الخبر وما وراء الخبر

ما ضل اليمن وما غوى باتباعه أعلام الهدى

21

ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
8 فبراير 2024مـ -28 رجب 1445هـ

بقلم// بلقيس علي السلطان

يمن الإيمان والحكمة ، هكذا قال عنه الرسول الأعظم صلوات الله عليه وعلى آله  وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، فكان من حكمة هذا الشعب التولي والمناصرة  لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله على مدى الأزمنة المتعاقبة ؛ لعلمهم بأنهم سفينة النجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى ، فكانت اليمن كلما أوشكت على الغرق في بحار الضلال والتيه كان يأتيها من ينقذها من أهل بيت رسول الله ويعيد معالم الدين فيها من منطلق مسؤوليتهم التي أنيطت بهم إلى قيام الساعة قال صلى الله عليه وآله وسلم : ” إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي آل بيتي إن العليم الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ” فكان أعلام الهدى هم قرناء القرآن وترجمانه ، وكانوا هم المضحين من أجل الأمة التي تاهت من بعد رسول الله بسبب تخليها عن تولي من أمر الله ورسوله  بتوليهم ، حتى إذا ما اصطفى الله علماً للأمة خذلته واستهزأت به وفرطت فيه ولم يتبعهم ويناصرهم سوى القلة القليلة ممن وعى أهمية هؤلاء الأعلام للأمة  .

وكان لليمن النصيب الأعظم من الأعلام والهداة ، فبعد أن استقدم اليمنيون الإمام الهادي إلى اليمن لحاجتهم لرجل من ذرية رسول الله يعيد معالم الدين الذي طمسه الولاة  الأمويون والعباسيون ، فأسس الإمام الهادي لدولة قوية قوامها العدل والرحمة ، وأرسى دعائم الدين الإسلامي في اليمن وأسس للمنهج الزيدي النابع من من السيرة النبوية المطهرة التي لا زيف ولا مزايدة فيها ، ومن نسل الإمام الهادي تعاقب الأئمة الذين لعبوا الدور الجوهري في تأريخ اليمن وفي إرساء معالم الدين الصحيح الذي لاتشوبه الأهواء والفتاوى المضللة ، فكان من نسله الإمام القاسم بن محمد الذي قارع العثمانيين في حملتهم الأولى على اليمن ، حيث أسر العثمانيون أولاده وهددوه بهم بأن يترك أمر الجهاد في سبيل الله ضدهم مقابل الإفراج عنهم ، فرد عليهم بقوله : ” أما من لديكم من الأسرى فافعلوا فيهم ماشئم  ” وضل يقاتل العثمانيين حتى رضخوا للصلح معه وأعلنوه الحاكم الفعلي لليمن وتوفي ومازال بعض أولاده في الأسر ، وقام أولاده من بعده لإكمال مابدأ به من نضال ومن رفض الخنوع والذل للعثمانيين الذين عاثوا في اليمن الفساد .

وتعاقب أعلام الهدى على اليمن كلما كادت أن تغرق في مستنقع الضلال جاء من ينقذها ويردم تلك المستنقعات بثقافة قرآنية ومنهجية محمدية بحتة تعيد الناس إلى رشدهم وتعرفهم بالله وبأهمية القيام بالمسؤولية وإحياء معالم الدين التي منها التحرر من العبودية للطاغوت والمستكبرين وهكذا فعل السيد/ حسين بن بدر الدين الحوثي ، ذلك العلم الذي عرفته أمريكا وإسرائيل قبل أن تعرفه الأمة وعرفوا مشروعه القرآني وخطورته على مخططاتهم التدميرة التي منها محاربة الدين وطمسه وإحلال الثقافات المغلوطة والهزيلة  عوضاً ، فانطلق بعزيمة كبيرة تبددت أمامها كل الصعوبات وخاطب المستكبرين بالقرآن ونظر إليهم نظرة قرآنية كشفت خططهم وأهدافهم التدميرية التي تهدف لتدمير الدول التي لا ترضخ لسياساتها وتؤثر الكرامة والعزة .

خرج الشهيد القائد واعضاً ومحذراً من الخطط والأهداف الأمريكية التي تديرها الغدة السرطانية إسرائيل وبدأ بتأسيس المشروع القرآني الذي بدأ بصرخة مدوية في وجه المستكبرين كان لها الأثر البالغ عليهم مما جعل السفير الأمريكي في اليمن يحرك عملاءه في الدولة بدأ بالرئيس ومروراً بذوي السلطة في الجيش والوزارات وانتهاءً بهالة إعلامية هائلة زيفزت الوقائع وشيطنت المجاهدين وجعلت من يقاتلهم بأنه مدافع حقيقي عن اليمن وعن دينه وأرضه !

