الخبر وما وراء الخبر

الإمارات تؤسس لاستيطان الصهاينة مجددا في المنطقة

13

تحت شعارات براقة “حسن النية” و”التعايش” و”الحوار” تستمر الإمارات في تسهيل الطريق لليهود الصهاينة للتواجد في المنطقة وهو الأمر الذي يجعل من هذه الدولة المارقة طريق عبور للصهاينة للاستيطان مجددا في الجزيرة العربية بعد قرون من إجلائهم والخاسر الأكبر في معادلة التطبيع هم العرب والقضية الفلسطينية.

وفي الوقت الذي تدنس فيه المقدسات الإسلامية من قبل الصهاينة في الأرضي الفلسطينية المحتلة وتهدم المساجد وتستباح باحات المسجد الأقصى المبارك في القدس الشريف افتُتح في العاصمة الإماراتية أبو ظبي كنيس يهودي مؤخرا تحت ما اسمي “بيت العائلة الإبراهيمية” وهو الأول من نوعه في هذه الدولة.

ويدعي مسؤولو الإمارات أن المركز سيكون منبرا للتعلم والحوار ونموذجا للتعايش”، والكنيس اليهودي الآخر الوحيد في المنطقة يقع في البحرين التي تضم يهودا.

وبعد هذه الخطوة الممقوتة في العالم العربي والإسلامي توالت اشادات اليهود الصهاينة بافتتاح الإمارات كنيس أخر في المنطقة.

وقالت الجماعات اليهودية في الإمارات في بيان “نحن متحمسون بشكل خاص لرؤية كنيس يهودي آخر بني في دول مجلس التعاون الخليجي.. هناك شيء مميز جدا حول كنيس يهودي يجري بناؤه في دولة مسلمة”.

ورغم اقترافها جرائم حرب كبيرة في اليمن، يعتقد المراقبون، أن الإمارات تحاول من خلال هذه الخطوة رسم صورة حسنة لنفسها على أَّنها حاضنة للتعايش والحوار بين الإديان وداعية للسلام، والدولة المزدانة بناطحات السحاب، والمليئة بالشركات العالمية التي اتخذت من مدنها مراكز عمل إقليمية ودولية.

وفي 13 أغسطس 2020 أعلن التطبيع بين الكيان الصهيوني والإمارات برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وجاء التطبيع السافر بين الإمارات وكيان العدو الصهيوني ليخلق واقعاً اجتماعيا واقتصاديا جديدا في المنطقة يسعى الكيان الغاصب لاستغلاله والاستيطان من جديد في المنطقة والسيطرة على قطاعاتها الاقتصادية.

وفي خطوة أخرى سابقة تبين المدى الذي ذهبت اليه الإمارات فتحت أبو ظبي بتطبيعها مع كيان العدو الصهيوني خزائن الخليج أيضا أمام بنوك الكيان المحتل الذي سارع لابرام اتفاقات مع بنوك إماراتية للدخول في شراكات ومشروعات مشتركة.

ووقع بنك “لئومي” الصهيوني مذكرتي تفاهم مع كل من “بنك أبوظبي الأول”، و”بنك الإمارات دبي الوطني”، الأكبر في البلاد، دون مزيد من التفاصيل.

كما جرت مباحثات بين الصهاينة وجهات وشركات اقتصادية في دبي لبحث سبل التعاون والتطبيع الاقتصادي بين قطاع الأعمال في كيان العدو الصهيوني والإمارات لغرض بدء استثمارات في الكيان ومنها شركة “يسرائير” للطيران الذي يتوقع أن يغير الاتفاق خريطة السياحة الوافدة إلى الكيان الصهيوني ومجموعة فيفلا، أفي زئيفي، الذي يأمل بأن يكون التطبيع مع الإمارات جسرا للوصول لأسواق إسلامية كبيرة مثل أفغانستان وباكستان وشركة فوكس الصهيونية التي تعمل مع الإمارات منذ عدة سنوات، لكنه يصدر منتجاته عبر دولة ثالثة وبدون وضع الماركة للشركة.

وضمن خطوات التطبيع وقع بنك “الإمارات دبي الوطني”، أكبر بنك في دبي، مذكرة تفاهم مع بنك “هبوعليم” الصهيوني، بعد قيام الإمارات والكيان بتطبيع العلاقات بينهما.

