجح الاحتلال في تحقيقها في جميع توغلاته السابقة.

وعد مراقبون أن استهداف الاحتلال لدير البلح يشير بجلاء إلى فشله الكبير في تحقيق أهداف الحرب التي أعلنها منذ بداية عدوانه على غزة، ويشير إلى إخفاق استخباراتي واضح وتخبط في التخطيط العملياتي، مما أثر على أداء الجيش الإسرائيلي في ميادين القتال المتعددة في غزة.

موقفُ العمليات الميدانية لليوم الـ325 من الطوفان:

ميدانيًّا، نفّذت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، استحكاماً مدفعيًّا وصاروخيًّا، استهدف تجمعات الاحتلال في شرقي مدينة دير البلح، وسط القطاع، وقرية المصدر، بقذائف “الهاون” من عيار 60 ملم وبرشقة صاروخية.

وبعد الاستهداف، أطلق الاحتلال القذائف المدفعية والدخانية في المنطقة؛ بهَدفِ التغطية على نقل جنوده المصابين.

أما كتائب شهداء الأقصى فنشرت مشاهد توثّق استهدافها تجمعات الاحتلال وآلياته في “نتساريم”، بصاروخين من “107” وقذائف “الهاون” من العيار الثقيل.

ونشرت فيديو آخر عن دكها تجمعات جيش الاحتلال في شرقي “دير البلح” وشرقي مخيم “البريج”، وسط قطاع غزة، وفي محور “نتساريم”، جنوبي غربي مدينة غزة، وذلك بالاشتراك مع كتائب المجاهدين، الجناح العسكري لحركة المجاهدين.

من جهتها، أكّـدت وسائل إعلام عبرية دوي صفارات الإنذار في “ناحل عوز”، في غلاف غزة.

وعرضت قنوات عربية مشاهد خَاصَّة حصلت عليها من ألوية الناصر صلاح الدين، الجناح العسكري للجان المقاومة في فلسطين، تظهر دكّها موقع قيادة وسيطرة جيش الاحتلال في “نتساريم” بقذائف “الهاون” من العيار الثقيل، بالاشتراك مع كتائب الأنصار، الجناح العسكري لحركة الأحرار الفلسطينية.

وفي سياق آخر، بثت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- مشاهد من سيطرة مقاتليها في كتيبة “طولكرم” على معدات ميدانية لجنود الاحتلال الذين أُصيبوا خلال اشتباكات جرت في 22 أغسطُس الجاري.

وأشَارَت السرايا إلى أن مقاتليها أسقطوا طائرةً مسيَّرةً خلال الاشتباكات، مؤكّـدة أنه تم تسليمُ المعدات للجهات المختصة في الكتيبة لاستخراج ما تحتويه من معلومات.

وعليه؛ ومن خلال قراءة متأنية لبيانات المقاومة، يلاحَظُ أن كُـلّ عملية تنفذها ضد الاحتلال تتحكم فيها ظروف محدّدة كطبيعة الهدف والظروف المحيطة به التي تجعلها تستخدم فيها تكتيكاً معيَّناً وسلاحاً مناسباً لاستهداف العدوّ سواءً بالقنص أَو القذائف أَو الصواريخ أَو الكمائن.

صاروخٌ من طراز “مقادمة – M90” إلى “تل أبيب”:

في الإطار؛ وفي ساعة متأخرة من مساءِ أمس الأحد، أعلنت كتائب القسّام قصفها “تل أبيب”، بصاروخ من طراز “مقادمة – M90” رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين، والتهجير المتعمد لأبناء الشعب الفلسطيني.

وقال جيش الاحتلال بدوره: إن “صفارات الإنذار تدوي في “ريشون لتسيون” جنوب “تل أبيب”، مُشيراً إلى أنه “تم رصد صاروخ أطلق من جنوب قطاع غزة وسقط بمنطقة مفتوحة في “ريشون لتسيون”، من جهتها؛ أقرّت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية بأنّ “منظومة الدفاع الجوي لم تتمكّنْ من اعتراض الصاروخ الذي أطلق من غزة”، مؤكّـدةً سقوطه وانفجاره في “تل أبيب”.

قصف المقاومة “تل أبيب” بصاروخ من طراز “مقادمة أم 90” ومن “خان يونس”، وقبل أن يستفيق قادة الكيان من هول الصدمة التي احدثها حزب الله في عملية “يوم الأربعين”؛ بحسب مراقبين، هو رسالة لتأكيد قدرتها على ضرب العمق الذي ترغب به داخل الكيان المحتلّ، وأنها لا تزال تملك الوسائل لذلك.

ويرى خبراء عسكريون أن استخدامَ المقاومة صاروخاً واحداً فقط في هذا الهجوم يوضح أن لديها مقارباتها الخَاصَّة التي تضبط استخدامها لهذه الوسائل مثل المفاوضات حول وقف إطلاق النار وغيرها.

وبناءً على ذلك فقرار قصف وسط “إسرائيل” بهذا الصاروخ هو قرار سياسي لقيادة حماس في الداخل قبل أن يكون قراراً عسكريًّا؛ لأَنَّ انعكاسات تأثيره السياسية يمكن أن تكون كبيرة.

وسبق لكتائب القسام أن استخدمت نفس التكتيك؛ حَيثُ أطلقت رشقات صاروخية في أوقات مختلفة لتأكيد رسائلها بأنها قادرة ولديها الوسائل التي تستطيع أن تضرب بها العمق الصهيوني.

وهو ما لفت إليه مراقبون حول مقدرة المقاومة على إطلاق الصاروخ من “خان يونس” التي تجري فيها عمليات عسكرية مكثّـفة لجيش الاحتلال، في إشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تطلق فيها من مناطق يوجد فيها جنود الاحتلال، حَيثُ سبق أن أطلقت صواريخ من نقطة تبعد مسافة كيلو ونصف أَو أقل بحسب ما أقر بذلك جيش الاحتلال نفسه.

يُذكَرُ أن صاروخَ “مقادمة أم 90” على اسم الشهيد “إبراهيم مقادمة، ومن 3 أجيال، وهذا الصاروخ يحملُ رأساً متفجراً وزنه أقل من 250 كيلوغراماً من المتفجرات ويبلغ مداه الأدنى 90 كيلومتراً والنوع المحسن منه يصل حتى 250 كيلومتراً.