العدوان يستهدف تاريخ الإنسانية !
ذمار نيوز| محمد الحاضري | المسيرة نت: استهدفت غارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن كثيراً من الآثار والشواهد التاريخية اليمنية التي يرجع تاريخها إلى العصر الإسلامي وإلى الممالك العربية الأسطورية التي ازدهرت جنوب الجزيرة العربية عبر عصور التاريخ المختلفة والتي تعود إلى خمسة آلاف عام وإلى عصور ما قبل التاريخ.
وعمدت السعودية وعبر عقود من الزمن على سرقة الآثار اليمنية، حيث تمتلأ متاحفها بالآثار اليمنية التي يتم عرضها على أنها تعود للحضارة “السعودية”، وفي حقيقة الأمر أنه تم سرقتها وشراؤها من مهربي الآثار وتجارها غير الشرعيين.
ومع بداية غارات العدوان على اليمن في 26 مارس 2015 لم يطال التدمير المنشئات العامة والخاصة والبنية التحتية فحسب، بل طال التدمير التاريخ واستهدف العدوان المتاحف والآثار ومن أهمها السدود، والقصور، والمعابد، والأسوار، والمساجد، والقلاع، والحصون، وغيرها.
وأعلنت وزارة الثقافة والسياحة في تاريخ 27 مارس 2016 أن العدوان دمر في عامة الأول في حصيلة أولية نحو 60 معلما أثريا يمنيا ما بين مدينة ومتحف وموقع ومسجد وحصن وقلعة واستهداف 23 مُمتلكة ثقافية، بالإضافة إلى تضرر أكثر من 4000 معلم أثرى في المدن التاريخية التي تضررت أضراراً متفاوتة بشكل مباشر وغير مباشر جراء العدوان السعودي.
وسبقتها إحصائيات رسمية أصدرتها الهيئة العامة للآثار والمتاحف اليمنية في نوفمبر 2015 تم رصد عشرات المواقع المتضررة جراء غارات العدوان.
وتعرضت مدينة صنعاء القديمة والمعروفة تاريخياً بمدينة “سام بن نوح” والمدرجة على قائمة التراث العالمي لغارات متعددة خلفت خسائر جسيمة في عدد من الأبنية والمساجد والمعالم التاريخية، وقدر حجم الدمار الذي خلفته الغارات على المدينة بأكثر من 30%.
كما ألحقت غارات العدوان أضراراً بأطلال “قصر غمدان” الذي وصفة الرحلة القزويني كأحد عجائب بلاد العرب، وآخر من سكنة الملك الحميري سيف بن ذي زن في القرن السادس الميلادي، وألحقت أضرارا قدرت بنسبته 10 بالمائة.
وتضرر مسجد قبة المهدي بنسبة 30 بالمائة، كما دمرت غارات العدوان 50 في المائة من مباني مجمع العُرضي الذي يعود إلى حقبة الحكم العثماني في اليمن، كما دمرت قلعة نقم الأثرية بما نسبته 30 في المائة، كما تضرر المتحف الوطني بما نسبته 10 بالمائة ومتحف الموروث الشعبي بما نسبته 10 بالمائة أيضاً جراء غارات للعدوان.
وفي محافظة صنعاء دمر العدوان بشكل كلي، “مسجد وضريح الإمام عبدالرزاق الصنعاني” شيخ الإمام أحمد بن حنبل والمتوفى في العام (211 هجرية) في منطقة حمراء ـ علب بقرية دار الحيد بمديرية سنحان في محافظة صنعاء.
كما ألحقت غارات العدوان أضراراً في المعلم التاريخي المعروف بـ “دار الحجر” بنسبة 10 بالمائة، كما دُمرت قرية فج عطان الأثرية بنسبة 30 في المائة.
وطال الدمار كذلك اهم المدن التاريخية في اليمن مدينة صعدة، حيث تعرضت المدينة لقصف جوي دمر بشكل كامل 80 في المائة من المدينة التاريخية، كما طال الدمار أحد أهم المساجد التاريخية في الجزيرة العربية “جامع الإمام الهادي بنسبة 30 في المائة، والذي يعود تاريخ بناؤه إلى العام (290 هجرية).
فضلا عن استهدافها لإحدى أهم القلاع اليمنية على الاطلاق “قلعة القشلة ” المطلة على مدينة صعدة الذي يعود تاريخ بناءة إلى القرن الثالث الهجري، وتم ترميمها مؤخراً واستمر الترميم لمدة أربعة عشر عاما ودمرها قصف العدوان بنسبة 50 في المائة، كما استهداف العدوان بمديرية ساقين مبنى القفلة والمكون من قلعة وحصن تأريخي يحيط به سور بملحقاته المعمارية.
