ما بعد عملية “يافا”.. الاستعداد لعمليات أكثر تأثيراً وتدميراً
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
21 يوليو 2024مـ -15 محرم 1446هـ
تتسارع الأحداث بشكل لافت بعد عملية “يافا” اليمنية في قلب كيان العدو الصهيوني، وما تلاها من عدوان إسرائيلي على الحديدة، وتأكيدات يمنية على الاستعداد بالرد الكبير والعظيم.
ويقول الخبير والباحث في الشؤون العسكرية، زين العابدين عثمان إن الطائرة المسيرة اليمنية “يافا” تمكنت من اختراق جميع أنظمة الدفاع الجوي لكيان العدو، وأصابت الهدف بدقة وبفاعلية، وهذا وفق شهادة وسائل إعلام العدو نفسها التي نشرت مشاهد عن لحظة وصول الطائرة، وإصابة أحد المباني الحساسة التابعة للسفارة الأمريكية، محققة العديد من الاصابات في صفوف الصهاينة.
ويؤكد عثمان أن استهداف القوات المسلحة اليمنية عاصمة العدو الإسرائيلي “تل ابيب” بطائرة مسيرة جديدة تجاوزت المنظومات الاعتراضية، وعجز الرادارات عن اكتشافها، يحمل العديد من الرسائل والدلالات، إضافة الى أبعاد استراتيجية، تمثلت في أن القوات المسلحة بهذه العملية، قد دشنت تصعيداً جديداً، وفرضت معادلة جديدة، وقواعد اشتباك تتضمن استهداف أهدافاً هامة في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنها “تل ابيب” التي تعتبر من اليوم ساحة عمليات مفتوحة لضربات الطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى.
ويضيف أن من المعلوم عسكرياً بأن كيان العدو الاسرائيلي يتحصن في أكثر من 8 أحزمة دفاعية متعددة الطبقات، حيث عمل على نشرها في كامل الأراضي الفلسطينية التي يحتلها، ومن المعلوم أيضاً أن ما يسمى “تل أبيب” هي المنطقة الأشد تحصيناً وحماية بهذه الأنظمة قياساً بالمناطق الأخرى كون هذه المنطقة تمثل المركز الرئيسي لمؤسسات الكيان الأمنية والعسكرية والسياسية وتحتضن معاقل قيادات الكيان بشكل كامل، لذا فإن أحدث أنظمة الدفاع الجوي، وأجهزة الاستشعار، والرادارات التي يمتلكها الكيان منتشرة بمستوى الضعف لحماية أجواء “تل أبيب” بشكل خاص، ومن هذه النظم القبة الحديدية، ومقلاع داود، ومنظومات ثاد، وحيتس 2,3، اضافة الى أجهزة الاستشعار، والانذار المبكر والرادارات الكشفية الأرضية والجوفضائية.
لذلك عند تقييم تجاوز الطائرة المسيرة لهذه التقنيات والأنظمة، واصابتها لهدف حساس في قلب “تل أبيب” فانه يؤكد أمرين: الأول: امتلاك الطائرة المسيرة تقنيات حديثة جداً في بنيتها وقدراتها خلافاً لنظائرها من الطائرات، حيث تتمتع بتقنية قادرة بعون الله تعالى على التحليق لمسافات بعيدة تتجاوز 2000كم والتخفي بشكل كامل وفق مناورات شبحية خارج قدرة أحدث الرادارات، وأنظمة الاستشعار على الكشف والرصد، و الثاني :افتضاح الفشل الكامل لجميع أنظمة كيان العدو الدفاعية، وتعرض الكيان لضربة قاصمة اخترقت قلب منظومته الأمنية والعسكرية.
ووفقاً لعثمان فان أبرز النتائج التي حققتها الطائرة المسيرة بعون الله تعالى أنها حطمت حسابات كيان العدو الإسرائيلي، وأطاحت بمنظومة أمنه القومي الاستراتيجي الذي حاول الحفاظ عليها بالتعاون مع أمريكا، فهو بعد استهداف تل أبيب أصبح غير آمن، وأمام معادلة ردع استراتيجية لا يمكنه تجاوزها، أو احتوائها بأي شكل من الأشكال، فالقوات المسلحة بعد نجاح هذه العملية لن تقف عند أي سقف، بل ستجعل منها فاتحة لعمليات جديدة أكثر تأثيراً وتدميراً لاسيما إذا لم يتوقف كيان العدو عن عدوانه وحصاره على قطاع غزه، فكلما استمر في ارتكاب المجازر بحق إخواننا الفلسطينيين كلما لاقى عمليات هجومية مدمرة تستهدف أهدافاً لا يمكن أن يتوقعها أو يتصورها أبداً.
