الخبر وما وراء الخبر

عطوان : إسرائيل مأزومة ومهزومة ، وأمريكا خسرت نفوذها وباتت مرعوبة من شعب عربي مسلم أصيل اسمه “ أبو يمن”

16

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
26 فبراير 2024مـ -16 شعبان 1445ه

هل إستقالة حكومة اشتية مقدمة لمصيدة حكومة “التكنوقراط” ونهاية حكم “حماس” في غزة؟ وهل نضجت الطبخة الامريكية الإسرائيلية العربية المسمومة لوأد المقاومة؟ ومن تنازل لمّن؟

تقديم الدكتور محمد إشتية استقالة وزارته الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعني ان هناك طبخة أمريكية إسرائيلية على وشك النضوج، عنوانها التبريري التسويقي الأكبر هو الإتيان بحكومة “تكنوقراط” تتولى ما يسمى بالإصلاح السياسي للسلطة، وإعادة سيطرتها على قطاع غزة تحت راية الاحتلال الإسرائيلي في ما يسمى مرحلة ما بعد الحرب، او ما بعد القضاء على المقاومة بزعامة حركة “حماس” في القطاع.

الدكتور اشتية الذي بدأ يحزم أمتعته استعدادا للرحيل، إعترف في تصريحاته “المقتضبة” التي ادلى بها اليوم بعد الإعلان عن استقالة حكومته عندما قال “انها تأتي استجابة للمطالب الدولية بإصلاح النظام السياسي الفلسطيني تمهيدا لتشكيل حكومة كفاءات تضم بعض الأحزاب لإدارة المشهد الفلسطيني في مرحلة ما بعد الحرب في القطاع”، وأضاف “المرحلة المقبلة تحتاج الى ترتيبات سياسية جديدة تأخذ في عين الاعتبار التطورات في القطاع، ومحادثات الوحدة الوطنية”.

حكومات “التكنوقراط” تتشكل في دول مستقلة مستقرة، ذات سيادة وحدود واضحة ومطارات وموانئ وسكك حديد، واقتصاد ذاتي مستقل، ودولة قائمة مستقرة، وثروات طبيعية في باطنها، مثل الغاز والنفط او الذهب او اليورانيوم والمعادن الأخرى، والإنتاج الغذائي والصناعي وبنى تحتية، فهل تتواجد هذه العناصر، او حتى واحد في المليون منها في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى تتولى كفاءات ادارتها؟ وماذا ستدير هذه الحكومة اذا؟ بطاقات كبار الشخصيات؟

***
انها مصيدة جديدة جرى اعدادها، وتحديد هيكليتها، وأسماء المشاركين فيها ورئيسها مسبقا، من قبل قادة المخابرات في الدول الأربع التي اجتمعت للمرة الثانية في باريس، وبات تشكيل حكومة انتداب للضفة والقطاع في المرحلة المقبلة واضحة، في حال القضاء على المقاومة في غزة والضفة أيضا.

فإجتماع باريس الرباعي الأول الذي شارك فيه قادة مخابرات كل من مصر ودولة الاحتلال وامريكا الى جانب رئيس وزراء ووزير خارجية قطر، فشل في التوصل الى أي اتفاق “هدنة مؤقتة” لوقف اطلاق النار في القطاع يؤدي الى تبادل اسرى، لان قيادة المقاومة تمسكت بشروطها كاملة في الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، ووقف دائم لإطلاق النار، ووضع خطة مُحكمة لإعادة اعمار القطاع، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

السؤال الذي يطرح نفسه هو عن التغيير المحتمل الذي حصل بين الاجتماعين، وما هي التنازلات المفترضة التي جرت، وادت الى هذه السرعة في إقالة حكومة اشتية لإفساح المجال امام حكومة “التكنوقراط” العتيدة الموعودة، فمن تنازل للآخر؟ وهل تقبل حركة “حماس” وحلفاؤها في القطاع والضفة، بالتنازل عن سلطتها، وتسليمها الى الحكومة الجديدة.. وما هو المقابل؟

ندرك جيدا ان الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة متدهورة جدا، وان المواطنين، سواء في الشمال او معظم الجنوب، يواجهون مجاعة حقيقية والكثير من الأطفال يستشهدون جوعا ومرضا بسبب تلوث المياه والامراض المعدية، إضافة الى القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف، وكل هذه الضغوط الوحشية اللاانسانية تأتي في إطار خطة إجبار المقاومة على الدخول مكرهة في المصيدة الجديدة من أضيق أبوابها، ووفق مخطط امريكي إسرائيلي مدروس، وتواطؤ عربي رسمي لا يحتاج الى إثبات.