ودمر طيران العدوان في 21 مايو2015 بعدة غارات” متحف ذمار الإقليمي” المتحف الرئيس وسط اليمن بشكل كامل، والذي كان يحتوي على الآلاف من القطع الأثرية التي جمعت من أكثر من 400 موقع، بما في ذلك الأدوات والأواني الفخارية، والتماثيل والنقوش في اللغات العربية الجنوبية القديمة.
يشار إلى أن 12500من القطع الأثرية التي صنعها الحرفيون القدماء والنحاتون والكتبة والخطاطون عبر آلاف السنين طمسها العدوان في دقائق بمتحف ذمار الإقليمي، والتي جمعها أعضاء مشروع “المسح بذمار” الذي نفذته جامعة شيكاغو لعدة عقود من الزمن في جمع هذه الآثار التي يرجع تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد والعصر الحجري الحديث.
في محافظة مأرب، دمرت غارات العدوان أجزاء واسعة من مباني وأعمدة ومقتنيات “معبد أوعال صرواح” التاريخي، كما تعرضت جدرانه إلى التشقق ، ويعود تاريخ هذا المعبد إلى عهد الدولة السبئية، وبانيه هو الحاكم السبئي «يدع إل ذرح» في القرن السابع قبل الميلاد.
كما دمرت غارات العدوان مدينة صرواح بنسبة 30 في المائة إضافةً إلى تدمير أجزاء من مدينة مأرب القديمة عاصمة السبئيين.
وتعرض المصرف الشمالي والجنوبي لسد مأرب القديم و” المذكورة في القرآن” والذي يرجع تاريخه للألف الأول قبل الميلاد في عهد الدولة السبئية إلى أضرار جسيمة بنسبة 70 بالمائة.
واستهدف طيران العدوان معبد الشمس المعروف في المنطقة بعرش بلقيس نسبة إلى الملكة التي يُرجح أنها حكمت مملكة سبأ في القرن 10ق. م. ما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة به.
ودمر العدوان في شهر مارس الحالي قلعة حريب بيحان الأثرية مخلفا دمارا شبة كامل في المعالم الأثرية وأسوار القلعة التاريخية.
وفي محافظة الجوف، لم تسلم مدينة براقش وسورها وحصنها ومقبرتها الأثرية من غارات العدوان الهمجية ما تسببت في تدمير أجزاء واسعة من سورها كما دمرت 7 غارات متتالية حصن براقش بالكامل، كما ألحقت غارات العدوان دماراً هائلاً في المعبد الأثري والمقبرة، التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين.
وبراقش هي المدينة التي عرفت في النقوش اليمنية القديمة المسندية باسم يثل، وتعتبر العاصمة الدينية لمملكة معين، وترجع الى 1000 قبل الميلاد، وقام السبئيون بإعادة بناء سورها في القرن الخامس قبل الميلاد، وشهدت عصرها الذهبي في القرن الرابع قبل الميلاد عندما اتخذها المعينيين عاصمة لهم.
إلى غرب البلاد، تعرضت مدينة “زبيد” المدرجة على لائحة التراث العالمي لعدة غارات جوية منذ بداية العدوان، ألحقت أضراراً جسيمة بجامعها الكبير و كنيستها القديمة و أسواقها القديمة، ومبانيها الشاهقة بأضرار كبيرة .
وزبيد كانت عاصمة اليمن من القرن الثالث عشر إلى القرن الخامس عشر الميلادي وتشكل أهمية أثرية وتاريخية استثنائية، بفضل هندستها المحلية والعسكرية وتخطيطها المدني، بالإضافة إلى أنها، اتسمت بأهمية كبيرة في العالم العربي والإسلامي طيلة قرون من الزمن بفضل جامعتها الإسلامية.
كما استهدف طيران العدوان القلعة الأثرية والتاريخية بجبل الشريف التي تطل على مدينة “باجل” بالحديدة ودمر ما يقارب النصف منها.
وتعرضت قلعة “القاهرة” التي بناها عبدالله بن محمد الصليحي، منتصف القرن السادس الهجري في مدينة تعز، والتي تعد أهم أحد أقدم وأشهر القلاع في اليمن والعالم الإسلامي إلى غارات جوية دمرتها بشكل شبة كامل بنسبة 80%، كما تم تدمير قصر صالة التاريخي بالمحافظة.
وألحق طيران العدوان دمارا هائلاً بنحو 70 في المائة في جرف “أسعد الكامل”، الجرف الصخري الكبير الذي يعود تأريخُه إلى الدولة الحميرية، بمديرية القفر محافظة إب.
