كيف نقضي شهر رمضان؟
ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
10 مارس 2024مـ – 29 شعبان 1445ه
بقلم / فاضل الشرقي
يعتبر شهر رمضان المبارك من أفضل الشهور عند الله، وأيامه ولياليه من أفضل الأيام والليالي، وكلّ ساعاته وأوقاته من أحسن الأوقات وأفضلها، ويمثل أعظم فرصة سنوية ومحطة تربوية للتزود بالإيمان والعمل الصالح والتقوى.. التقوى التي يعرفها السيد حسين بدرالدين الحوثي “رضوان الله عليه” (بأنّها حالة نفسية يخلقها الإيمان الواعي والتصديق العملي).. التقوى التي تعتبر غاية مهمة وأساسية من غايات وأهداف الصيام، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) أي: كتبنا وفرضنا عليكم الصيام لكي ولأجل أن تحصلوا على تقوى الله في أنفسكم وأعمالكم.
تقوى الله عز وجل التي تعتبر غايةً أساسية وهدفًا مقدسًا للمؤمنين يسعون لإدراكها وتحقيقها في أنفسهم وأعمالهم تدفعهم للعمل الصالح في كلّ مجالات الحياة، ومن أهم مصادر تحقيق التقوى حسن صيام شهر رمضان وقيامه لفظًا ومعنى، وتلاوة كتاب الله، وترتيلها آناء الليل وأطراف النّهار، وحسن تدبرها، وتأملها، والإهتداء بها، وتعتبر العلاقة وثيقة بين الصيام والقرآن الكريم، لأنّ الله اختص القرآن واختص شهر رمضان أيضا بإنزاله فيه، كما قال سبحانه: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) واختص إنزاله في ليلة من ليالي شهر رمضان هي ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة القدر.
بهذا يكون أمامنا فرصة عظيمة وثمينة في شهر رمضان للحصول على التقوى، وتحقيقها في أنفسنا وأعمالنا، والإرتباط بالله سبحانه، وبكتابه القرآن الكريم، والإهتداء به، من خلال المجالس الرمضانية والمساجد التي يقام ويطبق فيها البرنامج الرمضاني ليليًا، ومن خلال حسن الإستماع لمحاضرات ودروس السيد القائد يحفظه الله والتركيز عليها والإستفادة منها، وأداء الصلوات الخمس المفروضات جماعةً في المساجد، مع ضرورة الإهتمام بذكر الله، وتسبيحه، واستغفاره، والصلاة النافلة والتطوع في البيوت وهي أفضل بالنسبة للنوافل تجنبًا للبدع، واقتداءً وتأسيًا برسول الله الذي كان يصلي كلّ النوافل في بيته حتى سنن الصلوات المعروفة، وإن صلّى أحدٌ صلاة النافلة والتطوع في المساجد سواءً التراويح والقيام أو غيرها فليصلّيها فرادى لا جماعة لأنّه لا صلاة جماعة إلا الصّلاة المفروضة والواجبة المكتوبة، أمّا النافلة والتطوع فهي تؤدى فرادى، وبهذا أمر وعنه نهى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله.
من المؤسف أنّ الكثير يزدادون ضلالًا، وغوايةً، وقسوةً، وابتعادًا عن الله في شهر رمضان من الرجال والنساء والشباب والشابات بسبب سوء الإستغلال لنهار شهر رمضان بالنوم، وليله بالسهر على الألعاب، والتخازين، والحلقات، والمسلسلات التي تنتجها المؤسسات الإعلامية والإنتاجية العربية والأجنبية المائعة والساقطة بهدف تنفيذ خطط، وبرامج، ومشاريع الإستهداف المنظم وممارسة الفساد الثقافي- الحرب الناعمة- ومسخ الهوية الإيمانية، ولضرب كل القيم والمبادئ الإسلامية.
من المهم- جدًا- في شهر رمضان التعامل مع الناس بإحسان، وإكرام، وأدب، واحترام، والإهتمام والإحسان لأسر الشهداء، والجرحى، والفقراء، والمساكين، واليتامى، والأرامل، والمرضى، والمعسرين، والمحتاجين، وتعزيز فرص وأوجه التعاون والتكافل الإجتماعي والإطعام، إنّ الله لا يضيع أجر المحسنين.
كذلك لا ننسى الإهتمام بالجهاد في سبيل الله، وتقوية الجبهات، وتعزيز صمود المرابطين، والشدّ على أيديهم، وتقويتهم، وزياراتهم، والدعاء لهم، والإهتمام بأسرهم، وأولادهم، والإحسان إليهم، فمن خلف مرابطًا أو رعى له حرمةً في أهله وماله وولده كتب الله له مثل أجره مِثلًا بمثل، ووزنًا بوزن، مع ضرورة النفير للجهاد، والمشاركة في الجبهات، فشهر رمضان هو شهر الجهاد والقتال في سبيل الله، وفيه كان أول نصرٍ للمسلمين في معركة بدر، وفيه كان فتح مكة، وغير ذلك من غزوات وسرايا رسول الله التي كانت في شهر رمضان كما ذكر في كتب السيرة.
نسأل الله- سبحانه وتعالى- أن يكتب لنا السعادة، ويختم لنا بالشهادة في سبيله.. شهادة يرضى بها عنا، ويغفر لنا كلّ ذنوبنا، ويرزقنا كرامة الدنيا والآخرة.
الرحمة للشهدا، الشفاء للجرحى، الحرية للأسرى، والنصر للمجاهدين ولشعبنا المظلوم، والعاقبة للمتقين.