الخبر وما وراء الخبر

زوروها تجدوا ما يسرُّكم

13

بقلم// علي مهدي العوش*

(زورونا تجدوا ما يسرُّكم)..شعارٌ تجاريٌّ يستخدمه الكثير من التجار وأصحاب المحلات التجارية والمنشآت الاقتصادية والخدمية، التى عادةً ما تقدِّم خدمةً للإنسان بأيِّ شكل من الأشكال.

وكلُّ من يقول هذا الشعار ويقدِّم خدمةً للناس هو بالتأكيد يسعى بكلِّ جهد من وراء تقديم أية خدمة للناس للحصول على مكاسب وأرباح تعود بالفائدة عليه في المقام الأول.. ولا يمكن أن يقدم أيَّ شخصٍ لك خدمةً تجاريةً أو ماديةً بالمجَّان.

(زورونا تجدوا ما يسرُّكم).. هل هذه العبارة هي حقيقة؟ وكم مدة السرور الذي يعيشه الإنسان إذا حصل على الخدمة المقدَّمة من تلك الجهات التي تطلق مثل هذه الشعارات؟..

ربَّما ساعات أو أيام فيما إذا كانت الخدمة المقدمة بالشكل المطلوب، بينما الكثير لا يحصل على ما يسرُّه ولا يحصل على ما يُسعده؛ وهذا يُظهِر أن غالبية التجار ورجال الأعمال يستخدمون مثل هذه الشعارات للتزييف والتضليل على الناس، بغرض التكسب والحصول على المصلحة الشخصية وليس حرصًا منهم على إسعاد الآخرين وإدخال السرور إلى قلوبهم؛ ومع ذلك تجد الكثير يصدِّق زيفهم وتضليلهم ويبادر إلى بالذهاب إليهم..

بينما يقول الله عن تجارة الجهاد “ذَلِكُمْ خيرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون”، لكن للأسف الشديد نجد كثيرًا من أبناء الأمة الإسلامية لا يتفاعلون مع هذه الآيات، وربَّما لا يؤمنون بها، ولا يجعلونها مثل بعض الشعارات التي يسمعونها من الآخرين ولا يسعون لأن يجرِّبوا التحرُّك في هذه التجارة، ولو في زيارةٍ عيديةٍ إلى جبهات القتال، أو المشاركة في الفعاليات والمناسبات التى تغيض الأعداء وتزعجهم، والتي تُعدُّ من الجهاد في سبيل الله؛ بل قد يسخرون مِمَّن يتحرَّكون للجهاد ويعتبرونهم أغبياء؛ لأنهم تحركوا وجاهدوا..!

ياتُرى بماذا نُفسِِر هذه الحالة التي يعيشها الكثير من الناس الذين أصبحوا يبحثون عن سعادتهم، ويبحثون عن ما يسرُّهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الأسواق والمحلات التجارية، ويقضون  أوقاتٍ طويلةً في البحث عن الأماكن التي يمكن أن يجد فيها سعادته وراحة باله، لكن دون فائدة..!

نقول لكل من أضاعوا حياتهم باحثين عن السعادة والسرور والراحة: والله لن تجدوها إلا في التجارة مع الله.. لن تجدوها إلا بالجهاد في سبيل الله.. لن تجدوها إلا في جبهات القتال؛  ولهذا بدأتُ عنوان مقالي هذا بعنوان “زوروها تجدوا ما يسرُّكم” أي جبهات القتال.

اليوم ونحن في زيارةٍ عيديةٍ للمرابطين في جبهات القتال في محافظة الضالع، رأيت كم حقيقة مصداق الآية الكريمة “ذَلِكُمْ خيرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون”.. رأيت كم هي السعادة التي غمرتني والطمأنية التي عشتها مع رجال الله في الجبهة. وسأقص عليكم في هذه السطور بعضًا ممَّا رأيته من المجاهدين المرابطين في الجبهة:
– رأيت  المجاهد في سبيل الله كيف يعيش في جوٍّ من السعادة، وهو في أول أيام عيد الفطر المبارك مفارقًا للأهل والأصدقاء وقابضًا على الزناد يترصد رؤوس الأعداء ليقطف رأسًا أو اثنين منها؛ ليكون كريمًا في إعطاء العيدية للأعداء.

– رأيت المجاهد في سبيل الله كيف يعيش حالة الطمأنينة والسكينة، رغم أنه يعيش في الخط الساخن بين أزيز الرصاص وأصوات المدافع وحنين الطائرات ومع ذلك يظلُّ ثابتًا قويًّا في موقعه.

– رأيت حالة الرضى والقناعة التي يمتلكها المجاهد في سبيل الله، رغم أنه لا يملك إلا القليل من مقوِّمات الحياة.

– رأيت التفاؤل والأمل اللذان يكمنان في قلب كلِّ مجاهد، وثقته الكبيرة بإحدى الحُسنين: النصر أو الشهادة، رغم فارق الإمكانيات والعتاد.

– رأيت الإصرار والعزيمة والصبر الذي يتمتع به المجاهدون في مواجهة المعتدين، رغم الجراح التي أصابت الكثير منهم؛ ومع ذلك لم تعيقهم تلك الجراح ولا تلك الإصابات  عن مواصلة مشروعه الجهادي.

– رأيت في الجبهة ما يجعلني ويجعل كلَّ أبناء الشعب اليمني يقفون إجلالًا واحترامًا لهولاء الرجال.

الأمر الذي يُلزمنا أن نقبِّل تلك الرؤوس التي فقد البعض منهم فيها عينه، وفقد البعض منهم جزءًا من رأسه، وفقد البعض منهم إحدى يديه، وفقد البعض منهم قدمًا من أقدامه ويستعين بعكازين يعينانه على التحرُّك ليواصل مشواره الجهادي.

– رأيت في الجبهة ثقافة القرآن، وأخلاق محمد، وشجاعة الكرَّار، وصبر الحسنين.

– رأيت فيكم يارجال الله ما يجعلني أقف حييًّا، ولم يعد لساني قادرًا على الكلام، وقد جفَّ قلمي عن الكتابة   أمام تضحياتكم وصمودكم وعطائكم واستبسالكم.
فهنيئًا لكم يارجال الله.. هنيئًا لكم هذا الفضل من الله..!

ونسأل الله أن يوفِّقنا؛ لنكون من المجاهدين في سبيله، وأن لا يستبدل بنا غيرنا لنكون من القوم الذين وعد الله أن ياتي بهم أذلةً على المؤمنين أعزةَ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم.

*مدير عام مكتب الشباب والرياضة م/ذمار.