وفي محافظة حجة، ألحق العدوان أضرارا في حصن النعمان بمدينة حجة بنسبة 10 بالمائة، وفي حصن المنصورة بنسبة 10 بالمائة وفي حصن الشرف بنسبة 10 بالمائة، وفي القشلة بمديرية ميدي بنسبة 30 بالمائة وفي قلعة المنصورة بميدي بنسبة 30 بالمائة، والمجمع الحكومي القديم بنسبة 30 بالمائة، وفي خرائب قلعة الإدريسي – ميدي بنسبة 30 بالمائة، وخرائب الجوبة والخور – ميدي بنسبة 30 المائة، وخرائب العلالي مديرية بكيل بنسبة 30 بالمائة وحصن قفل حرض بنسبة 40 بالمائة وقلعة قفل حرض بنسبة 40 بالمائة وخرائب جبل جحفان بنسبة 40 بالمائة .
وفي المحويت، استهدف طيران العدوان مدينة كوكبان التاريخية وقلعتها “قشلة كوكبان” ما أدى إلى تدمير قلعتها بشكل شبه كلي وإلحاق خراب كبير بمنازل المدينة التاريخية، بالإضافة إلى تدمير بوابة المدينة.
وفي محافظة الضالع؛ دمرت غارات العدوان بنسبة 90 بالمائة “دار الحسن” الأثري في قرية دمت التاريخية التي تعود إلى فترة عصور ما قبل الإسلام.
وفي محافظة عدن، تعرض المتحف الوطني ( قصر العبدلي ) لأضرار بنسبة 15 % حيث تعرض الطابق الثالث لأضرار بليغة، ويعود تاريخ القصر إلى عهد السلطان “فضل بن علي العبدلي” في العام 1912م.
وتعرضت “قلعة صيرة” التاريخية لأضرار بنسبة 15 % نتيجة قصف العدوان، وتعد القلعة من أبرز معالم مدينة عدن الأثرية، و بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي.
كما تعرض متحف عتق وحصن نجد الميزر وحصن الترب بشبوة إلى أضرار بليغو، بالإضافة إلى دمار متفاوت لحق بجامع حبور ظليمة، و بيت مال المسلمين وبيت الإمام البدر عمران .
بالتزامن مع استهداف الطائرات السعودية الوهابية للأثار والمواقع التاريخية في شمال اليمن تقوم القاعدة وداعش المعتنقة لذات الفكر الوهابي، والتي انتشرت في عدد من المحافظات الجنوبية بتسهيل من قوى الاحتلال السعودي لهذه المحافظات بتدمير الأضرحة والأثار الإسلامية فيها لأنها بحسب معتقداتهم مبانٍ شركية.
وقامت القاعدة وداعش بتفجير وهدم عشرات المعالم الأثرية والتاريخية في حضرموت وشبوة ولحج وعدن وغيرها، كما أن مخزون متحف تعز ما يزال مجهول المصير حيث يقع تحت سيطرت جماعات مسلحة تدعمها الرياض.
ومن جملت ما هدمته القاعدة وداعش في المناطق التي تسيطر عليها، قبة الشيخ يعقوب بالمكلا، قباب مقبرة إسماعيل و قبة الحبيب حمد بن صالح بالشحر ومجموعة قباب واضرحة غيل باوزير، و قبة عبدالهادي السودي وقبة الشيخ المعيني بتعز، وقبة الشيخ الإمام السقاف في لحج.
وذكر مصدر في وزارة الثقافة بمحافظة حضرموت طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من بطش العناصر التكفيرية أن عناصر “القاعدة” ومنذ سيطرتهم على مدينة المكلا في 2 ابريل 2015 دمروا جميع القباب البديعة والأضرحة في مدينة المكلا وما جاورها.
وتابع أن ذلك يمثل خسارة حضارية فادحة للمكلا وحضرموت خصوصا واليمن بشكل عام كونها تحكي حقبة تاريخية معينــة بعضهــا يعود إلى العــصر الإســلامي الأول.
وتابع أن المعالــم تمتاز بطابعها المعمــاري الفريد والنــادر وفيها من الرسوم والزخارف البديعة الكثير والكثير حتى أنها تحوي زخارف وكتابات خشبية بألوان واشكال ورسومات متعددة تعبر عن اتقان في جانب الصناعات والأعمال الخشبية.
تتطابق ممارسات الجماعات التكفيرية الوهابية “القاعدة وداعش” التي تسيطر على مناطق شاسعة من شرق وجنوب اليمن تماماً مع ما تمارسه طائرات العدوان السعودي من استهداف ممنهج لكل ما له علاقة بتاريخ وحضارة اليمن، من معالم ومدن وأماكن تراثية لا نظير لها في العالم.