الخبر وما وراء الخبر

عدن تحتضر على أيدي المتشدقين بالشرعية

136

بقلم / حنان غمضان


 

تساؤل يوحي بالاستغراب أسترسل بأشعتي وأنا خائفة أن أرى من أحبهم قلبي وداعبت إشراقتي وجوههم البريئة قد تواروا عن الأرض وعرجوا إلى السماء.
إلا إن مجرى خوفي يتلاشى شيئًا فشيئًا بالفرحة والابتسامة الكبيرة جدًا حين أسمع ضحكاتهم تهز الكون رغم معاناتهم المريرة.
غير أن ابتسامتي لا تدوم طويلاً، في معظم الأحيان قد يطغى عليها الحزن وتذرف أشعتي دموع الألم على من كانوا بالأمس القريب سبب ابتهاجها، عندما لا تجد من يستقبلها إلا الأطلال والدماء والجراح، فيستقبلها تراب الوطن بالأحضان والمواساة ويقول لا تبكي ولا تحزني فهذه الدماء والجراح الطاهرة أثمرت الانتصارات وهي من ستقف في المحاكم الدولية لتحاكم كل ظالم معتدٍ وتنازعهم السيادة والحرية.
وهنا وجدت الفرصة كي أتساءل عن شيء يحيرني ويؤرقني ويسهرني الليالي الطوال فبادرت وسألت تراب الوطن الأبي، هل سترسل أشعتي في جميع أجزاء ترابك فتتطلخ وتنغمس بالدماء قبل أن تلامس ترابك، وأراها مظلمة رغم قوتها وإشراقها.
هل التقصير مني؟
أم ماذا؟
آه آه آه
فقد بددت الظلمة النور، ولامست الوتر الحساس والمؤلم في قلبي فهذا جنوبي عكس شمالي.
شمالي صامد صابر فضّلَ الكرامة على الذل والهوان، عشق الشهادة فنالها، قاوم ولم يتوانَ عن صد العدوان فسطر أعظم الانتصارات.
أما جنوبي فقد خرج عن طوعي وعشق العدوان، وفضل العبودية على الحرية وباع نفسه لشرعية وهمية لمرتزق خائن فماذا جنى؟!
ها هي عدن وحضرموت وأبين وغيرها تحتضر كل يوم ويخنقها الذل والهوان، حولوها إلى مستوطنة ووكر لكل خسيس، وأغرقوها في بحور من الدماء والفوضى العارمة من نهب وذبح وهتك للأعراض وجرائم اغتصاب.
شبح الاغتيالات مستمر يفترسها وينهش لحم أبنائها، واتخذ منها مسكنا، غدا مشربه وقوته من أبنائها ورائحة الدم تعلو فوق سمائها.
ودراما الانفجارات أصبح مسلسلاً يوميًا فلا يمر يوم إلا وحوادث الانفجارات تزلزل عدن وتدميها، والمحتل الغاشم يعيث فيها فسادا، فكل فساد الكون اجتمع فيها،
وزاد الطين بلة سيطرة داعش عليها تلتهمها بنيرانها الملتهبة وبشاعتها التكفيرية.
فالبراءة طُعِنت، والطفولة انتهكت، والمدارس هتكت حرمتها، ودور رعاية المسنين ذبحت بأيدي الظلاميين من (داعش)
والحياة فيها أصبحت شبه منعدمة إن لم تكن انعدمت فيها.
وكل هذا الإجرام الذي يقشعر له البدن، وينزف له القلب، وتذرف له الدموع بالدم على مرأى ومسمع ممن يتشدقون بالشرعية (هادي وبحاح)، يزداد يومياً.
فهل هذا كان هدفك يا عبد أمريكا أن تغرقها بالدماء وتجعلها مسرحًا لكل معتد أثيم.
إن اللوم كل اللوم على من باعوا أنفسهم لمرتزقٍ خائنٍ، وفضلوا الذل والهوان على الكرامة.
اليوم عدن تولول وتصرخ، ويُملأُ جوها بالآهات والأنين.
ومن تشدقوا بالشرعية يولون الأدبار تاركين عدن وغيرها مرتعًا لداعش
فآه آه على عدن من تغنى وغرد الطير لجمال طبيعتها واستلهم الشعراء من رونق وهدوء بحرها فعزفوا أروع الأشعار.
لكن ما يواسيني هو كلام سيدي عبدالملك حفظه الله (أن عدن ملك الوطن والوطن ملك عدن)
وأنه مازال فيها بذرة تعشق الحرية والكرامة وهي من ستغير مجرى عدن وغيرها من الذل والهوان وتلحق بركب أخواتها في الشمال لتغير مجرى تاريخ اليمن إلى الأفضل ودحر كل محتل غاشم وعميل رخيص.