الخبر وما وراء الخبر

صعدة الصمود: رمز للعطاء والصمود عبر التاريخ

401

بقلم/ ماجد الغيلي


 

صعدة الصمود: رمز للعطاء والصمود عبر التاريخ

تقع محافظة صعدة في الجزء الشمالي من الجمهورية اليمنية، وتبعد عن العاصمة صنعاء مسافة (243 كيلومتراً) وتتصل المحافظة بمحافظة حجة وجزء من محافظة عمران من الجنوب، ومحافظة الجوف من الشرق، والمملكة العربية السعودية من الشمال والغرب، حيث تبلغ مساحة المحافظة حوالي(11375) كم2 تتوزع علي 15 مديرية.

وتعد من المحافظات المتميزة بتنوع المنتج السياحي المتمثل في المعالم التاريخية والشواهد الإسلامية والأسواق والصناعات التقليدية المتميزة التي ترفد كل الأسواق، والسياحة البيئية وتنوع تضاريسها.

وتأسست مدينة صعدة في القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي بقصد إيجاد خدمات واسعة كمحطة مرور للحجيج وغيرهم حيث اختطها الإمام الهادي يحيى بن الحسين.

المعالم الأثرية والتاريخية في محافظة صعدة:

مدينة صعدة، الديرة ( السور)، القشلة ، سمسرة الهادي ، مقبرة صعدة ، سحار (فن الرسوم الصخرية) ، المسلحقات ، الحمزات ، جبل المخروق ، مدينة صعدة القديمة ، جبل تلمص ، حصن الصمع ، قلعة السنارة، مديرية الصفراء قشلة الصفراء، مديرية كتاف، قشلة كتاف، الزبيدات، مديرية مجز، القشلة، جبل مران، مديرية باقم القشلة، جبل أم ليلى، مديرية قطابر جبل شعيب، مديرية منبه القشلة، سوق خميس، مديرية غُمر حصن غالب، قلعة شذابة، قلعة حرم، مبنى الدامغ، حصن الحجلة، قلعة شداء، حصن الظاهر، حصن الرجفة، سوق الملاحيظ، حصن الجوة، مقبرة ساقين.

ولعل أبرز تلك المعالم الأثرية والتاريخية جامع الإمام الهادي أحد مساجد مدينة صعدة التاريخية، ويقع شرق غرب المدينة، حيث بُني في عام897 م، وسمي باسم الإمام يحيى بن الحسين الملقب بـ”الهادي إلى الحق” مؤسس الدولة الزيدية، ويعد أقدم مقر لتعليم المذهب الزيدي في شبه الجزيرة العربية.

واشتهرت صعدة طوال تاريخها العريق بزراعة وتصدير مختلف أنواع الحبوب والفواكه، وخصوصاً الرومان الصعدي لمختلف المحافظات اليمنية، إضافة إلى نجد والحجاز أو ما تعرف به اليوم بالمملكة العربية السعودية.

وعرفت صعدة على مختلف مراحل التاريخ بمعقل الزيدية، والتي تدعو إلى الإخاء والتسامح، ونبذ التكفير، وموالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله، وتنزيه الله عن كل نقص، كما كان من مبادئ وأساسيات الزيدية مسألة الخروج على الظالم، والتي لم يرتح لها الطواغيت على مر العصور، ما جعل أئمة الزيدية معرضين لسطوة الخلفاء، وأصحاب البلاط وعلماء السوء.

كما أن المذهب الزيدي كان بالمرصاد لكل المذاهب المتطرفة عبر التاريخ، والتي كان آخرها ولا يزال المذهب الوهابي التكفيري العنصري الذي ظهر في منطقة نجد في أواخر القرن الثاني عشر الهجري،الموافق للثامن عشر الميلادي على يد محمد بن عبد الوهاب (1703 – 1792ومحمد بن سعود حيث تحالفا لنشر الدعوة السلفية وقد كانت بدايتهما في الدرعية إذ أعلن محمد بن عبد الوهاب “الجهاد“فشن سلسلة من الحروب، كانوا يسمونها بالغزوات، حيث صادروا فيها أموال خصومهم من سكان شبه الجزيرة (وكانوا يسمونها بالغنائم).

ومن ضمن العقائد الباطلة التي كانوا يدينون بها أنهم ينفون مطلقا مسألة المجاز في القرآن، وكانت قد حدثت مناظرة بين المجدد السيد مجدد الدين بن محمد المؤيدي في عام 2000 تقريبا وبين الشيخ عبد العزيز بن باز أحد علماء الوهابية، فأنكر ابن باز مسألة المجاز في القرآن (وكان أعمى)، فرد عليه العلامة المؤيدي: فما تقول في قوله تعالى: “فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا” فبهت الذي كفر وأفحم من شدة الرد، وقوة الحجة، حيث كان يعتبر العلامة مجد الدين المؤيدي مع العلامة والمجاهد السيد بدر الدين بن أمير الدين الحوثي مرجعان دينيان حقيقة فلا أعلم منهما، وإليهما يُرجع في المعضلات والمشكلات، برعا وبلغا الغاية، وانتهت إليهما أسانيد كتب الآل ومرجعية علماء العصر، وهبا عمرهما للعلم والعمل والجهاد، وعكفا على التدريس والتأليف والإفتاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أسرا القلوب بتواضعهما وأخلاقهما وعمق علومهما ومعارفهما.

