اختبار أخير لقوة الردع الأمريكية والبريطانية في الأحمر
طالب الحسني
كل المؤشرات تقول أن تصعيد المواجهات في البحر الأحمر بات حتمي وعلى الأبواب .
القيادة اليمنية في صنعاء قابلت التهديد الأمريكي والبريطاني بتهديد مقابل ، وهو موقف تأرخي يستند على دعم شعبي يترجم بخروج شعبي مليوني في كل المدن اليمنية لاعتبارين :
الأول مرتبط بغزة وعمليات البحر الأحمر اليمنية اتخذت اسنادا للمقاومة الفلسطينية في مواجهة العدو الاسرائيلي
وثانيا وطني سيادي يتصل بالرفض الشعبي الواسع للغطرسة الأمريكية والغربية التي تهدد بالعدوان على اليمن .
كان من الملاحظ إشارة قائد الثورة في اليمن السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابة الأخير مطلع ديسمبر الماضي إلى أن على الولايات المتحدة الأمريكية الادراك أن تطورها في أي عمل عسكري محدود سيقابل برد عسكري لن يتوقف عبر أي وسيط ، وبالتالي فإن قرار المواجهة كيفما كان شكلها وحجمها واسلوبها قد اتخذ ولا تراجع عن دعم غزة .
وعلى الرغم من أن البنتاغون والقيادة البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط تقول أن التحالف الذي استقر تقريبا عند 22دولة ابرزها أمريكا وبريطانيا ستكون مهمته دفاعية ، إلا أن الواضح أنه يخطط لعمليات محدودة لمحاولة استهداف القدرات العسكرية اليمنية على غرار تلك العمليات التي تنفذها الولايات المتحدة الامريكية في العراق وسوريا بما في ذلك محاولة تنفيذ اغتيالات.
هذا السيناريو مرشح بدرجة عالية ، وربما ليس هناك سيناريو بديل يتقابل مع طبيعة وشكل المواجهة ، لكن في المقابل هل سينجح في ايقاف أو حتى التقليل من العمليات الهجومية اليمنية ؟ وقبل ذلك هل ستتمكن دول التحالف من الاضرار بالقدرات العسكرية اليمنية ؟ هذه واحدة من التعقيدات التي اشار إليها مسؤول عسكري أمريكي عندما تحدث عن صعوبة ملاحقة أهداف يمنية متحركة.
هذا مدخل إلى طبيعة الرد اليمني الذي لا يحتاج إلى الكثير من البحث ، فالسيد عبدالملك الحوثي حدده بدقة
(لن نقف مكتوفي الايدي تجاه أي عدوان أمريكي ، سنستهدف البارجات الأمريكية مباشرة ، والمصالح الأمريكية والملاحة الامريكية )
ينسحب هذا التهديد على بقية الدول التي نصحها بعدم التورط مع الولايات المتحدة الأمريكية .
هذا يعني أن النتائج معاكسة تماما إذ أن العمليات الهجومية اليمنية ستتوسع لتشمل السفن العسكرية والتجارية الامريكية والبريطانية وربما دول أخرى بما قد يؤدي إلى إغلاق باب المندب ، ويكون التحالف قد سقط في تداعيات اقتصادية وعسكرية كبرى بدلا من حماية السفن الاسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ العدو الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية المحتلة ، وهذا بالضبط ما قاله المندوبين الروسي والصيني في مجلس الأمن الدولي خلال الجلسة التي عقدت في الثاني من يناير الجاري بشأن مناقشة عمليات القوات اليمنية في البحر الأحمر .
يجب التوقف عند هذا المعطى المفترض والمتوقع بدرجة كبيرة ، فشل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في ردع القوات اليمنية التي لا تزال في حالة حرب مع تحالف آخر تقوده الرياض وتشارك فيه واشنطن ولندن ويطرق عامه العاشر .
من المؤكد أنه مؤشر يفتح الباب واسعا للكتابة عن سقوط الردع الأمريكي والغربي بما في ذلك في منطقة استراتيجية كالبحر الأحمر والعربي حرصت القوى الكبرى منذ عقود على نشر قواتها وقواعدها العسكرية هناك ، والمفارقة أن هذا السقوط للردع وللهيمنة الأمريكية يتم على يد قوى لا تمتلك الكثير من القوة لكنها تملك إرادة قوية وشجاعة تلتقي مع تأييد وحماس شعبي عاليين ، والحديث هنا عن صنعاء وغزة ، عن حماس وأنصار الله وتحالفاتهما الداخلية والخارجية .