التهديدات الإسرائيلية بإقتحام مدينة رفح، وارتكاب مجازر فيها، والتلويح مجددا بورقة التهجير لسيناء كانت مقصودة ومتفق عليها لإرهاب أكثر من مليون من النازحين فيها، وهو التلويح الذي تزامن مع تسريبات عن إقامة السلطات المصرية عبر شركات تابعة لها، لمراكز اعتقال في المنطقة الحدودية المصرية مع القطاع بارتفاع اسوارها عشرة امتار، اما لاعتقال وسجن بعض مخترقي الحدود المصرية، او لاستيعابهم في إطار صفقة مالية ضخمة تساعد في اخراج القاهرة من ازماتها المالية المتفاقمة.

لمعرفتنا بصلابة كتائب القسام، وتمسك قيادة حركة “حماس” وجنرالاتها في القطاع بكل شروطهم، سواء من خلال معلومات موثقة، او من خلال متابعة ورصد مواقفها، تساورنا الكثير من الشكوك حول فرص نجاح هذه الطبخة الإسرائيلية الامريكية العربية المسمومة، لان القبول بها يعني نهاية حكم المقاومة في القطاع، وتخليها عن جميع صواريخها ومصانعها وانفاقها، وحل سلطتها، والأخطر من ذلك تفكيك قواتها العسكرية والأمنية، وخروج المجاهد يحيى السنوار، وطاقم مساعديه البارزين الى دولة عربية مقابل الحفاظ على حياتهم، وهذا مستبعد فهؤلاء طلاب شهادة.

الهدف الرئيسي من هذه المصيدة الخدعة هو إجهاض الانتصار الكبير الذي حققته معجزة “طوفان الأقصى” غير المسبوق منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، والحفاظ على بقاء “إسرائيل” والمشروع الصهيوني الذي فقد أسباب وجوده مثل الردع، والأمان والاستقرار والهيبة، والتفوق العسكري، وتعاظم الخسائر في صفوف قواته والفشل الكبير في تحقيق الحماية والامن لمستوطنيه سواء في الضفة او غلاف القطاع.

جميع المصائد السابقة التي نُصبت للمقاومة الفلسطينية طوال الخمسين عاما الماضية حققت اغراضها في تدجينها واجهاضها، ابتداء من القبول بالقرار الدولي رقم 242، ومبادرة السلام العربية، ومؤتمر مدريد، وخريطة الطريق، واللجنة الرباعية، ختاما باتفاقات أوسلو الخيانية سيئة الذكر، فهل ستنجح المصيدة الحالية الأضخم، التي جاءت بعد سفك دماء اكثر من 30 الف شهيد، وثمانين الف جريح، وتدمير 86 بالمئة من القطاع بتحقيق النتائج نفسها المذكورة آنفا؟

نجزم بأنه لن يكون هناك شيء اسمه حل الدولتين طالما ظلت “دولة إسرائيل” قائمة، فأمريكا التي تؤيد حرب الإبادة في القطاع، وترفض مجرد لفظ وقف لاطلق النار منذ أربعة أشهر، ولا تتردد في استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار جزائري في هذا الاطار، مانحة ضوءا أخضر أكثر قوة لإستمرار هذه الإبادة، لا يمكن الثقة بها او ضماناتها، والشيء نفسه يقال عن الوسطاء العرب الذين يوفرون الغطاء لوعودها الكاذبة المضللة، والمخادعة ولا يمانعون ان يكونوا أدوات له.

***
للمرة الثانية ننصح قيادة حركة “حماس” في قطاع غزة التي قادت، ونفذت، وخططت لـ”طوفان الأقصى” بدقة إعجازية، ان تتريث وان تتجنب الوقوع في هذه المصيدة، مثلما فعلت في المرة السابقة، فإسرائيل مأزومة ومهزومة، وامريكا خسرت نفوذها في الشرق الأوسط، وباتت مرعوبة من شعب عربي مسلم أصيل اسمه “أبو يمن” اغلق البحر الأحمر وباب المندب في وجهها، ودخل التاريخ لانه لم يتردد لو للحظة واحدة في مواجهتها وقصف بوارجها، ووصلت صواريخه الى ميناء “ام الرشراش” والنقب، وقريبا جدا الى العمق الفلسطيني المحتل في بئر السبع وربما اسدود وحيفا وتل ابيب، فالحرب تتوسع، والقواعد الامريكية تتفكك، وجبهة الضفة الغربية تلتهب، ومناطق الـ 48 تتململ،

ونختم بالمواجهة التي يخوضها “حزب الله” وحلفاؤه في جنوب لبنان، التي أدت الى ترحيل اكثر من 250 الف مستوطن، والقواعد الامريكية في العراق وسورية تتفكك استعدادا للرحيل الأبدي هربا من الصواريخ وتقليصا للخسائر.. والنصر صبر ساعة، والمقاومة يجب ان لا تصرخ أولا في معركة عض الأصابع الحالية، ونحن على ثقة بأنها لن تفعل.. والأيام بيننا.