الخبر وما وراء الخبر

ما أوصل الأُمَّـة لهذا المستوى من الضعف والهوان هو غياب الروحية الجهادية التي بها تستطيع الدفاع عن نفسها ومبادئها ومقدساتها وعرضها وأرضها ووجودها

216

إحياء الروحية الجهادية في أوساط الأُمَّــة

على الأُمَّـة التي تتحرك لتجاهد في سبيل الله أن تقدم نفسها أنموذجاً في التعامل فيما بينهم، في صدقهم مع بعضهم بعض، في إخائهم وتآلفهم، في قوتهم، في منطقهم

  • الصراع لا يكون أمامك فقط مجرد سيف، هذه واحدة من وسائل الصراع التي يجب أن تكون نصب عينيك، فالصراع يتناول مختلفَ الأشياء النفسية والمعنوية
  • مصلحة الشعوب الإسلامية في التوجّه القرآني والنظرة نحو اليهود والنصارى، نظرة العداء، نظرة إعداد القوة، نظرة الجهاد، نظرة الشعور بأنهم يسعون في الأرض فساداً، وأنهم لا يريدون لنا أي خير

عانت الأُمَّـة العربية والإسلامية طوال الفترة الماضية من سيطرة أعدائها عليها في مختلف الجوانب اقتصادياً وعسكرياً، وأصبح أعداءُ الأُمَّـة من الإسرائيليين والأمريكيين هم من يجولون البحار والمحيطات بأساطيلهم العسكرية وجنودهم، ووصل بهم الحال إلَـى احتلال العديد من البلدان بذائع واهية وكاذبة ابتداءً من أفغانستان، ووصولاً إلَـى العراق عام 2003م.

ومما أوصل الأُمَّـة إلَـى هذا المستوى الضعف والهوان هو غياب الروحية الجهادية التي تستطيع الدفاع عن نفسها ومبادئها ومقدساتها وعرضها وأرضها ووجودها، وقد كان هذا الغياب نتيجة لعمل كبير ومستمر لأعداء الأُمَّـة على المستوى الثقافي ومحاربة الكثير من المصطلحات التي لها علاقة في بناء روحية الإنسان المسلم، وجعلوا من الواقع الإيماني مقتصراً على الروحية في عبادات محصورة.

وفي ظل هذا الواقع كان من ضمن مشروع السيد حسين الحوثي النهضوي القرآني أنه على إحياء المفاهيم الإيمانية الواعية وتعميم حالة الوعي في مواجهة التضليل والخداع الكبير الذي يتحرك به أعداء الأُمَّـة وفي مواجهة الحالة القائمة أساساً لدى الأُمَّـة.

كان من ضمن هذه المفاهيم تعزيز الروحية الجهادية، وحثّ الأُمَّـة على الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، حيث اعتبر السيد حسين الحوثي أن مفهوم الجهاد هو: (بذل الجهد في كُلّ المجالات لإقامة دين الله، معتبراً أن أي عمل ضد اليهود هو نصر الله، وذلك لأنهم هم المفسدون في أرض الله، المفسدون لعباد الله، الظالمون لعباد الله، المحاربون والصادون عن دين الله.

وهنا يشير السيد حسين الحوثي أن الدين يفرض عليك كمسلم: (أن تعمل أي عمل ينال من العدو، يعرقل خطط العدو، يؤثر على العدو)، كما يوضح أن الجهاد يقوم على شيئين أساسيين وهما: جهاد بالنفس والمال.

وفي ذات السياق يبرز السيد حسين الحوثي أن على الأُمَّـة التي تتحرك لتجاهد في سبيل الله أن تقدم نفسَها أنموذجاً في التعامل فيما بينهم، في صدقهم مع بعضهم بعض، في إخائهم، في تآلفهم، في قوتهم، في منطقهم، في حكمتهم. بمعنى: العمل لإقامة دين الله، هذا هو الجهاد في سبيله، يشمل الكلمة، ويشمل القلم، ويشمل أشياء كثيرة جداً، ويشمل السلاح بمختلف أنواعه، فالجهاد هو هذه القائمة الواسعة، تتحرك فيها لا تنظر إلَـى مجال دون مجال، لا تنظر إلَـى مجال الكلمة، وتنسى موضوع إعداد القوة، قوة السلاح؛ لأنك ستخسر، كلمتك تتبخر في الأخير، لا تركز فقط على موضوع إعداد السلاح دون أن تعرف القضايا الأخرى التي يجب أن تعدها، القضايا النفسية، والمعنوية، والتربوية، والثقافية.. إلَـى آخره، هذا هو الجهاد في سبيل الله.