وهكذا تحركت السلطة الظالمة بموجب التوجيهات الأمريكية للقضاء على الشهيد القائد بترسانة عسكرية هائلة غايتها القضاء على جميع من أفاق من غفلته وعرف القرآن من لسان قرناءه ، ولعدم معرفة الأمة بأهمية هذا الرجل العظيم تخاذلت وتهاونت في الدفاع عنه حتى استطاعت السلطة الظالمة الوصول إليه وقتله مع أكثر من (٢٠٠ )مجاهد لاقوا في حرب السلطة الظالمة لهم أشد صنوف العذاب من أسر وحصار وحرب إبادية على صعدة وكل ذلك قرباناً لمولاتهم أمريكا بئس المتولي وبئس المتولى .

لقد كان استشهاد الشهيد القائد بداية لاستفاقة الأمة من غفلتها وسباتها وبدأ المجاهدون يلتفون حول السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي اصطفاه الله لإكمال مسيرة القرآن ولأن يستنهض الأمة من مستنقع الوصاية والرضوخ للخارج ، فواصل السيد العلم مسيرة النضال ضد المستكبرين وكانت الحرب كلما استعرت عليهم كلما كانت سبباً في إلتفاف الأمة أكثر حوله ، حيث بدأ نور المسيرة القرآنية يشع في أنحاء كثيرة اليمن ، حتى جاء الـ (٢١ )من سبتمبر الأغر فأثبت فيه الشعب صدق انتماءه لهذه المسيرة وبسخطه على الوصاية الخارجية التي أغرقت اليمن في متاهات اقتصادية وسياسية وثقافية بفرض جرعات على الشعب وبفرض مناهج هزيلة يشرف

عليها السفير الأمريكي وبتدمير للصواريخ الدفاعية بإشراف أمريكي ، وتدمير الجيش بهيكلته وعمل اغتيالات مبطنة للقصاء عليه ، لكن ما أن جاءت هذه الثورة حتى أعلن تحالف الشر شن عدوان غاشم على اليمن لعلمه بأن هذا المشروع القرآني سيكون مشروعاً حضاري نهضوي تحرري وعملي فأرادوا وأده قبل أن تدرك الأمة فاعليته ونتائجه العظيمة .

ودخلت اليمن في حرب غير متكافئة من العتاد والعدة ، وغير متكافئة في الثقة بالله والاعتماد عليه وبحتمية النصر على الأعداء فجاء التحالف بعدته وعتاده وبرز لهم المجاهدون بثقتهم وإيمانهم المطلق بالله ، فقلبوا موازين المعادلة وحققوا انتصارات عظيمة عجز المحللون العسكريون عن تفسيرها وتحليلها ، وحققوا قوة ردع كبيرة جعلت من المتحالفين يهرولون طالبين الهدنة ليأخذوا وقتهم في استيعاب مايحدث ، لكن هذه المدة لم تدم طويلاً فقد جاء طوفان الأقصى ليجرف خططهم وأهدافهم ، وهنا برزت اليمن بمواقف عظيمة في نصرة الأحرار في غزة ورفض العدوان الصهيوني بكل الوسائل المتاحة ، فأطلق اليمن مسيراته وصواريخه نحو معقل الصهاينة ، وعندما زادوا عتواً ونفورا أغلق اليمن باب المندب في وجه السفن المتجهة إلى إسرائيل ، لتطلب الأخيرة من أمريكا العون والغوث ، فجاءت أمريكا مهرولة لفك الحصار عن ربيبتها على الرغم من أن العملاء من حكام الخليج قد قاموا بخطة عاجلة لغوث أسيادهم عبر البر ، إلا أن غطرسة أمريكا وتجبرهها أبت إلا أن تري إسرائيل بأنها مدافعاً يُعتمد عليه .

اليوم بدأت ثمار المشروع القرآني تؤتي أكلها الطيب ، فاليمن اليوم أثبت للعالم بأن أمريكا قشة وليست عصا غليظة ، اليوم أصبحت الصرخة التي حاولوا وأدها تدوي في أماكن كثيرة من العالم ، اليوم الصواريخ والمسيرات تطلق بفوحات من صرخات المجاهدين ، اليوم الساحات في عموم اليمن تصرخ بصوت واحد الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام اليوم نقول للشهيد القائد سلام عليك ياسيد الشهداء فقد بلغت الرسالة ونصحت الأمة وجاهدت في الله خير الجهاد فجزاك الله عنا خير الجزاء ، وسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا .