الخبر وما وراء الخبر

أنت منيِّ بمنزلة هارون من موسى

9

بقلم// أم وهيب المتوكل

لا أدري كيف أبدأ لملمت الحروف هذه التي تنهل من معين آل بيت المصطفى ، فلا تستطيع الحروف ، ولا الكلمات أن تعبِّر عما يخالج النفس من مشاعر وأحاسيس وعما يعتري القلب من انفعالات ،وعما يجري على الخاطر من ذكرياتٍ محفورةٍ فيه، لا تمحوها الأيامُ، ولا تعود عليها عوادي الزمان ، فسقى الله أياماً سُعدنا فيها بالالتحاق في هذه المسيرة القرآنية ونهلنا من معين معرفة شخصية ومسيرة الرسالة الإلهية، لخاتم الأنبياء – صلوات الله عليه وعلى آله وسلم- ووردنا نبع الاخوة الإيمانية التي تصدرت في انبياء الله وخاصة عباده المؤمنين .

أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلاَّ أنه لا نبي بعدي ، فالذي أصيب في ذلك الاستهداف الغادر، هو من له المنزلة، من له هذه المرتبة التي هي المرتبة الثانية بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، في مقامه الإيماني العظيم، وكماله الإيماني العظيم في منزلته عند الله سبحانه وتعالى ،في دوره العظيم في نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومؤازرته ، وفي العمل على إقامة الإسلام وفي الجهاد في سبيل الله وفي التصدي لكل أعداء الإسلام الذين حاربوه في عصر الرسالة الاول، في كل ما يتعلق بمسيرة الإسلام وأيضاً في طبيعة دوره في الأمة، فيما بعد وفاة رسول الله وامتداد المسيرة الإسلامية وفق أصالتها.

علي – عليه السلام- في دوره الكبير فيما يتعلق بالرسالة الإلهية، وهو : وزير رسول الله، ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى) هو المؤازر إلا أنه لا نبي بعدي، ليس بنبي هو وصي ،وصي رسول الله،هو أمام المتقين وسيد الوصيين وأمير المؤمنين ،هو ولي المؤمنين : لقوله تعالى ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) في هذا الدور المهم الذي يمثل امتداد الرسالة الإلهية بكل أصالتها ونقائها وصفائها ، ومن دون الشوائب التي سعت حركة النفاق إلى أن تلوثها بها؛ حتى تشوّه الإسلام وتحرف معالمه، ندرك من خلال ذلك كله فظاعة ما حدث، شناعة ذلك الاستهداف، آثاره السيئة وما يمثله من جريمةٍ كبيرةٍ جدًّا.

الإمام علي النموذج الشاهد لعظمة الإسلام ومنهجه الحق ! إضافةً إلى ذلك ، كان تكامله الإيماني الذي جمع فيه بين الاستبسال في سبيل الله والجهاد العظيم في سبيل الله ،والشجاعة الخارقة في نصرة الإسلام مع كماله في بقية المواصفات الإيمانية : رحمته بالمستضعفين تواضعه للمؤمنين ، فيما يتعلق بالجانب الإنساني في رحمته بالناس ،فيما يتعلق بكماله العلمي فيما يتعلق بحكمتة بتدبيره ، كان يجسد الشخصية المسلمة المتكاملة من كل الجوانب والأبعاد بكل المواصفات اللازمة ؛ ولذلك هو بقدر ما كان يحمله من استبسال وتفان في سبيل الله ، وتحرك جاد يحمل البصيرة ،يحمل أعلى مستويات الوعي ، هو الأُذُنُ الواعية هو باب مدينة العلم ،وكذلك هو باب دار الحكمة هو الذي كان يحمل الحكمة والعلم ، كان مستنيراً بنور الله سبحانه وتعالى .

هكذا عندما نعي كلمة أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، نحب عليًّا المحبة الصادقة، نقتدي به ، نتأثر به نستفيد منه ، يكون لمحبته تلك الأثر الكبير في أنفسنا ونحن نتأثر بما كان عليه ، بما جسده من أخلاق وقيم الإسلام والقرآن، – أفي سلامةٍ من ديني ؟- .

ثم عندما أصيب أيضأ قال كلمته الشهيرة : ( فزت ورب الكعبة) ؛ لأنه يرى المنهجية التي سار عليها في حياته منهجيةً يفوز من يسير عليها.

فنحن في ظل التحديات التي نواجهها من الطغاة والمستكبرين والمنافقين والمذبذبين ، عندما نقتبس من روحية علي ، من إيمان علي ، من وعي علي، من بصيرة علي، من نور علي؛ سنكون أقدر وأعلى في مواجهة كل التحديات ، ونصل إلى الفوز العظيم ؛ لأنها منهجيةُ يفوز من يسير عليها .