العدو الذي يمتلك أفتكَ الأسلحة يرى بأنه ليس مستغنياً بل مضطرٌّ إلَـى أن يسلك الوسائل الأخرى في الحرب، الحرب الثقافية، الإعلامية، الحرب النفسية.[سورة المائدة الدرس الثاني والعشرون ص:23]

وحرص السيد حسين الحوثي على أن يوضح للأمة العديد من الجوانب الأخرى في الحرب كالحرب النفسية والاقتصادية التي تساعدك في التماسك والبناء الصحيح،كما حذر (المجاهدين) من العدو وغدره، فأشار إلَـى: (أشياء كثيرة في متناول الناس يعملونها إضافة إلَـى إعداد أنفسهم للمواجهة المسلحة؛ لأن هذه قضية أساسية لا يأمن هذا العدو طرفك بأنك لا تواجهه معنى هذا يتجرأ عليك يعرف أنك مستعد بأن تواجهه بما لديك من سلاح مهما كان بسيطاً، وفي نفس الوقت يجب أن تشتغل بالطرق الأخرى الموضوع الثقافي موضوع الحرب النفسية، الحرب النفسية هي حرب واسعة وهم يركزون عليها بشكل كبير نحن نقول مثل موضوع شعار ومقاطعة اقتصادية وتوجيه للناس على هذا النحو يعتبر حرباً، يعتبر تحصين للأمة من ماذا؟ من حربهم الحقيقية.

وفي إشارة إلَـى مختلف الجوانب التي تُستخدَمُ في الحروب قال السيد حسين الحوثي إن على كُلّ مسلم أن يعلم بأن (الصراع لا يكون أمامك فقط مجرد سيف، هذه واحدة من وسائل الصراع التي يجب أن تكون نصب عينيك، لكن تعرف أن الصراع يتناول مختلف الأشياء النفسية والمعنوية).

وأضاف: (الأعداء لديهم فيما يتعلق بأنواع الصراع، يركزون على أشياء كثيرة يحركونها، عن طريق مثلاً تثقيف، عن طريق دعاية، عن طريق ترغيب، وعن طريق ترهيب، حتى ينطلق اللوم ضد من يتحركون من كُلّ جهة)، مشدداً على أن علينا كمسلمين مواجهة العدو بكل الوسائل والطرق المتاحة، وذلك لأننا أمة مستهدفة (نُحارب كأشخاص، وتُحارب أرضنا كأرض، وتُحارب أفكارنا كأفكار، بل أصبحت الحرب تصل إلَـى مفرداتنا، أصبحت ألفاظنا حتى هي تُحارب، كُلّ شيء من قِبَل أعدائنا يتوجه إلَـى حربنا في كُلّ شيء في ساحتنا، إلينا شخصياً، إلَـى اقتصادنا، إلَـى ثقافتنا، إلَـى أخلاقنا، إلَـى قِيَمِنا).

وبين السيد حسين الحوثي الحالة التي وصلت إليها الأُمَّـة بالرغم من وجود القرآن الكريم بين أيديها، وكيف أصبحنا لا نفهم قيمة الأعمال، لا نفهم مؤامراتِ أعدائنا، ولا نفهم ما الذي يؤثر على أعدائنا.

مؤكداً على أن الأُمَّـة عندما تتجه لإعداد القوة ستعد نفسها للمواجهة في مختلف المجالات، في المجالات الاقتصادية، وفي مجال التجارة، في مجال التصنيع في مجال الزراعة، في مختلف المجالات.

ماذا سيواجه تحركك في الميدان؟

يوضح السيد حسين الحوثي ما ستواجهه كمسلم عندما تتحرك في الميدان:(من دعايات تثير الريب تثير الشك في الطريق الذي أنت تسير عليه، تشوه منهاجَك وحركتك أمام الآخرين، دعايات كثيرة، تضليل كثير ومتنوع ومتعدد، وسائل مختلفة ما بين ترغيب وترهيب).

