لماذا الرئيس الشهيد الصماد خالداً في قلوب الجميع؟.
بقلم// علي عبد الرحمن الموشكي
دعونا نستذكر سوياً، هذا العبد الصالح الذي أصبح رئيساً شهيداً، كأول رئيس مجاهد وكيف ما زالت بصماته في كُـلّ أرجاء الدولة المدنية الحديثة، هذا الرجل عاش مكافحاً مجاهداً ترعرع وتعلم في مدرسة آل البيت (عليهم السلام)، سعى في مناكب الحياة بوعي قرآني وبصيرة تفوق كُـلّ البصائر ويفوق كُـلّ عقول ذويه، فدائماً تراه عسكريًّا ودائماً تراه سياسيًّا ودائماً تراه اقتصاديًّا ودائماً تراه اجتماعياً ودائماً تراه ينبوعًا قرآنيًّا لا يفارق كتابَ الله والإتيان بآية تجسد موقفًا قرآنيًّا، فقد توافقت عليه عقول السياسيين وعقول الاقتصاديين وعقول علماء الدين، لا يقبل عليه أحداً إلَّا ووافقه الرأي ولا يتحَرّك في أي عمل إلَّا وترى الجدية والجدارة وحس المسؤولية العالي في حنايا تعابيره وقسمات وجهه وبعد نظرته، يعطي أهميّة لكل شيء في كُـلّ أعماله، نشاط عال وهمة عالية وبصيرة نافذة وثقة بالله لا تنقطع لم يكن لديه صعوبات وعوائق وإشكاليات وحواجز ومخصصات وحوافز، كان لديه مخزون هائل من البدائل وتوظيف للإمْكَانيات، وفعل الكوادر وكسب الجميع وأحبه الجميع.
إن الصماد كان مدرسة من التجارب لقد مر بكافة الصعوبات والمتغيرات منذ أن انطلق مع الله وفي سبيل الله، وضع نصب عينيه رضا الله فتسهلت لديه كُـلّ الأعمال؛ لأَنَّ رضا الله يفوق كُـلّ صعوبات الحياة، ويعرف كيف كانت معاناة الأنبياء والأولياء والصادقين مع الله، يعرف أن طريق الحق ليست مفروشة بالورود ولذا لم يكن لديه أية أطماع مادية أَو مكاسب معنوية، وكان يعرف كم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويعرف أنه يؤدي أمانة تجاه أُمَّـة بإكمالها، الصماد كان يسعى برؤية عالمية بعالمية القرآن فكان يشعر أنه مسؤول ليس فقط للشعب اليمني فالطريقة التي سلكها ومواقفه التي عمل عليها كانت دروساً للعالم، في مراحل حساسة وظروف صعبة وإمْكَانيات شحيحة وعدو متربص بكل الخطوات على المستوى الدولي وعلى المستوى المحلي، منذ الوهلة الأولى كان جدول أعماله لا ينقطع ولا يتوقف ولا يؤجِّز ولا يعرف العطل والإجازات وأوقات الراحة كما يعمل البعض، كان يرتاح جِـدًّا وبشغف كبير للأعمال التي تحَرّك فيها، يعرف أن الوقت وقت عمل وقت تحَرّك وقت صدق مع الله فلم يتوان ولم يتكاسل ولم يركن إلَّا لله.
ولقد استطاع وبكل جدارة إدارة الدولة عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعياً، في ظرف حساس جِـدًّا وتكالب عالمي وأعداء في الداخل يتربصون، فكان يسد الثغرات ويبني ويؤهل وكان الإعلام لا يستطيع تغطية كُـلّ تحَرّكاته المثمرة فتراه يحضر حفل تخرج عسكري ليس فقط بالحضور فقد حشد ورتب وأعد لتلك الدفعة وتلك الدفعة وذلك المؤتمر وذلك اللقاء وذلك المشروع، يعرف كيف يحدّد الأولويات ويتحَرّك في دراستها وَدعمها وإنجازها في الوقت المحدّد وبكفاءة عالية وجدارة تفوق القائمين عليها، لا يحتاج وقتاً لكي يفهم فهو فاهم ولديه الحلول، استطاع بناء صرح صناعي وصرح سياسي وصرح اقتصادي يلبي طلبات وتطلعات هذا الشعب العظيم، فكان يقود النجاحات نحو الهدف المحدّد وينجز المشاريع نحو النجاح المرسوم والغاية المحدّدة، فكان رجل الدفاع الأول ورجل المسؤوليات وليس المسؤولية جميعها، الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية، تحَرّكه همته العالية وشعورة الدائم ويقظته العالية تجاه أعمال كثيرة ذات أهميّة، فكان يحث الجميع بأن يتحَرّكوا في كُـلّ المجالات ويوقظهم من سباتهم ويوجه طاقتهم ويعينهم في أدائها، فكان شعاره المعروف الذي يجب أن يكون شعار الجميع دائماً وأبداً (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، ما أعظمها من عبارة كانت كلها جبهات جبهة داخلية (أمنية واقتصادية وزراعية وتجارية وسياسية وإعلامية واجتماعية ودينية وصناعية) ورفد الجبهات بالمال والرجال وجبهة خارجية (صد العدوان) فكان قريباً من كلتا الجبهتين اجتماعات وزيارات ولقاءات وأعمال لا تنقطع، فتراه في زيارة إلى الجبهات القريبة والبعيدة ومتواضع جِـدًّا في طرحه، ما أجمل عبارته التي قالها في زيارة لجبهة الحدود (لمسح نعال المجاهدين أشرف من كُـلّ مناصب الدنيا).. يذيب الحواجز ويصل إلى القلوب ويرسخ مفهوم الجهاد مع الله ضد أعداء الله.. وتراه يحضر حفلاً عسكريًّا في أحد مواقع التأهيل، لا يوجد دفعة عسكرية إلَّا وكان حاضراً مهما كانت التحديات الأمنية، يرافقه نفس الرحمان ودعاء السيد القائد (يحفظه الله)، هو الشخص الوحيد الذي وصل لذروة رضا الله والقيادة القرآنية؛ لأَنَّه كان يفشل خطط دول العدوان وخيب آمال دول العدوان وسعيهم لإركاع الشعب اليمني.