وتعزز الإمارات خطوات التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر تعزيز الشراكات في العديد من المجالات ورفع سقف التبادل التجاري بين الطرفين ليصل إلى نحو أربعة مليارات دولار سنويا.

وسارع وزير مخابرات كيان العدو الصهيوني إيلي كوهين حينها، في تصريحاته لإذاعة ريشت بيت الصهيونية.. قائلا: “في غضون ثلاثة إلى خمسة أعوام، سيصل حجم التجارة بين “إسرائيل” والإمارات إلى أربعة مليارات دولار”.

وقال متحدث باسم كوهين، وهو وزير اقتصاد سابق: إن الرقم الذي ذكره للتجارة السنوية ويشمل التجارة في معدات الدفاع.

وقد شهدت السنوات الأخيرة تلاقي كبيرا بين الجانبين.. ففي العام 2018، زارت وزيرة الثقافة والسياحة الصهيونية، ميري ريغيف، رياضيين صهاينة شاركوا في بطولة لرياضة الجودو نظمها الاتحاد الدولي للعبة في مدينة أبو ظبي، ورفع الوفد الصهيوني العلم خلال مشاركتهم في البطولة.

وفي العام نفسه، ألقى وزير الاتصالات الصهيوني السابق أيوب كرا في دبي كلمة في مؤتمر “المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات”، الذي أقيم تحت رعاية محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي ورئيس الحكومة الإماراتية في شهر أكتوبر.

وفي أغسطس من 2019، نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية خبراً خاصاً كشفت فيه عن صفقة بقيمة ثلاثة مليارات دولار أبرمت بين الإمارات وكيان العدو الصهيوني، للحصول على خدمات أمنية واستخباراتية وتجسسية من الأخيرة.

وبعد شهرين ، نشرت الصحيفة نفسها خبراً يكشف عن عرض شركة أمنية إماراتية على ضباط سابقين في الاستخبارات الصهيونية العمل لديها برواتب ضخمة تصل إلى مليون دولار سنوياً.

ومع قرب نهاية العام ، كانت خارجية الكيان الصهيوني تعلن في ديسمبر عن تلقي الكيان المحتل تهنئة رسمية من الإمارات بمناسبة عيد حانوكا اليهودي، وتكشف عن إشعال أبناء الجالية اليهودية في إمارة دبي الشمعة الثامنة والأخيرة لهذا العيد.

ولم تكتفِ الوزارة بذلك، بل أكّدت في الشهر نفسه زيارة سرية قام بها وفد رسمي صهيوني لتوقيع اتفاق رسميً بشأن مشاركة الكيان الصهيوني في معرض “إكسبو 2020” الذي تستضيفه الإمارات.

ربما توجد علاقات اقتصادية عديدة أخري خلال الفترات الماضية، ولكن المؤكد أن هذه العلاقات كانت التمهيد لإعلان التطبيع السافر، الذي أقر كل المراقبين بأن فوائده السياسية والاقتصادية الكبرى ستعود على الجانب الصهيوني.

والاستنتاج المؤكد أن كيان العدو الصهيوني هو الرابح الأكبر، ويؤكد السرد السابق لتطور تلك العلاقات، والتي لم يُلاحَظ من خلالها إلا بيع منتجات الكيان الصهيوني للإمارات، وهي منتجات كان من الممكن للإمارات الحصول عليها من العديد من الدول بخلاف الكيان الغاصب، هذا بخلاف المساندة المالية الإماراتية المباشرة، في حين اختفت تماما أي استفادة مالية إماراتية حتى الآن.

ولن تتوقف مكاسب الكيان الصهيوني عند حدود الإمارات الجغرافية، بل ستتوغل كياناته الاقتصادية تحت أسماء شركات تؤسس في الإمارات إلى كامل الدول العربية، وربما العديد من الدول الإسلامية.

وتراهن الإمارات من خلال اتفاقية التطبيع على الحصول على أسلحة وعلى مكاسب أمنية من الأمريكيين والصهاينة والحماية لها.

وبحسب المراقبين خطوات الإمارات تلك مع كيان العدو الصهيوني لا تبدو من ناحية الأمن القومي بالغة الذكاء، فقد اخترعت لنفسها عداءً مع غالبية الشعوب العربية والإسلامية من ناحية، ومع إيران المتاخمة لها من ناحية ثانية ومع الفلسطينيين من ناحية أخرى.