بعد ذلك ظهر المجدد المجاهد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي والذي شنت عليه السلطة الظالمة – العميلة لأمراء قرن الشيطان في مملكة الوهابية – حربا ضروسا ظالمة لأنه فقط قال الحق وليس غير الحق، ونشر الهدي القرآني المحمدي الصافي كما أنزل من عند الله، فراح شهيدا في تلك الحرب العبثية والتي كانت الأولى ولم تكن الأخيرة.

بعد أن ارتقى الأب الروحي للمسيرة القرآنية المباركة الشهيد القائد حسين الحوثي، تحمل المسؤولية بعده أخوه الأصغر السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، والذي شنت عليه ذات السلطة هو ومن معه من المؤمنين المجاهدين خمسة حروب أخرى، كل حرب أشد وطأة من أختها وسابقتها، إلى أن كانت محافظة صعدة وحرف سفيان في الحرب السادسة عام 2008 مسرحا للمعارك الظالمة من قبل السلطة اليمنية برئاسة العميل علي عبد الله صالح.

فشلت السلطة في كل حروبها تلك على مسيرة النور، وأثمرت دماء شهداء المسيرة عزا ونصرا، وبارك الله جهود أوليائه إلى تطهرت بدماء الشهداء مناطق حوث وحجة والجوف وعمران التي أقحمت في مسرح الأحداث.

وفي عام 2011 قامت ثورة شعبية شاركت فيها القوى الوطنية ومن بينها مكون أنصار الله، إضافة إلى حزب الاصلاح الذي كان يستند على علي محسن وغيرها من الفاسدين، والتي انتهت بحوار استمر لأكثر من 8 أشهر تقريبا، انتهى بالفشل الذريع واغتيل خلاله قيادات من أنصار الله وهم الخميني وشرف الدين وجدبان وآخرهم المتوكل، إضافة إلى محاولة اغتال الدكتور الوزير.

وفي جديد حكومة باسندوة التي تتبع حزب الإصلاح وبأوامر من الرئيس هادي العميل تم تمرير مؤامرة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، لتجويع الشعب وتأزيم وضعه الاقتصادي، ما اضطر الشعب للخروج في ثورة عارمة من جديد لاستئصال الفساد والفاسدين، انتهت بهروب علي محسن، واتفاق السلم والشراكة.

بعد ذلك ومن خلال محاولة فاشلة لتمرير تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم، تم تهريب عبد ربه منصور هادي إلى عدن، بحجة أنه مريض أو ما شابه، ثم بتفجير المساجد في صنعاء، تمهيدا لشن عدوان سعودي أمريكي كان يحضر له منذ مدة.

وخلال فترة العدوان السعودي الأمريكي والذي قارب من تمام العام، استهدف فيه كل شيء في اليمن بالقنابل العنقودية والمحرمة دوليا، فدمر بنية اليمن التحتية، من أسواق ومطارات وموانئ ومدارس ومصانع، وأحياء سكنية، والمعسكرات اليمنية التابعة للجيش والشعب، إضافة إلى المجازر الوحشية والتي كان من أبرزها، جريمة فج عطان، وجريمة نقم، ومجزرة الصيادين في الحديدة، وكذا صالة أعراس في تعز، وأخرى في ذمار، والتي آخرها مجزرة سوق مستبا، والتي راح ضحية هذه المجازر آلاف المدنيين العزل،وكان أغلبهم من جملة الأطفال والنساء.

ونال صعدة الصمود النصيب الأوفر من العدوان نتيجة لما قدمته هذه المحافظة وتقدمه من النور المبين والهدي المستبين، ونتيجة لأنها كانت حاضنة للمذهب الزيدي المحمدي الصافي، وكان فيها نشأة القادة العظماء، والذين آخرهم في عصرنا السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي واجه العدوان منذ بدايته، وإلى الآن، وهو يحذر وينصح،ويجاهد ويوجه الشعب بفعل ما يلزم والانطلاق في مختلف ساحات القتال وغيرها من الجبهات، وطلب من كل واحد مجاهدة صلف العدوان كلٌ في جبهته، أكانت ميدانية أو إعلامية أو سياسية أو إنسانية أو أمنية، كما أنه أشاد بدور القبائل اليمنية، ووجهها لتفعيل دورها بشكل أكبر.

ويعتبر السيد عبد الملك الأشهر والأقدر والأعظم، حيث ناهض العدوان السعودي الأمريكي في اليمن بكل قوة وثبات، وكشف مؤامرات الأعداء من أمريكا وإسرائيل وأدواتهم من دول الخليج على مستوى اليمن والمنطقة ككل.

وتستمر صعدة التاريخ في العطاء، ويستمر اليمنيون في الصمود في وجه العدوان مهما كانت التحديات والأخطار، وهيهات من اليمانيين الذلة.