دلالات وحقائق:
وعن أبعاد ودلالات العملية العسكرية، تقول الصحفية والباحثة في الشؤون السياسية مريم السبلاني إن العملية العسكرية حملت جملة من الحقائق والدلائل، بما يتعلق بالجهة المنفذة، والتوقيت والهدف ونتائج الاستهداف، إضافة لتأثيرها على مشهد الحرب ككل، تمثلت في أن عملية القوات المسلحة اليمنية التي استهدفت عمق كيان الاحتلال بطائرة مسيرة تجاوزت المنظومات الاعتراضية، واعلانها “تل أبيب” منطقة غير آمنة، جاءت في لحظة شديدة الحساسية في مسار الحرب، حيث كان ما يسمى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يرغب بإلقاء خطاب النصر في الكونغرس خلال زيارته إلى الولايات المتحدة في 25 يوليو الجاري، ولكن اليمن جعله يذهب محمّلاً بضربة نوعية استراتيجية استهدفت آخر الخطوط الحمراء.
وتضيف: “كذلك أن الطائرة المسيّرة قطعت مسافة تتجاوز الـ2000 كلم، رغم تواجد البوارج الأمريكية مقابل السواحل اليمنية، وأنظمة الرادار الأمريكية المنتشرة في تلك المنطقة، إضافة للقبة الحديدية وأنظمة الدفاع الجوي في “تل أبيب” وتحتاج عدة ساعات للوصول إلى هدفها، وهذا يؤكد تطور القدرات اليمنية، ويكشف الفشل الأمريكي والإسرائيلي، وقدرة المناورة العالية التي تمتلكها هذه المسيّرة التي لم يرصدها أي رادار لجيش العدو الإسرائيلي على الأرض وفي الجو أو في البحر، وضربت “تل أبيب”، وعلى بعد مئات الأمتار من سفارة الولايات المتحدة، وهذا عمى مطلق في فترة فيها جميع المنظومات مستنفرة والتأهب مرتفع.
وتشير إلى أن استهداف “تل أبيب” التي تضم حوالي 87 سفارة أجنبية، والتي تعد المركز الرئيسي للاقتصاد الإسرائيلي، وفيها تجري أغلب النشاطات الاقتصادية، وتتركز فيها غالبية إدارات الشركات الاقتصادية والمالية، مثل شركات الصناعات التكنولوجية المتطورة والمصارف وشركات التأمين وشركات الأوراق النقدية والبورصة، يعطي أبعاداً أخرى خاصة وأن مبنى القنصلية الأمريكية في شارع بن يهودا، قد تضرر، وهذا يعني تصعيداً لافتاً، في الوقت الذي يستمر فيه نتنياهو بالمماطلة في المفاوضات لأجل إطالة أمد الحرب.
وتؤكد السبلاني أن العملية جاءت رداً على الوسطاء الذين حملوا رسالة إسرائيلية منذ مدة، يطلبون فيها تحييد جبهات الاسناد خلال المرحلة الثالثة التي بدأها جيش الاحتلال في قطاع غزة، وبالتالي، فإن التنسيق بين قوى وحركات محور المقاومة وصل إلى مستوى متقدم وترجمة فعلية لوحدة الساحات، وهذا ما أكد عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته الأخيرة.
وتلفت إلى أن التأكيد اليمني على أنه لا بقعة آمنة على امتداد خارطة فلسطين المحتلة، يجعل سكان “تل أبيب” الذين يتجاوز عددهم 360 ألف نسمة، قد يكونون من بين عداد النازحين في ظل أي تصعيد إضافي في حال استمرت الحرب واتسعت رقعتها.
وبحسب الصحفية السبلاني، فان الاستهداف يعطي صورة مصغرة عن مشهد الحرب في أي حرب إقليمية قادمة، خاصة مع حزب الله الذي لا يحتاج إلى مسيرات بـ2000 كلم للوصول إلى العمق الإسرائيلي، بل إلى أكثر من 5000 طائرة مسيّرة وصاروخ صوب غوش دان من أكثر من مكان في أنحاء الشرق الأوسط، في حال اندلعت الحرب الكبرى وفقاً لتقديرات الخبراء، مؤكدة أن الاستهداف اليمني “لتل أبيب”، يحمل رسالة للسعودية أيضاً، بعد أن اختارت أخيراً أن تلبي نداءات واشنطن والكيان بتفعيل خلاياها وميليشياتها في الداخل اليمني وتشديد الحصار الاقتصادي وضرب العملة، بأن الخيارات بمجملها باتت موضوعة على الطاولة وأن التصعيد قد يشمل أشكالاً عدة.