أدركت دول العدوان وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل أهميّة هذا الرجل فكادت له الأعداء ودبرت الخطط والمكان ورصدت تحَرّكاته بكل عناية وبكل دقة ووظفت ضعيفي النفوس لرصدة ووضع السم في العسل، حتى يوقفوا ذلك الصمود الذي صال وجال به الصماد وعززه في قلوب الشعب.
عندما تسمع اسمه تشعر بحجم الصمود وحجم المسؤولية وتشعر بالاطمئنان والأمان قوته وبأسه يخيف الأعداء ويرعبهم فكان جبلاً من الشموخ والعزة والإباء والكرامة، لم يكن ناقصاً في وعيه وإدراكه بل كان كتلة هائلة ذابت وفشلت فيها كُـلّ تطلعات العدوان، فالصماد اجتمعت عليه القلوب وأحبه الجميع؛ لأَنَّه كان صامداً أمام خطط الأعداء، صامداً أمام خطط الشيطان ومصائده الدنيوية فلم يكن يعرف البذخ والترف والرفاهية ولم يسع لكي يستحوذ أَو يسرق أَو يصعب الأمور بل كان صمود الصماد في وجه كُـلّ الصعوبات والعوائق والإشكاليات، فكان يتحَرّك بنفسه وبإرادته يعرف أنها مسؤوليته وأمانة في عاتقه يجب أن يتحَرّك في أدائها، كان قريباً من مؤسّسات الدولة وكادرها الوظيفي ويحفزهم ويرتقي بهم ويؤهلهم قرآنياً ويأخذ بيد الجميع لسفينة النجاة ولم يقل أنه مستهدف من العدوان والرجل الثاني بل كان يتحَرّك بإخلاص، زيارات إلى الجبهات يجتمع بكل القيادات العسكرية ويرتقي بخططهم واستراتيجيتهم ويحقّق برفقتهم انتصاراً أُسطورياً يفوق كُـلّ التكتيكات العسكرية العالمية، الصماد في وقت الحصار كان يبني ويؤهل ويرتقي بالأمة.
لقد كان صريحاً جِـدًّا، فكان يقول: الذي يبني بيتاً في هذه الأيّام من المسؤولين والمعنيين في خدمة الأُمَّــة اكتبوا على جبينه سارق.. بكل صراحة بكل ثقة وبكل فخر لا يخاف.. ويقول صالح الصماد بأنه لو يستشهد غداً ما مع جهّاله أين يرقدوا.. رئيس دولة لا يملك حتى بيتاً.
نقول للمسؤولين الحاليين لقد كان الصماد نموذجاً راقياً لماذا لا نقتدي به في كُـلّ أعمالنا ونتحَرّك بإخلاص واستشعار للمسؤولية مَـا هو المانع من أن نبيع أنفسنا لله ونشتري رضوان الله وجنة عرضها السموات والأرض؟.. ونتقشف عن كُـلّ ملذات وأهواء الدنيا ونستشعر رقابة الله علينا في كُـلّ أعمالنا ومواقفنا؟.. لماذا لا نجعل رضا الله هو المطلب الوحيد الذي نعلق إليه كُـلّ آمالنا وطموحاتنا وتطلعاتنا ونعيش كما عاش الصماد رجالاً للمسؤولية ونعلم أن ليس لأنفسنا ثمن إلا الجنة؟ لا يكفينا أن نتذكر الصمَّاد ونتأسى عليه ونحزن ونذرف الدموع فقط، وداخلنا عشق للسلطة والمناصب؟! لماذا لا نتحَرّك بجد وإخلاص ونترك الجزاء والثناء والشكر والعرفان والتقدير من الله مَـا هو المانع؟ لماذا لا تذوب كُـلّ الصعوبات والإشكاليات في واقع أعمالنا ونتحَرّك وفق الأولويات بالمتاح والممكن ونفعل الطاقات والخبرات والكفاءات وذوي المهارات بالشكل الصحيح؟!
تساؤلات كثيرة من إيجابيات الصماد التي يفتقدها الكثير نتيجة استحواذ حب الدنيا على نفسيات الكثير.. والله من وراء القصد.. رحمك الله شهيدنا الرئيس أنت وسام فخر وعز وكرامة وصمود يعلق في هاماتنا ونعاهدك ونعاهد أعلام الهدى، بأننا سائرون على نهجك، مستعينون بالله في ذلك، وستكونُ نصبَ أعيننا في كُـلّ مسؤولياتنا الجهادية على مستوى الجبهة الداخلية والخارجية.