وتساءل خطابياً.. هل يمكن للعرب أن يقاتلوا وقد أذلهم زعماؤهم، وأوصلوهم إلَـى هذه الحالة؟. كانت المواجهة عسكرية قبل خمسين سنه، أما الآن فقد أصبحت المواجهة حضارية، أصبحت المواجه حضارية! ويجيب بيقين الواثق بالله وبسننه في هذا الكون: (لا بد أن تبرز قيادة تستطيع أن تبني الأُمَّـةَ من جديد).

ونبّه السيد حسين الحوثي إلَـى ضرورة إعداد القوة لمواجهة أعداء الأُمَّـة قائلا: (الإنسان المسلم المؤمن يكون أمام عينه {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}(الأنفال من الآية: 60) قد تكون قوة معنوية هي بيدك تؤثر جداً على العدو يجب أن تستخدمها، حرب نفسية، هو يستخدم حرباً نفسية).

وبينما بين السيد حسين الحوثي أهمية الجهاد في سبيل الله، ومواجهة أعداء الله في ميدان المعركة، حرص على أن يشير إلَـى أنواع الجهاد الأخرى فقال: (القلم يعتبر جهاداً إذا كان هو يصدر خطوطاً تؤدي إلَـى القتال فهو جهاد، أما إذا كان يصدر سطوراً تجمد الأُمَّـة، وتخدع الأُمَّـة فيعتبر ماذا؟ يعتبر منافياً للجهاد، يعتبر حرباً على كُلّ ما تعنيه كلمة [جهاد]).

وفي ذات السياق يقول السيد حسين (الكلمة نفسها إذا لم تأخذ بالبال أن تكون كلمة تحرك في مشاعر الأُمَّـة أن تصل بنفسها إلَـى درجة القتال لأعداء الله فهي كلمة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار).

أهمية الجهاد في سبيل الله

إن الجهادَ باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه.. هذا ما قاله الإمام علي كرم الله وجهه وهو يحث الناس على الجهاد في سبيل الله، ومن هذا المنطلق يؤكد السيد حسين الحوثي على الأهمية الكبرى والعظيمة للجهاد في سبيل الله، فيشير إلَـى أن كُلّ الأعمال هذه التي نمارسها إنما هي في واقعها، من غاياتها الكبرى: أن تخدم القضايا المهمة في الإسلام.

ويؤكد السيد حسين الحوثي في محاضرته [الموالاة والمعاداة ص:7] أن مصلحة الشعوب الإسلامية هي في (التوجه القرآني في النظرة نحو هؤلاء اليهود والنصارى، نظرة العداء، نظرة إعداد القوة، نظرة الجهاد، نظرة الشعور بأنهم يسعون في الأرض فساداً، وأنهم لا يريدون لنا أي خير، وأنهم يودون أن نكون كفاراً، يودون لو يضلونا، يودون لو يسحقونا وينهونا من على الأرض بكلها.

ويشير السيد حسين إلَـى خيارين أمام الناس وهي (إما أن يحاولوا أن يكونوا هم أولياء لله فيتم على أيديهم ضربُ أعدائه، أو يقعدون فيتم ضربهم على يد أعدائه)، ومن هذا المنطلق يؤكد الشهيد القائد: (إن علينا أن نتحرك بكل ما في وسعنا ونعمل كلما نرى أنه مؤثر على العدو نعمل في سبيل الله لنحقق إيماناً لدينا).

وفي ذات السياق يعتبر السيد حسين أن الجهاد هو أساسي في إصلاح الأرض، في إصلاح الأُمَّـة، في إصلاح حياة الناس؛ ولهذا سما الله المجاهدين محسنين وفعلاً بأعمالهم يقدمون إحساناً للبشر الآخرين، لأن (كل ما تبذله من أجل نصر دينك والدفاع عن دينك إنه في مصلحتك أنت في مصلحة البشرية كلها؛ لأن صلاح البشرية صلاح الأُمَّـة كله مرتبط بالدين واستقامته، وأن تطبّق أحكامه، وأن يسود هديه في هذه الدنيا. هذه هي الأعمال الصالحة.