فلسطين..عُمق وجع وفظاعة إجرام
بقلم// إقبال جمال صوفان
ها أنا أكتب حروفي فوق ورقة مُبتلّة بدموع شعب بأكمله، بقلمٍ سَاح حِبره وتقطّعت كلماته، برجفةِ يدٍ لم تهدأ وحسرة قلب لم تنتهي ، أبدأُ الحديث بلمحةٍ بسيطة عن معركةِ طوفان الأقصى الكُبرى الّتي حدثت في بلاد الزّيتون (7/أكتوبر/2023م) وخلّفت آلآف القتلى والجرحى الإسرائيليين ، لم يسبق لها مثيل في تاريخ القدس ، جاءت كعاصفة بحرٍ مُفاجئة إجتثت الغزاة والمُحتلّين وحصدت أرواحهم واحداً تِلو الآخر وهم يهربون كالفَراشِ المبثوث .
كانت فرحةً لنا جميعاً، وانتصاراً عظيماً أعاد للأقصى هيبته وقوّته، ولكن في الوقت ذاته ظهر حقد المُحتل الإسرائيلي، ليرمي بكامل سخطهِ على المدنيين الأبرياء بشتى الأسلحة البريّة، البحريّة،والجويّة، حتّى أنّهُ إستخدم القنابل الفسفورية المُحرّمة دولياً وبحسب ماقاله الخبير العسكري لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية: ” أن ما أسقطته أمريكا من قنابل على أفغانستان خلال عام أسقطته دولة الاحتلال على قطاع غزة خلال 6 أيام فقط ! ” أيُّ إجرام ، أيُّ وحشيّة ، وأيُّ خبثٍ هذا؟! بأيّ حقّ بل بأي وجهٍ يتم التعامل مع أهالينا في فلسطين بهذا الشكل وهذا العنف ؟! إتفاقية جنيف لعام (1980م) تنصُ على أنَّ إستخدام الفوسفور الأبيض ضدَّ المدنيين وحتى ” الأعداء” يعتبر جريمة حرب، ولكنّ الكيان الصهيونيّ يقوم بحربِ إبادةٍ جماعيّةٍ بحقّ الأطفال والنساء الكِبار والصغار، لم تسلم منه حتى الأحجار ! الأطفال يذهبون أشلاءً تحت الأنقاض، الشباب يُقصفون وهم يؤدون واجبهم بالإسعاف، النساء تُضرب في كل الأماكن والطُرقات، الشيبان ماتوا قهراً وكمداً ومن ثُمّ قصفاً، الرُعب غطّى مدينة غزة ، الظلام سادها، وانقطع زادها وماءها، المباني دُمرت فوق رؤوس ساكنيها، الأجنّة خرجت من بطون أمهاتها، دُخان القنابل لا يخبو، وصوت الغارات لا يهدأ، أزيز الطائرات مُستمر وبُكاء الأطفال لا يكُف، ماذا بعد ؟ وإلى أين ؟ كفى إجراماً كفى تعديّاً كفى خُبثاً كفى ظُلماً وطُغياناً.
أين الأمم المُتفرقة؟ أين حقوق الطفل؟ أين اليونسيڤ؟ أين المجلس العام للتفرُق الدولي ؟ واحداً من حقوق الطفل لعام( 1924 -جنيف ) ينصُ على أنَّ : ” الطفل الجائع يجب أن يُطعم والطفل المريض يجب أن يُعالج والطفل المُتخلف يجب أن يُشجع ” حسناً والطفل الذي يُقتل؟ الطفل الذي يُذبح؟ الطفل الذي يُرمى أمتاراً من قوّة القصف؟ الطفل الذي يُمحى بالقنبلة الفسفورية ولا تبقَ إلا عظامه ؟ الطفل الذي يُحرق ويتشوه؟ الطفل الذي يبقى وحيداً دون عائلة؟ الطفل الذي فُطر بطن والدتهِ ليخرج ميتاً مُلقى على أرض مليئة بالدماء؟ ماذا يُفعل له ؟ ماهي الإجراءات الّتي ستتخذونها يا أ لعن وأكذب خلق الله ؟ ماهي الحلول ؟ ماهو الدجل والنفاق؟ ماهو الحقد الدفين؟ ماهي الدناءة ؟ ماهو الانحطاط ؟
نوجهُ خطابنا لكل حُكام العرب الذين تخاذلوا وطبطبوا على سيّدهم الإسرائيلي وماهم إلا أحذية له ، يُساقون كالحمير ، قسماً بالذي رفع السماوات والأرض أن كُلّ شهيد سقط في فلسطين الحُرّة دمهُ في أعناقكم لا سامحكم الله ولا عفى عنكم عليكم لعنة الخالق ماتعاقب الجديدان ، أخزاكم ربّ العباد وأذلكم ذُلاً لا تخرجون منه ، فلسطين ليست بحاجة لأمثالكم الخانعة المُطبعة ، وصدق الله القائل :(ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرࣰا وَنِفَاقࣰا وَأَجۡدَرُ أَلَّا یَعۡلَمُوا۟ حُدُودَ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ).
دامت الأقصى حُرّة أبيّة شامخة رغم الآلآم، رغم الخسائر والدمار، ستظلّ حكاية نصر وفخر يتلوها الأجيال، دام الأحرار فرداً فرداً، وعاشت الأرواح الصامدة روحاً روحاً، بوركت الشعوب التي دعمت وساندت العمليّة الثوريّة المُباركة، سوف تكون فلسطين قريباً نقيّة خاليةً من دنس المُحتلين رغم ماعانته من عمق وجع وفظاعة إجرام .